[كُل خطٍ يحمِلُ قِصّةَ ألَمٍ مُخْتلفةٍ.]CHAP 01

16 2 0
                                    

--->

كانت الشمس تغرب ببطء خلف الأفق، كأنها تودع يومًا آخر من حياتها الكئيبة. جالسة في غرفتها الصغيرة، تلك الزاوية الوحيدة التي كانت تمنحها بعض الشعور بالأمان، كانت فارينا، الفتاة ذات العشرين عامًا، تحدق في الجدران المليئة بالذكريات الحزينة. صوت صراخ والديها كان يتردد في أرجاء المنزل، كأنه شريط مسجل لا نهاية له.

منذ طفولتها، كانت تشعر بأنها غريبة في عالمها. والدها، الذي كان يحمل قلبًا مليئًا بالكراهية والعنصرية، لم يخفِ يومًا تفضيله لشقيقتها . أما والدتها، فكانت تتنقل بين لحظات العطف القليلة ولحظات القسوة المتكررة، وكأنها تبحث عن توازن مفقود في حياتها.

في المدرسة، كل يوم تعيش كابوسًا آخر. الطلاب لم يوفروا أي فرصة لتوجيه الإساءة والتنمر نحوها. كانت الممرات الطويلة للفصول الدراسية أشبه بمتاهة من الأوجاع، حيث كانت تجد نفسها وحيدة، معزولة، وكأنها تائهة في بحر من الظلام.

..... تمشي في الممرات الطويلة للمدرسة

و عيناها موجهتان نحو الأرض، تحاول أن تتجنب النظرات المليئة بالسخرية والتعنيف. كان الطلاب يجتمعون في مجموعات صغيرة، يهمسون ويضحكون، وأحيانًا يتجرؤون على إطلاق تعليقات جارحة بصوت عالٍ.








في يوم من الأيام، وبينما كانت تحاول الوصول إلى فصلها، اعترضتها مجموعة من الطلاب الذين اعتادوا التنمر عليها. كان زعيم المجموعة، كاي، شابًا طويل القامة بعينين مليئتين بالشر، نظر إليها بابتسامة ساخرة وقال، "أهلاً بكِ يا فاشلة، هل أحضرتِ معنا اليوم عذرًا جديدًا لعدم أداء واجباتك؟"

حاولت فارينا تجاهله والمضي قدمًا، لكن كاي لم يكن ليدعها تمر بسهولة. ألقى حقيبتها على الأرض بعنف، مما أدى إلى تناثر كتبها وأوراقها في كل مكان. ضحك الجميع بصوت عالٍ، وكأنهم يشاهدون عرضًا كوميديًا.

بينما كانت تجمع كتبها وأوراقها بسرعة، شعرت بدموع الخجل والغضب تملأ عينيها. لكن قبل أن تتمكن من النهوض، دفعها كاي بقوة، مما جعلها تسقط على الأرض مرة أخرى. "أنتِ لا تستحقين أن تكوني هنا، لماذا لا تعودين

إلى مكانك الطبيعي؟" قال بسخرية، وأضاف، "آه، نسيت، لا يوجد مكان يناسبكِ سوى القمامة."كانت الكلمات تجرح قلبها بعمق. لم تستطع الرد، فقط وقفت بصعوبة وهي تحمل حقيبتها المتناثرة، وحاولت العودة إلى فصلها. كان الجميع يضحكون، وكأنهم يشاركون في مهرجان من الكراهية.عندما دخلت إلى الفصل، كانت الأنظار كلها موجهة نحوها. شعرت بوجوههم المليئة بالحكم والازدراء، وكأنها مخلوق غريب دخل إلى عالمهم المثالي. جلست في مقعدها الخلفي، محاولة أن تختبئ من كل هذه الأنظار، لكن الألم كان يتغلغل في قلبها، يجعلها تشعر بأنها عالقة في دوامة لا نهاية لها من الكراهية والعزلة.وفي تلك اللحظة، عادت أفكارها السوداوية لتطاردها من جديد. كانت تفكر في الشفرات التي تخبئها في حقيبتها، تتمنى لو كانت تستطيع أن تهرب من هذا الكابوس ولو للحظات قليلة. لكنها كانت تعلم أن الهروب ليس الحل، وأنها مضطرة لمواجهة هذا العالم القاسي كل يوم، دون أن تجد مخرجًا من هذا الألم المستمر




THE MACHINEحيث تعيش القصص. اكتشف الآن