|𝕮𝖍𝖆𝖕𝖙𝖊𝖗 𝕀𝕀𝕀 : آل دي نوفيتشوك|

41 6 2
                                    






الفقدان و التغيير..كلاهما كتلك الشظايا المنتشرة, تجرح و تقطع و تقتل.

.


.


.


.




سرعان ما اختفت صدمة ايرلان و نظرت بتوتر له و همست

''هل أنتَ أحد أعداء والداي-''

قبل أن تكمل ايرلان كلامها انقطعت أنفاسها بيد لوسيفر التي استقرت على فمها محطمةََ فكها بين أصابع يديه القاسية,
أمسكت ايرلان بيده بينما بدأت الدموع في الانحصار داخل عينيها المرتعبة بسبب الألم الذي صعقها..أمسكت معصمه بكلتا يديها بيأس و لكنها تجمدت حين رأت تلك النظرة في عينيه., عيناه اللتان تحترقان بغضب عظيم و شفاهه المطبقة بإزدراء ليسحبها من فكها اليه و يهمس في أذنها..

''والداك؟ هه لا تكوني ساذجة يا ملاكيَّ الصغيرة..انهما أنجس و ألعن من أن يلدا ملاكََا طاهرََا مثلكِ..''

هربت دمعة من عين ايرلان و هي تحاول الإفلات من قبضته, لكنه قبض بشكل أكبر على فكها كأنه يحاول تحطيم وجهها في يده الضخمة

''لا تكرريها..''

قال ذلك و هو يطلق سراحها لتسقط أرضََا تتنفس بثقل و هي تتحسس فكها الذي انتشر فيه الخدر, أما هو فنظر اليها قليلًا بعدها أدار ظهره و بدأ يشمي بعيدًا

''هذا ليس آخر لقاءِِ لنا ايرلان..سأراكِ في الوقت المناسب''

لاحقت عينا ايرلان المحمرتان لوسيفر الذي إختفى عن ناظريها لتبقى جالسةََ ارضََا و هي تحاول استيعاب ما جرى للتو..

وقفت ايرلان بعد فترة سرحان قصيرة و نفضت ملابسها عن الغبار المتراكم عليها و قررت العودة للمنزل فورََا لإخبار شقيقها عن لقائها الغير سار بشيطان روسيا.


.


.


.


.


.


. . .

تنهد عميق يكسر جدران الصمت الذي تخلل الأجواء..
أمسكَ بمطرقةِِ دامية بين أنامله النحيلة و نظر من وراء قناعه نحو الرجل الذي يجلس مكبلََا أمامه بأعين مرتعبةِِ مفتوحةِِ على مصرعيهما, العرق يتسابق على جبينه و أطرافه ترتعش..ليس من رؤية جثث رفاقه ذوي الرؤوس المشوهةِ أو المتفجرة أو من أدمغتهم المتناثرة, بل من عجزه عن رؤية ملامح الواقف أمامه, عجزه عن قراءة وجهه و رؤية انعكاسه في عينيه,إن القناع على وجه حامل المطرقة كالجدار الذي يحجب مصيره و يعجزه من إتخاذ قرار يجعله يعيش لدقائق إضافية..أفكاره إنحصرت داخل رأسه تلتهم كل خيار منطقي في عقله لتتركه مشلولََا كأنه ذبابة و قد علقت في شبكة عنكبوت محكمة النسج.


''إذََا..هل ستخبرني بكل شيءِِ الآن؟'' 

قال صاحب القناع بصوت خافت و ثابت كفحيح الأفعى لينتفض الرجل من مكانه و يثبت عينيه المحمرة على المطرقة الدامية آخذََا نفسََا عميقًا قبل أن يهمس أخيرًا بصوت مرتجف محاولًا اعادة صوته لحلقه و ترتيب الكلمات على طرف لسانه قبل فوات الأوان
''ماذا..ماذا تعني..؟''

قبل أن يستوعب الرجل سؤاله هبطت المطرقة على يده محطمتًا أصابعه مما جعله يصرخ بهيستيرية

''هذه ليست الإجابة الصحيحة..''

قال صاحب القناع بهدوء بينما يراقب الرجل بصمت منتظرََا اجابة ترضيه لكن الرجل بقي يصرخ من هول الألم فما كان من صاحب القناع إلا إسكاته بضربة في نصف وجهه..رفع المطرقة تحت أنظار المرعوب أمامه و قبل ان يضرب مجددََا قاطعه صوت رنين هاتفه, رمى المطرقة جانبََا و أمسك بهاتفه بينما يخلع احد قفازيه و يحرك سبابته لشفتيه مشيرََا للرجل بأن يصمت.

''مرحبََا؟''

''كلاون؟ هل إنتهيت من لهوك أم لا؟ أحتاجك لأن تعود لقصر السيد دي نوفيتشوك حالََا انه ينتظرك''

سرعان ما سمع كلاون صوت الرجل القادم من وراء السماعة حتى أطلق تنهيدةََ ساخطة جالسًا في على أرجل الرجل الذي كان يعذبه للتو

'' إسمع, ليس الأمر أنني اتجاهل الأوامر او شيئََا كهذا لكن عن أي دي نوفيتشوك نتحدث؟ ف لحسن حظي لا أعرف واحدََا او إثنين بل كل العائلة ''

أجاب الرجل المدعو فرانسيس ببرود مختلط بإزدراءِِ و سخط

''لا تبدأ التصرف كمهرجِِ الآن إن الأمر مهم''

كتم كلاون ضحكته و قال بمرح

''لكنني مهرج يا فرانسيس~ إن حس الدعابة يرافقني كروحي''

استطاع كلاون سماع فرانسيس يصفع جبهته براحة يده من على الجانب الآخر من الخط 

''إن لم تحضر الليلة لن تكون هنالك روح باقية في جسدك لترافقها  دعاباتك التافهة''

قبل ان يستطيع كلاون الرد أغلق فرانسيس الخط في وجهه

''ما باله و قد غضب هكذا لم أقل شيئََا حتى''

قالها كلاون و هو ينظر للرجل الذي ما زال جالسا في حضنه, لكن الرجل لم يكن حقََا مركزًا مع كلاون بسبب أصابعه المحطمة

''اوه صحيح لقد نسيت أمرك تمامََا..إسمعني لست حقََا مهتمََا بمعرفة ما تنوون عليه  أنتم رجال الشرطة أعني هذه وظيفتكم و أتفهم ذلك تمامََا لكن..''

نهض كلاون من حضن الرجل الذي تأوه ألمََا و أمسك بشيءِِ كان على الطاولة المجاورة

''آل دي نوفيتشوك ليسوا كما تعتقد..ليسوا مجرد مجرمين يمكن لأفراد شرطة بلهاء مثلكم الإمساك بهم و التحقيق في أمرهم..''

تمهل كلاون قبل ان يكمل و قد تغيرت نبرته بشكل كامل

''إنهم عائلة الشيطان..''

توسعت عينا الشرطي و لكنهما سقطتا أرضًا إثر ضربة قوية من المضرب الذي هشم رأسه, وضع كلاون المضرب و الأدوات جميعها في حقيبةِِ جلدية و حملها على ظهره خارجا من تلك الغرفة الممتلئة بالجثث الممزقة لرجال الشرطة..

.



.



.



.



التوتر تصاعد في الأجواء بينما ضرب رئيس المحققين في قسم أمن موسكو يده على مكتبه جاذبََا انتباه الجميع

''فرقة من عشرة رجال..لم يعد أحدٌ منهم لا حيًا و لا يوجد جثث..هل يفسر لي أحد هنا لما بحق اللعنة تمتلكون تلك الشارات المعلقة على صدوركم؟!''

ساد الصمت بين الجميع و لم يجرأ أحد على التكلم, إلا الشرطي المبتدأ الذي بدا أنه يحاول تهدئة الأوضاع و لو قليلََا

''سيدي المحقق سالفار..لقد أصر المحقق روب على أخذ رجاله و التحقيق بأمر عائلة ما و زعم أنها احدى عائلات العالم السفلي..أظن أن اختفائهم هكذا يؤكد صحه شكوكه''

نظر الجميع الى المبتدأ الذي بدا و كأنه توصل لشيء منطقي فأخذ المبتدأ ذلك كإشارة على متابعة الكلام و تابع بثقة 

''لقد قال أنه يبحث في أمر آل دي نوفيتشوك..إنهم عائلة كبيرة و ذات نفوذ ضخم و شركات في مجال الإنترنت وصناعة المنتجات الإلكترونية و تطويرها..قال السيد روب أن بعضهم يملك علاقاتِِ داخلية مع الحكومة او ربما حتى جهات أعلى من ذلك..بغض النظر عن شركاتهم التي تتوسع على نطاق ضخم في العالم..لا أستغرب كون سجلات العائلة نظيفة على الرغم من وجود شهود و قضايا بشعة استخرجها السيد روب خلال تحقيقه عنهم لكن الملفات إختفت كذلك.''

نظر الجميع نحو بعضهم البعض و كأنهم يسمعون هذه المعلومات لأول مرة, لكن رئيس المحققين, سالفار نظر نحو الشاب و قال بحزم

''علينا إيجاد نقطه وصل بين إختفاء محققينا و عائلة دي نوفيتشوك و إلا سوف يستمر هذاحتى تفسد موسكو و يبدأ فساد روسيا الذي سوف يتشعب حول العالم بسبب غضنا البصر عنهم..نحن رجال أمن و علينا الحفاظ على أمن مدينتنا كما نحافظ على أمان بيوتنا و عائلاتنا, لا أحد سوف يبيع أمان عائلته مقابل المال و السيادة او أيََا يكن ما يحرك الرؤوس الضخمة ليكونوا بجانب آل دو نوفيتشوك و يسمحون لهم بإستغلال سلطتهم و نفوذهم هكذا, علينا أن نكون أمان لموسكو و شعبها.''

هتف الجميع في القسم لكنهم حلوا هادئين حالما سمعوا صوت تصفيق قادمِِ من الخلف, حيث رافقتها أصوات اصطدام كعبِِ عالي على الأرضية, أفسح الموجودون الطريق للقادم و الذي توقف عن التصفيق واقفًا أمام المحقق سالفار و في فمه سيجارة حيث أخرجها و نفث الدخان في وجه المحقق, و قال بنبرة ساخرة

''حسنََا حسنًا..علي أن أعترف خطابك الحماسي قد أثر فيهم جميعََا لدرجةِ أنك حجبت على عقولهم شيئََا تغفلونه جميعََا''

ضاقت عينا المحقق سالفار و هو يتفحص الواقف أمامه, شعر طويل مصبوغ بضوء القمر حيث الخصلات البيضاء ملفوفة في عقدة غير مرتبة, و يده ذات وشم المثلث المقلوب تمسك بسيجارته المشتعلة بينما يده الاخرى في جيب معطفه الطويل الابيض تفحصت إحدى عينيه السوداء ملامح المحقق سالفار بينما عينه الأخرى كانت محجوبة برقعة سوداء توسطها مثلث فارغ مقلوب كذلك لكن أكثر ما أثار حيرة المحقق سالفار هو الكعب الطويل الأسود الذي لم يبدو أنه زاد من طول الواقف أمامه كثير فقط كان لا يزال ينزل رأسه قليلا لتلتقي عيناه معه, جسد صغير شعر مبعثر عين مفقودة و كعب طويل..بلا شك أنه الأسطورة ..الشاب الذي تقاعد مبكرََا لأسباب مجهولة بعد ان فقد شيئََا من عقله, المحقق {سيليبرو تورجينييف}

''منذ متى و الغزلان تقوم بإصطياد الذئاب؟''

قالها سيليبرو و هو يرمي عقب سيجارته أرضََا و يدوسها بكعبه العالي

''و منذ متى تحول مركز التحقيق لمصحة عقلية؟''

نطقها سالفار و هو ينظر بحدة في عينيّ سيليبرو الذي قال محركََا أكتافه بلا مبالاة

''أهكذا تلقي التحية على رئيس المحققين السابق؟''

''ماذا تريد؟''

قال سالفار متجاهلََا سؤال سيليبرو 

''لا أريد شيئََا يا حاميَّ موسكو سوى أن تعود لمنزلك و تحمي عائلتك..الذي يلعب في النار سيحترق في لهبها بالنهاية''

رفع سالفار حاجبه و كان على وشك قول شيءِِ ما لكن سيليبرو استوقفه قائلََا

''أترى عيني؟ لقد إقتلعها أحد أفراد تلك العائلة بعدما جعلني أشاهده يذبح أفراد عائلتي فردََا فردََا..إن ما يحركني ليس شيئََا تافهََا مثل حماية موسكو او أهلها الذين لا يعلمون من نحن حتى, بل يحركني الإنتقام..الألم الذي  تحركه نظرات الذين أحبهم و هم يُذبحون كالماشية أمامي, لذا الأفضل لك ان تترك هذا الأمر للمتقاعدين أمثالي, من لا يوجد شيئ لديهم لخسارته قبل ان تصبح مثلي يا سيد سالفار.''

كلام سيليبرو جعل سالفار معلقََا بعيون متسعة و أفكار متوقفة, حيث أدار ذو الشعر الفضي وجهه و خرج من المركز تحت أنظار الجميع المصدومة



.



.



.



.



أنزل الليل ستاره على مدينة موسكو التي لازالت تنبضِ بالحياة, حيث وقفت الحسناء على شرفة القصر و الرياح تداعب شعرها الذهبي الذي بدا أنه من أنقى قيراط خيوط الذهب..كانت تراقب المدينة بعيناها الزجاجية و الرياح تداعب بشرتها بخفة حيث كانت سارحةََ في أجواء مدينة موسكو الليلية الرومانسية..لكن سرعان ما إنقطع سرحانها بإستشعارها لشخصٍ واقفِِ ورائها, شاب طويل القائمة بشعر أسود حالك كسماء موسكو يحمل في يديه زهورََا زرقاء, تقدم بضع خطوات و وضع الزهور أمام وجه الفتاة بلا أن يلامسها و لكن الفتاة سرعان ما اخذت خطوتين للوراء و قالت بهدوء

''هل تحاول قتلي؟''

إبتسم الشاب و قال بينما يستنشق رائحة الزهور بين يديه

''ألا ترين زهور البيش جميلةً يا مارسيلا؟ إنها تعكس لون عينيكِ..''

''أجل و لو قليلََا كانت ستعكس لون روحي ما إن تغادر جسدي''

ضحك الشاب و هو يضع الزهور جانبََا و يتقدم نحو مارسيلا, مدّ يده و أمسك بخصلة من شعرها و قال وهو يقربها من أنفه

''آه يا عزيزتي..لم أكن لأسمح بتلك الزهور اللطيفة بسلبكِ مني لا تقلقي''

تنهدت الفتاة و قالت ساحبةََ شعرها للخلف

''ماذا تريد, إيميليان؟''
 
الشاب المدعو إيميليان, إعتدل في وقفته و توجه نحو باب الشرفة الزجاجي و قال و هو يفتح الباب لها

''والدنا يستدعينا..لقد حضرَ إبنه المفضل اخيرََا''

ما إن سمعت مارسيلا كلمات إيميليان حتى سارت بخطوات بطيئةِِ نحو الباب المفتوح أمامها و قالت بشيئ من الفتور

''إبنه المفضل تقول..أم تعني شيطان العائلة المتكبر؟''

هزّ إيميليان كتفيه وقال بنبرة ساخرة

''حسنََا..كُل الطرق تؤدي إلى روما''

تنهدت مارسيلا و دخلت  إلى القصر ليتبعها إيميليان و يغلق الباب و الستائر خلفهما.


.



.



.



.


في قاعة ضخمة, اجتاحت رائحة العطور المختلفةِ المكان, حيث جلس على أحد الكراسي في زاوية مضاءة رجل ذو بنية ضخمه و لحية خطّها الشيب من أطرافها, تدلى معطف الفرو الأسود على اكتافه حيث لم يمنع ذلك من إبراز بدلتهِ السوداء جالسََا بشموخ أمام رجل قريب تقريبََا من عمره, ممسكََا بين أصابعهِ المزينة بخواتم الألماس و الذهب مجموعة من أوراق اللعب حيث قام بتعديل ربطة عنقهِ الحمراء منتظرََا صاحبه ليلعب دوره

''لقد مضى وقتٌ طويل منذ أن إجتمعنا هكذا, ديميتري''

قال الرجل ذو معطف الفرو, ليطلق المدعو ديميتري ضحكة عميقة راميََا إحدى البطاقات على طاولة اللعب

''بالفعل يا ديفالوس, مضى وقتٌ طويل و الليلة أُحس أنني عدت في الزمان خمسين سنةِِ للوراء''

إبتسم ديفالوس و هو يراقب وجه ديميتري و هو يتحول من إبتسامة الى عبوس

''لم تجد الورقة التي تستطيع إنقاذك تاليََا هاه؟''

قالها ديفالوس وهو يرفع حاجبه و يبتسم بنصر, ليرميَ ديميتري بالورق الخاص به معلنََا خسارته

''أظن أنني لو عدت بالزمن مليون سنة للخلف فإني لن استطيع هزيمتك بلعبةِ الأوراق التافهةِ خاصتك''

قالها ديميتري ممازحََا بينما يخرج سيجارةً عريضةً واضعًا إياها بين شفتيه, أشعل السيجارة و أعاد نظره نحو ديفالوس و هو يعيد ظهره للخلف مطلقًا تنهيدةً مستريحة

''إني لا أرى شبلك لوسيفر في أي مكان, أين هو؟''

نظر ديفالوس حوله و قاله واضعًا إبهامه و سبابته فاركََا حاجبيه

''شبلي لم يعد شبلََا بعد اليوم فقط أصبح ثورََا هائجََا لا يعتمد عليه''

ضحك ديميتري ضحكة تخللها بعض السعال بسبب السيجارة

''لستُ أفضل منكَ حالََا فشبلي الآن يدرس في جامعة و ما زال شبلََا حتى الآن''

''اوه صحيح, كيف أحوال فايبر في صربيا؟''

''جيدة على حد علمي, يبدو أنه يتعرض لبعض التنمر من قِبل فتاة أعمل مع والدها لكنه سيكون بخير..آه قلبي العجوز لا يثلجه إلا إبنتي فيرا فأنا لا أستطيع الإعتماد إلا عليها''

تنهد ديفالوس و أجاب و هو يشيح بيده مبعدََا سحابة الدخان التي تسللت للهواء المحيط به ثم قال بنبرة مهمومة

''ليت لدي أحد يثلج صدري, فلدي إبن مهووس بأخته و ابني الآخر مهووس بفتاة من عائلة البوم تلك و الأخير بدأت أشك أنه سيتزوج التاسعة قريبََا''

كان ديميتري على وشك الضحك مجددََا لكنه أدرك شيئًا فقال

''عائلة البوم؟''

''آرس غويشا''

تغيرت ملامح صاحبه عندما سمع إسم العائلة و قال متسائلََا

''و من هو المهووس بتلك الفتاة من آرس غويشا؟''

''لوسيفر و من غيره؟ لا أحد سيجلب لي سكتةََ قلبية و يدمر إسم العائلة غيره''

نظر له ديميتري بحيرة ثم قال مستأنفََا تدخين سيجارته

''حسنََا لم يصدمني هذا فهو الوحيد الذي يحب الإنشقاق عن القطيع''

''أجل و الذي أوشكت على نفيه من هذا القطيع''

نفث ديميتري من سيجارته و ناولها لديفالوس 

''شكرا لك''

قالها ديفالوس و هو يأخذ السيجارة من يد ديميتري و يسحب منها سحبة طويلةً صاحبتها تنهيدة ارتياح, و بينما أكملا كلاهما عن العمل و باقي الأمور الأخرى فُتح الباب و دخل اخيرََا لوسيفر جالبََا ظلام الجحيم معه, لينظر حوله بنظرات متفحصه مفترسََا الجميع بنظراته, سار ببطئ..مع كل خطوة تسري القشعريرة في أجساد المتواجدين, رغم كونهم من نفس العائلة و لكن كان للوسيفر حضوره المهيب, أخيرََا وقعت عيناه الشاحبة على والده {ديفالوس دي نوفيتشوك} الجالس مع شقيقه {ديميتري دي نوفيتشوك} 
حالما رآهما توجه فورََا لهما, أمسك بيد والده و قبل الخاتم ذو الفص الأخضر و قال حانيََا رأسه لديميتري

''مساء الخير, عمي ديميتري''

إبتسم ديميتري و أشار بيده للوسيفر ليرفعه

''هل عيناي تخدعانني أم أنك أصبحت أكثر إحترامًا يا لوسيفر؟''

''لا ليس كذلك, إنه فقط بمزاج سيئ لذا تراه محترمًا''

نظر لوسيفر لوالده بحده آخذًا كأس من النبيذ في يده

''إذًا..لما إستدعيتني من فرنسا لآتي الى هنا على عجله؟''

نظر ديفالوس للمجتمعين من أفراد العائلة, عددهم خمسة عشر فردََا جميعهم منهمكون بالحوارات و لعب الأوراق و المقامرة, هم الأعضاء الأساسيون في العائلة من الناحية المظلمة.
أمسك ديفالوس بكأس النبيذ و طرق بخاتمه عليها ليجذب انتباه الكل, و قد نجح حيث أن الهدوء عم القاعة و الأنظار اتجهت نحوه
جلس لوسيفر على أحد الأرائك و هو يحرك كأس النبيذ بشكل دائري بينما أعطى انتباهه للكلام الذي سيقوله والده

.

.
 
.

انقطعت أحاديث الحاضرين الجانبية عندما قام رئيس العائلةِ بطرق خاتمه على سطح الكأس الشفاف, و حينما رأى ان انتباه الجميع قد تحول إليه نهض من كرسيه بثبات و وقف شامخََا أمامهم, سعل ثم قال بهدوء :

''أشكر الجميع على حضورهم الإجتماع العائلي هذا, و الذي يعد حدثََا مهمََا حيث طلبت حضوركم أنتم بالذات دون باقي الأفراد''

وجه ديميتري نظره نحو شقيقه حيث تابع غير متخلِِ عن هدوءه أو وقفته الثابته حيث أدار عينيه بين الجميع

''عليكم أن تكونو أكثر حذرََا أثناء القيام بالمهام التي لا تتعلق بالسياسة و أنا واثق أنكم على علمِِ بما أتحدث عنه''

أحس ديفالوس بهالة طغت على الأجواء هالة من الترقب و الهيجان الخفي, و هو يعي تماما أن الجميع على علم بما يتحدث عنه فألتزم بالهدوء قليلََا  و نظر للوسيفر بزاويةِ عينه يتفقده بحذر, و لم يلاحظ أي ردة فعل على ملامح إبنه ما دفعه للتنهد و إكمال كلامه بينما يجلس على كرسيه

''أعلم أن أغلبكم يعتمد على علاقاته الخاصة بالحكومة و الرؤوس العليا, لكن هذا لم يوقف أحد فرق الشرطة من البحث في أمرنا و التجرأ على معاداتنا''

رغم أن ما قاله السيد ديفالوس لم يكن يصب في مصلحة الآخرين إلا أنهم لم يتخذوا موقفََا من الأمر و حافظوا على هدوئهم, فالجميع يعلم أن مقاطعة رئيس العائلة بحد ذاته أخطر من أي تهديد خارجي قد يتعرضون له, لكن الوحيد الذي تحدث و قاطع والده هو لوسيفر حيث قال مسندََا ظهره للخلف 

''و ماذا إذا؟ منذ متى يشكل رجال الشرطة خطرََا علينا؟''

''لا تقاطع والدنا, اذا لم تفهم شيئََا انتظره ليكمل كلامه.''
قالت مارسيلا بجفاء, مما جعل لوسيفر يرمقها بحدة مسكتََا إياها على الفور

تنهد السيد ديفالوس و أكمل حديثه مجيبََا عن سؤال لوسيفر

''المدعو سيليبرو تورجينييف كان يطارد العائلة لسنوات عديدة, و أعتقد أن الجميع يعلم ما حدث له''

''لققد فقد أحد عينيه و يقال أنه أصبح مجنونََا و استقال من القسم الذي كان يعمل فيه''
قال إيميليان بينما يداعب بتلات زهور البيش و قد رفع عينيه للنظر الى والده الذي أومأ له

''هذا صحيح'' قال السيد ديفالوس ثم أكمل معقبََا ''لكن جنونه هذا جعله يتقدم علينا بخطوة, فلم يعد هدفه تسليمنا للعدالة أو أي من هذا الهراء بل بدأ بإنشاء منظمة من أشخاص مجهولي الهوية لعمليات الإغتيال و إسقاطنا واحدََا تلو الآخر''

صمت السيد ديفالوس قليلََا و أخرج سيجارة واضعََا إياها بين شفتيه, بحث في جيب صدره العلوي عن ولاعة و أخيرََا بعد بحث قصير وجد واحده, أشعل سيجارته و أخذ منها سحبة طويلة ثم أعاد نظره للباقين و أكمل كلامه نافثََا سحابة من الدخان أمامهم

''لقد نجح بالفعل بإغتيال سانيال, إبن السيدة مارشيل, شقيقتي في عقر داره''

الجميع كان على علم بهذه الحادثة بالفعل, و لكن التحقيق بها بين أفراد الأسرة كان لا يزال جاريًا, حتى أخبرهم السيد ديفالوس بحقيقة الأمر توََا و بدا أن الجميع إعترته الصدمة, إلا لوسيفر بالطبع الذي قال و هو يسكب لنفسه بعض النبيذ

''موت ابن عمتي المثير للشفقة يدل على أنه لا يستحق حمل إسم العائلة, فإن أي أحد يملك نظامََا محددََا و يعرف كيفية تسخير الآخرين كبيادق له و يكون على استعداد للتخلص من هذا البيدق و رميه بالجحيم دون أدنى تردد للفوز و تحقيق ما يبتغي, هذا من يستحق أن يكون من آل دي نوفيتشوك, عدا ذلك إنه يستحق أن يتم دهسه كالحشرة الوضيعة.''

قال لوسيفر هذا بينما يسحق الكأس بين أصابعه ناهضًا من مكانه و قد غادر المكان و لم يتجرأ أحد على إيقافه لأنهم يعلمون أنه فقد حسه بالبشر حوله و لن يتردد في إرداء أي أحد قتيلََا إذا اعترض طريقه, إلا...

''الى أين أنت مسرع هكذا؟''

قال كلاون و هو يقف خلف لوسيفر الواقف أمام سيارته في موقف السيارات 

''أخبرني فرانسيس أنك مشغول بأمر ما, فماذا كنت تفعل؟''

أشعل لوسيفر سيجارته و قام بفتح باب سيارته, سار كلاون حتى صعد بجانب لوسيفر و قال واضعََا قدمََا على الأخرى 

''أتخلص من بعض الفئران, ماذا عنك؟ لم تجبني''

أدار لوسيفر المحرك و بدأ بالقيادة محدقََا أمامه كأن شيئََا بدأ  يثير تفكيره, مرت بضع دقائق من الصمت حتى قال كلاون بضجر 

''لما طلبت مني القدوم لو أردت أن تبقى كالأخرس هكذا؟''

''سوف نقوم بسرقة بنك المدينة''

انتفض كلاون و حدق بلوسيفر لدقائق طويلة ثم هتف

''ماذا؟ لما نقوم بسرقة البنك و أنت تتبول نقودََا؟!''

رمى لوسيفر نظرة حادة للمهرج الذي التزم الصمت فورََا

''ليست لدي نية بالإحتفاظ بالمال..فلنقل فقط أنني أريد لفت انتباه أحدهم.''


.


.


.


.


سعل سيليبرو و هو يرمي بأعقاب سيجارته التي انتهى للتو من تدخينها ملوحََا بيده مبعدًا سحابة الدخان التي احاطت به, 
و قرر اخراج سيجارة اخرى و لكن صوتََا من خلفه استوقفه فجأة

''إنها السيجارة  الخامسة عشر بالفعل, هل تنوين الموت في هذا الزقاق يا آنسة؟''

نظر سيليبرو خلفه و رأى فتاةََ تحمل بعض الأكياس معها و لاحظ بعض الضمادات على وجنتيها من الجهة السفلى وقال باسمََا

''آنسة؟''

حركت الفتاة ذات الشعر البندقي رأسها بإستفهام ثم أجابت بإستنكار

''صوتكِ غريب بالنسبة لفتاة''

ضحك سيليبرو ملوحََا بيده بالهواء 

''لست آنسة يا فتاة''

توسعت عيناها البندقية و هتفت

''اوه اعذرني لم أكن أعلم!''

''لا بأس لا بأس, الأغلب يختلط عليهم الأمر عند رؤيتي و لا يمكنني حقًا أن ألومهم''

''لكن بجدية..عليك التوقف عن التدخين بشكل مستمر هكذا''

بقي سيليبرو صامتََا ثم أدار وجهه

''شكرا لقلقك يا آنسة''

قال هذه الكلمات و أدار وجهه مكملََا طريقه, راقبته عينا ايرلان حتى اختفى عن ناظريها فتنهدت و أكملت طريقها بدورها
بعد دقائقِِ قليلة شعرت بإهتزاز هاتفها في جيبها الخلفي فقامت بإخراجه لترى رقمََا غريبََا على واجهة الشاشة فقررت تجاهله و إغلاق الخط

''علي إخبار ميشيل بما حدث معي..لا يمكنني التنبؤ بالعواقب إذا لم يعرف عن هذا الأمر..''

أخرجت ايرلان هاتفها مجددََا قاصدةََ الإتصال بشقيقها ليقوم بتوصيلها, لكن الهاتف سقط أرضًا نتيجة لسحب أحدهم معصم ايرلان و وضع يده على فمها, أحست بذلك الشخص يجرها نحو زقاق مظلم داخله تنتظر شاحنة سوداء صغيرة..


.



.


.


{ 𝕿𝖔 𝖇𝖊 𝖈𝖔𝖓𝖙𝖎𝖓𝖚𝖊𝖉 }

Dirty Blood _ دماء فاسدةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن