الفصل الثاني : حصة تعارف

40 14 21
                                    

وصلت إلى المنزل وبشكل متوقع من طرف شخص ذي تفكير سليم وصلت بخير ولم أتعرض لطعنة مباغتة من طرف ظل مجهول من البعد التالي.
الآن و بعد تفكير لا أجد السبب الذي يجعل أحد يحقد عليّ لدرجة أن يترصدني أو السبب الذي يدفع أحد ما حتى يحبني لدرجة ملاحقتي في الأرجاء.

وضعت حقيبتي و ذهبت مباشرة للاستحمام خوفا من ضربة الشمس وبعد فراغي من الانتعاش توجهت نحو المطبخ بينما الساعة تقارب الرابعة عصرا أفَتِّش هنا وهناك عن شيء ما أسدُّ بيه الجوع ولا أجد
"أمي ، هل من شيء لأكله؟"
"هناك بعض الحلوى في آخر رف في الثلاجة،خذي البعض و أخفيها جيدا،حضّرتها كي نأخذها معنا إلى الريف"
وصلني تردد صوتها من غرفتها في الطابق العلوي.
ماذا قالت؟ الريف! هل من الممكن أنا ذاهبون إلى بيت جدّي بعد انقطاع دام سنوات!
بعد أن استجمعت أفكاري تقدمت نحو الدرج وسألتها بصوت مرتفع كي تسمعني "سوف نزور بيت جدي؟"
"أجل!"

قمت بتحضير مشروب بارد وأخذت بعض الحلوى وصعدت إلى الطابق العلوي متوجِهة نحو غرفة أمي كي أواصل سيل الأسئلة
"لماذا فجأة؟"
"ما الذي تعنيه بفجأة؟ كل الناس تزور عائلتها في الصيف وجدك هو من دعانا إلى منزله"
"أنا أيضا اشتقت إلى جدّي كثيرا،لم أره منذ آخر صيف قبل أن حلّ الوباء"
قلت آخر عبارة و هممت بالخروج حينما أضافت أمي "أريدك أن تقومي بترتيب كتبك و أغراضك الموجودة في العليّة قبل أن نذهب،سنقضي عطلة طويلة ولا نريد أن نجد مستعمرة فئران في منزلنا حين عودتنا"
همهمت موافقة،أُقِرُّ أنني أخلِّف بعض فتات البسكويت دون أن انتبه حينما أكون مشغولة بقراءة الكتب في العليّة،انها تشعرني بالحميمة كونها مكان ضيق و سقفها المنخفض يشعرني كأنني أنا سيدة المكان.

أجلس في غرفتي و قد حان الوقت لأعرفك على نفسي،أدعى ليليان،طالبة طب بالكاد أتممت نصف الرحلة،عن قريب سأُتِمُ السادسة و عشرين شتاءً في هاذ العالم،يقال لي أنّ ملامحي طفولية و أظن السبب هو كون جسدي أراد خلق بعض التوازن بسبب روحي العجوز البالية،أو ربما بسبب قضائي الكثير من الوقت مع الأطفال فصُبغت ببعض صفاتهم،و لكن من وجهة نظري أرى نفسي فتاة عادية،عيناي سوداوتان مثل لون شعري الطويل،أنفي صغير يناسب حجم وجهي المستدير.
أما عن طولي فأنا قصيرة بشكل نسبي و لكن طولي عادي مقارنة بأقراني،و في ما يخص وزني فهو يتناسب و طولي.

أما عن تفضيلاتي فأنا أحب المطالعة وقت الفراغ،كلُ ماكُتِب أقرأه،أذكر أنني حينما تعلمت تهجئة الحروف قرأت كل لافتة صادفتها في طريقي و كل خبر في الجريدة،ولدت بطفرة منحتني نهما و شرها للقراءة،و أيضا أحب الخوارق و أحب كل مايتعلق بالعالم الآخر،يستهويني الغموض و قلة المعرفة التي تغلِّف الأشياء التي لا تُدرك بالحواس الخمس.
أما عن الأشياء التي لا أحبذها فسأذكر الغباء،ان كان هناك شيء يدفعني للجنون فسيكون غباء الغبي الذي يظن نفسه عالم زمانه و يصرُّ على فكرته و يناقش الآخرين كي يثبت أنهم على خطأ لا لكي يسمو كلا الطرفين بمعرفة جديدة.
و أكثر ما أخشاه هو الأماكن الواسعة و الظلام القاتم،لأنني أفتقد للأمان حينما لا أجد ما أسند عليه ظهري،و لطالما قمت أرتجف من حلم رأيت فيه نفسي أظهر فجأة في وسط الكون الفسيح و الكواكب أبعد مني بسنوات ضوئية أو أسقط في وسط المحيط في منتصف الليل و أترقب اللحظة التي يظهر فيها حوت ضخم أسفلي ليلتهمني،حتى و أنا أتخيل الأمر أشعر بخذر في ساقاي و لا أقوى على تحريكهما لهذا سأغير الموضوع و أتحدث عن عائلتي، لدي أخت وحيدة 'ميليسا' تكبرني ب 5 سنوات  أكملت دراسة الصيدلة و الآن هي تعمل في شركة لتطوير الدواء تظن نفسها جابر بن حيان و لا ألومها على ذلك فهي فعلا عبقرية في ما يخص صنع الوصفات السحرية انطلاقا من مواد أولية كالأعشاب.

تأثير الفراشةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن