الفصل الثاني: العودة إلى الجذور

23 6 0
                                    


وصلت سيارة الأسرة إلى القرية بعد رحلة طويلة، وأحاط بها الأهل والأصدقاء مرحبين بعودتهم. نزلت نيروز وإخوتها من السيارة وهم يتنفسون الهواء النقي، مبتسمين لرؤية الوجوه المألوفة. كان بيت العائلة يقع في حارة كبيرة، تملؤها الحياة والأنشطة. كان بيتًا قديمًا، ولكن كل زاوية فيه تحمل ذكريات وقصصًا عن الماضي.

جنات ورحيق ومحمد، أبناء عمهم، كانوا ينتظرونهم بلهفة أمام البيت. جنات، الفتاة الهادئة واللطيفة، كانت تدرس في المرحلة الثانوية، بينما رحيق كانت في نفس عمر نيروز، ومحمد كان يكبرها بسنة واحدة. كان اللقاء مليئًا بالعناق والضحك، وتبادل القصص عن الأيام التي مرت منذ آخر مرة اجتمعوا فيها.

داخل البيت، كانت الأجواء مليئة بالحيوية والنشاط. الأمهات يتبادلن الأحاديث في المطبخ، ويجهزن الأطعمة اللذيذة، بينما الأطفال يركضون ويلعبون في كل مكان. نيروز كانت تتطلع للعب مع أصدقائها في الحارة، حيث تعرفت على مجموعة من الفتيات اللاتي كن يشاركنها نفس الشغف بالألعاب والقصص.

كانت نيروز تنتظر بفارغ الصبر أن تسمح لها والدها بالانضمام إلى صديقاتها في اللعب. لكن أحمد كان له قوانينه الصارمة. فقد كان محددًا لأوقات اللعب، ولم يكن يسمح لنيروز بالابتعاد كثيرًا عن البيت أو اللعب مع الأولاد في الشارع. كانت نيروز تشعر أحيانًا بأن هذه القيود تظلمها وتحرمها من الاستمتاع بطفولتها، لكنها كانت تعلم أن والدها يخاف عليها ويريد حمايتها.

في أحد الأيام، وبينما كانت نيروز تلعب مع صديقاتها في الحارة، لاحظت أن الفتيات الأخريات يذهبن لأماكن أبعد ويلعبن بحرية أكبر. كانت تراقبهن وتتمنى أن تنضم إليهن، لكنها كانت تعرف أن ذلك يعني مخالفة أوامر والدها. كانت تتمنى لو كان بإمكانها أن تخبر والدها كم هي تحب أن تلعب بحرية، ولكنها كانت تخاف من ردة فعله.

في تلك اللحظات، كانت نيروز تحلم باليوم الذي ستتمكن فيه من الخروج إلى العالم واكتشافه بنفسها. كانت تأمل أن يأتي يوم تتمكن فيه من كسر قيود الخوف والرقابة، وتعيش حياتها كما تشاء.

مع مرور الأيام، كانت نيروز تستمتع بوقتها في القرية، على الرغم من القيود. كانت تجلس مع جدتها وتستمع إلى القصص القديمة، وتتعلم منها حكم الحياة. كانت تجد في تلك القصص ملاذًا يعوضها عن بعض ما تشعر به من قيد.

عندما حان وقت العودة إلى مدينة العاشر من رمضان، كان الوداع مليئًا بالمشاعر المختلطة. فقد كانت نيروز تشعر بالراحة في القرية، ولكنها كانت تعلم أن عليها العودة إلى حياتها في المدينة. عانقت جنات ورحيق، ووعدتهما بالعودة قريبًا.

في طريق العودة، كانت نيروز تجلس في السيارة وتفكر في الأيام التي قضتها في القرية. كانت تتساءل عن المستقبل وما يخبئه لها. كانت تعرف أن الأيام القادمة ستحمل معها تحديات جديدة، لكنها كانت مصممة على مواجهتها بروح قوية وأمل كبير.

~~~~~~~~~~~~~~~~~
مع اطيب التحيات
دنيا كمال

 "بين قيود وأجنحة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن