عندما تتيقن أنك وجدت الأجوبة...تتغير الأسئلة.
تجاوزت الساعة العاشرة مساءً، الأجواء متوترة، والوسط مبعثر، قطع الزجاج المهمشة مبعثرة هنا وهناك..الكثير من الوجوه الغير مألوفة، كل هذا حدث في طرفة عين.
عاد له عقله فجأة واستوعب أين هو عندما سمع أحدهم يهتف باسمه :
"طيب يا..بشمهندس عمر، الأستاذ بيقول إن أنت إللي كنت ماشي بسرعة وهو بيعدي من الملف خبطت فيه، عندك حاجة عاوز تقولها؟ "
ترك الضابط بطاقة الهوية الخاصة به على الطاولة ثم شبك يديه معاً يعيره كامل اهتمامه.
أنه الآن في مركز الشرطة بعدما قدم أحدهم بلاغ بحادث مروري.
"حضرتك أنا كنت ماشي بسرعة منتظمة ورابط الحزام أنا وزوجتي والرادار مسجل ده، وتقدر تراجع عربيتي وتتأكد بنفسك، بالنسبة لإدعاء الأستاذ إني خبطه وهو بيعدي الملف فده غير صحيح أبداً، الملف كان لسه عليه حوالي 100 متر، ثم إن ده طريق رايح بس فهو هيلف يروح فين ومفيش طريق جانبي أصلا! حضرته شغل نور العربية على كله وسلطه في عنينا وصدمني بشكل مباشر ومتعمد مش عن طريق الخطأ ولا حاجة، ولولا الوسائد الهوائية كان زمانهم بيصلوا عليا أنا ومراتي الوقتي "
إجابته مقنعة وواثقة، كما أن الضابط لم يحتج لمراجعة هذا الأشياء فقد قام بالمعانية قبل التحقيق، لكن كان عليهما الإدلاء بالإفادة، فصاح الآخر معترضاً بنبرة وقحة:
"لأ أنا أديته إشارة يفضي اليمين عشان أعدي وهو إللي كمل في الطريق، حضرتك أنا عاوزة أفتح محضر وعاوز حقي "
إغتاظ عمر من وقاحته وإصراره على الإنكار، فصاح به بعدما فقد هدوئه:
"حق إيه يا أبو حق أنت، ماشي في طريق عكس وعرضت حياة خمسين بني آدم للخطر وعملت حادثة وبهدلتلي عربيتي وكنت هتموتني أنا ومراتي لولا ستر ربنا ولسه ليك عين تبجح وتقول ليك حق؟ حضرتك أنا اللي بطلب أعمل محضر وأثبت حالة ومش هسكت إلا ما الأفندي ده يتحاسب "
"بس أنت وهو مش عاوز أسمع صوت حد فيكم "
هتف الضابط ثم نادى على أحد العساكر وقال :
"خدهم يا أبني على الحبس الأتنين وبكرة يتعرضوا على النيابة "
صدم عمر من رد الضابط ولم يتوقع أن يتساوى مع هذا المجرم الذي كاد يقتله، رغم أن جميع الأدلة تدينه.
كانت ميرال تجلس في الخارج أمام الغرفة والقلق يغمرها، حتى خرج لها يجره أحد العساكر والآخر يتم جره بواسطة عسكري آخر، فركضت له تهتف في قلق:
"عملت إيه يا عمر؟ والضابط ده واخدك فين؟ "
تنهد عمر بثقل وقال :
"متخافيش يا ميرال، روحتي أنتِ ومتقلقيش عليا..كلمي قاسم أو طارق يجي ياخدك متروحيش لوحدك تمام؟ وقولي لقاسم يجي القسم بدري وفهميه الحوار كله "
YOU ARE READING
قواعد الكِتمان (الدخلاء 2)
Poetryحان وقت إكمال ما توقفنا عنده، رحلة لا تزال في بدايتها.. ستضحك..ستبكي..ستؤلمك قصة أحدهم، ستتعاطف مع آخر. لكن في النهاية ستحزن على فراقهم جميعاً. في بعض الأحيان تكون إرهاقات الفراق أسوأ من الفراق نفسه، عندما تشعر بثقل الحديث حتى يقل مع الشخص الذي كان...
