|𝕮𝖍𝖆𝖕𝖙𝖊𝖗 𝕀𝕍 : الأقفاص الزجاجية|

44 4 5
                                    




و ماذا عن ملاكِِ قُطعت أجنحته و رُميَّ كالحيوانات في قفصِِ مهترء؟ ألن تهتز السماء حزنًا له؟ 
أجل بالطبع..لكن الشيطان دومََا ما سوف يسعى لتحرير الملاك و حبسه مجددََا بين قبضيته


.


.


.


.


.


''آنسة ايرلان؟''

من هذا؟ هنالك صوت يتردد في هذه الغرفة اللعينةِ البيضاء..أين أنا على أي حال؟ كيف وصلتُ لهنا..

''آنسة ايرلان, علينا أن نتفحصكِ الآن لمعرفة إن كان كل شيءِِ على ما يرام''

من أنتِ..؟ أريد اخي..أين ميشيل..

''...''

رفعت ايرلان جفونها المستسلمة, لتلقي عيناها اللتا فقدتا لونهما بالمعالجةِ الجاسة أمامها على كرسي حديدي, إمرأة شابة تبدو في منتصف العشرينيات, ترتسم على شفتيها ابتسامة لطيفة و كأنها تحاول كسر الحاجز المظلم حول ايرلان التي كانت جالسةََ على السرير مقرفصة و كأنها تحاول حماية نفسها من شيءِِ غير موجود أساسََا

''اليوم هو أول أيام علاجكِ هنا, سوف أكون أنا المشرفة عليك و أدعى دينيس فيرونتال''

''دينيس..''

قالتها ايرلان و كأنها تحاول النطق لأول مرةِِ في حياتها, هي لا تتذكر كيف وصلت لهنا و ما الذي حدث معها أساسََا 
نهضت المشرفة و جلست على أطراف السرير أمام ايرلان الذي سرعان ما إتخذت عيناها حذرََا شديدََا و ابتعدت عن دينيس
مما جعل المشرفة تبتسم مجددََا برقة محاولةََ الدخول للقوقعةِ التي صنعتها ايرلان لنفسها, لكنها لم تكن تعلم كم تمقت ايرلان تلك الإبتسامة المزيفة التي على وجهها, كم تمقت النفاق و التظاهر الذي تراه أمامها بعيناها الواسعتان المتهالكتان من كثرةِ الأرق و هروب النوم من عينيها

''نعم هذا صحيح'' قالت دينيس و هي تداعب القلم بين أناملها ''لنصلحك معًا يا ايرلان..''
.
.
.
هدوء يعم المكان..
.
.
.

فتحت ايرلان عينيها و رأت أنها تجلس على جسد المشرفة المستقر على أرضية الغرفة, و القلم الذي كانت تداعبه دينيس سابقًا قد استقر في عينها اليسرى , وجهها الشاحب و ملامحها المرعوبة موجهة نحو ايرلان التي كانت بدورها تحدق بعين دينيس السليمة و الخالية من الحياة, عينها المفتوحة على مصرعيها و الدماء التي صبغت شعرها الأحمر الخريفي المتناثر حول رأسها المثقوب من عينها و حتى الجهة الخلفية من رأسها
أطالت ايرلان التحديق في الجسد تحتها, بملامح باردة و عينان ناعستان ثم همست برفق و هي تمسح على وجنة دينيس الشاحبة و الخالية من الألوان

''لا يمكنكِ ذلك..لأنني لا أحتاج لإصلاح..أنا كاملةٌ و متكاملة..لست مجنونة هل تسمعينني؟ لست مجنونة..لن تصلحي شيئََا ليس مكسورََا..و لربما سوف تريدين إصلاح وجهكِ الآن ههه..هه..''

نهضت ايرلان من على جسد دينيس الخالي من الروح, و توجهت نحو سريرها الذي جلست عليها و هي تحدق في الغرفة البيضاء و التي صُبغت جدرانها باللون الأحمر القاتم

''هذا أجمل من المظهر السابق بالتأكيد..شكرا لكِ دينيس على الأقل لقد أصلحتي غرفتي و ربما سوف أستطيع النوم الآن..''

...

''يا آنسة استيقظي ! هل أنتِ بخير ؟!''

أطلقت ايرلان شهقة و هي تنتفض مستعيدةََ وعيها في الزقاق المظلم, أحست بشيءِِ دافئ على راحة يدها التي لم تلبث أن رفعتها حتى أحست بشخص يمسك يدها و يمسح شيئََا ما من عليها, و عندما ركزت نظرها للأمام رأت المدخن الذي التقته منذ فترة ليست بالطويلة

''أنت..صاحب السجائر..''

أطلق سيليبرو تنهيدة و كأن همََا إنزاح عن قلبه و قال و هو ينهض ببطئ 

''هذا مريح, لقد كان مجرد مخدر للتنويم''

و قبل أن تتمكن ايرلان من إلقاء سؤالها رأت يد سيليبرو الذي إمتدت لمساعدتها على النهوض, بعد تردد قصير أمسكت بيده و نهضت مجددََا و قالت بصوت يطغى عليه الخمول

''ماذا حدث..؟''

''تعاليّ هذا ليس المكان المناسب للتحدث''

أخذ سيليبرو بيد ايرلان قبل أن تتمكن من النظر خلفها, لم يردها أن ترى كل تلك الجثث الممزقة و تفقد هدوئها..

...

تراقصت اليراعات تحت نور المصباح الذي يشع تارةََ و ينطفئ تارةََ أخرى و الذي وقف تحته سيليبرو في الحديقة يدخن سيجارة بين أنامله الشاحبة و عينه موجهةٌ نحو ايرلان التي كانت جالسةََ على أحد المقاعد و بين يديها قهوة مثلجة إشتراها لها سيليبرو منذ قليل

''هل تشعرين بأي تحسن؟''

قال سيليبرو و هو يرمي بأعقاب سيجارته أرضََا و يدوس عليها بكعبه العالي

''أظن ذلك..إذا أتقول أن مجموعةََ من الرجال السكارى خدروني و حاولوا إختطافي..؟''

هزَّ سيليبرو كتفيه و كأنه لم يبذل جهدًا بتلفيق قصةِِ أخرى أكثر قابليةِِ للتصديق من هذه مما جعل ايرلان تعاود النظرلقهوتها و هي تشعر بحيرة كبيرةِِ, لكن سيليبرو الذي جلس بقربها لاحظ ذلك و قرر التخفيف عنها بجعلها تتكلم عن أي شيئِِ يشغل بالها

''أعرف أننا التقينا توََا, لكن كيف كان يومك؟ لم تبدي بخير عندما التقينا أول مرة منذ بضع ساعات''

لم تزح ايرلان عيناها الشاحبتان عن العلبة بين أناملها الحمراء, و إكتفت بهز رأسها بيأس

''كان يومََا سيئًا..جدََا''

خرجت هذه الكلمات من شفاه ايرلان المتشققة, لم ترتشف شيئََا من قهوتها و لم يكن لها تلك الشهية الكبيرة على أي حال, مما جعل سيليبرو يتعاطف معها قليلََا و قال ممازحًا

''هل تتعرضين للمطاردة من شخص مجنون أو شيءِِ من هذا القبيل؟''

رغم أنها كانت لحظة بطرفة عين, إلا أن سيليبرو لاحظ طرفة عينا ايرلان عندما سألها ذلك السؤال

''اوه؟ هل أصبت؟''

''نوعًًا ما..''

قالت ايرلان بلا تردد, مما جعل إهتمام سيليبرو بأمرها يتزايد فقام بتعديل جلسته و قال بتودد

''هل تمانعين إخباري؟؟''

تنهدت ايرلان و رأت أنها لن تخرج من هذه المحادثة سريعًا فقررت إنهائها فورََا قائلة

''إنه ليس أمرًا مهمًا لا عليك..علي العودة للمنزل فقد تأخرت كثيرًا''

نهضت ايرلان بلا أن تستمع لرد سيليبرو الذي بقي صامتًا على أي حال و أكتفى بالتنهد و النهوض كذلك 

''يبدو أن هدفي ليس هنا ما دام أن الأشخاص الذين حاولوا إختطاف بومته ليسوا رجاله..و يبدو أيضا أن رحلتي هذه من موسكو لباريس كانت بلا فائدة..''

تنهد سيليبرو مجددا و هو يمشي ببطئ

''ربما علي العودة إلى موسكو..''




.


.


.


فتحت ايرلان باب القصر ببطئ, الأضواء تتلألأ بشعاع باهت حول المكان, مشت بخطوات بطيئةِِ على الرخام الأبيض و قررت أن تخبر شقيقها ميشيل بما حصل فورًا لعله يخفف من توترها و لو قليلََا لذا توجهت فورًا لغرفته, لكنها لم تجده
بحثت في كل زاوية في القصر العتيق لكنها لم ترى أي أثر له, لا هو و لا أي من الخدم

''أين الجميع..؟''

تحسست ايرلان جيوبها الخلفية و شعرت بالقشعريرة تتسلل إلى أطرافها عندما لم تحس بوجود هاتفها
بدأ الفزع يعتريها و هي تفتش كالمجنونة في حقيبتها و لكنها لم تجد شيئََا...
إختفت ألوان وجهها و شحبت بشكل أسوأ عندما سمعت صوتًا يأتي من الطابق العلوي, صوتًا كتحطم مزهرية

''لا بد أن يومي يمكن حقًا أن يتحول للأسوء..و اللعنة على هذا القدر هل يمازحني الخالق!''

ضربت ايرلان قدمها بشدة و قررت الذهاب لأعلى السلالم, و في منتصف هيجانها سمعت صوت أقدام يأتي من الأعلى بإتجاهها, أصوات لأقدام كثيرة..

''أيها الخالق كنت أمزح فقط أرجوك إجعلني أعيش للغد..''

همست ايرلان و هي تنزل لأسفل السلالم

''يا إلهي ماذا أفعل ماذا أفعل..''

التفت أناملها المترجفة حول شعرها الكستنائي الذي بدا و كأنها فقد بريقه تحت أضواء المصابيح الخاتفة, شعرت بالعرق يتصبب على جبينها و هي تسمع ضربات قلبها و قد أصبحت أعلى من أي شيئ آخر حولها و أصبحت تشوش على تفكيرها
بعد تفكير قصير قررت المجازفة و الصعود مجددًا لأعلى السلالم
مشت ببطئ و هي تسمع صرير السلالم أسفل قدميها المرتعشة, رفعت نظرها بقليل من التردد لتصدم رائحة كريهة للغاية بوجهها مما دفعها لوضع يدها بشكل لا إرادي على أنفها

''ما هذا بحق الجحيم؟!''

قالت و قد بدأت تتقدم بسرعه نحو الظلام الذي إبتلعها فورًا...



.


.


.


.


.


وقف كلاون في موقف سيارات قريب من البنك الذي يخطط للسطو عليه برفقةِ لوسيفر, كان يتجمد من البرد بينما كان لوسيفر منهمكًا في إخراج بعض الأشياء من السيارة و حين رفع نظره رأى جسد كلاون الذي كان على وشك السقوط من كثرة الرعشات

''لو إرتديت شيئََا يلائمك أكثر من ملابس المهرج خاصتك لما بقيت ترتجف كلحاء الشجرهكذا''

قال لوسيفر و هو يقفل سيارته و يسير قليلًا حتى أصبح أمام كلاون الذي نظر للأعلى, شعره الحريري إستقر على القناع الذي يغطي جبهته و وجهه كاملََا, مما جعل لوسيفر يشعر بقليل من القشعريرة لتذكره كلام كلاون عندما سأله لوسيفر عن سبب إرتدائه شعرًا مستعارًا, على أي حال وقف كلاون بإعتدال مجددًا و قال بنبرة اختلطت بالحماس و الإثارة

''لست أرتجف بسبب البرودة بل من حماسيَ الشديد! إني أشعر بإثارة كبيرة و كأنني تعاطيت للتو كمية ضخمة من الكوكايين~''

تنهد لوسيفر و قال بينما يمشي نحو مبنى البنك

''لماذا أحضرتك معي حتى..''

''لأنك لا تستطيع الإعتماد على أحد سواي؟''

قالها كلاون بكل فخر بينما قال لوسيفر بجفاء

''لا لكن لن أندم لو مت أنت خلال هذه العملية''

''حسنًا لم أتوقع شيئًا عاطفيََا على أي حال''

سار الإثنان حتى دخلا إلى البنك, اكتفى لوسيفر بتغطية وجهه بكمامة, مرتديًا سترة عنق سلحفاة سوداء ضيقة, مبرزة عضلات يده و بطنه المشدودة طبعًا كان ذلك أيضًا لإثارة الإنتباه إذا تجاهلنا أن السترة كانت على وشك أن تتمزق و تبرز..كل شيء إذا فهمتم قصدي, حسنًا..آه على أي حال, الكثير من الأشخاص موجودون في الداخل يتممون معاملاتهم البنكية و منهم من يقوم بسحب النقود أو إيداعها..ليلة عادية لم يتوقع فيها أي أحد ما يمكن أن يحصل فيها
كان لوسيفر ممسكََا بحقيبة جلدية و يسير بشكل واثق و طبيعي بينما كلاون يسير وسط الحشود في زي المهرج و الأعين عليهما و قد كان هذا أمرًا من لوسيفر الذي أراد لفت الإنتباه إليهما على أي حال
لاحظ لوسيفر أنهما أثارا تحفظ رجال الأمن الذين كانوا يتمتمون شيئََا ما من خلال أجهزة اللاسلكي المعلقة على صدورهم, و رأى أيضًا أن أحدهم بدأ يتجه إليهما
و لكن سرعان ما طار رأسه عن جسده وسط الحشود الذين استغرقوا لحظات فقط و قد بدأ الصراخ و الفوضى يعم البنك كله, أخرج لوسيفر سلاحه و بحركه سريعة قام بإرداء كل الموظفين  ثم قام بإصابة رجل من المواطنين في نصف عينيه تحت صرخات إبنه الذي وقع على قدميه خوفًا بجانب جثة والده
تقدم كلاون و هو يمسح بقايا الدماء التي علقت على يده أثر إنتزاع رأس رجل الأمن قائلًا بحماس

''هل أتخلص من بقية الحاضرين هنا؟''

نظر لوسيفر نحو الطفل الذي يبكي و هو يحتضن جثة والده, أدار وجهه متجهََا لخزنة النقود التي تقع في مكان ما في المبنى و قال قبل أن يختفي في أحد أركان الممرات

''تخلص من الفتى الذي يبكي فقط و راقب الباقين''

همهم كلاون بالموافقة و قد أحس بشيء ما يشد قدمه, نظر للأسفل ببطئ و رأى سيدة تبدو في مطلع الثلاثينيات عيناها محمرتان و همست بينما تبكي بحرقة

''أرجوك لا تقتل طفلي..أ..أرجوك إعفي عنه لا أستطيع خسارته هو و زوجي لا أملك غيره..''

نظر كلاون مطولًا في عيني المرأة من خلال قناعه, و أحس لسبب ما بالقرف لذا بشكل غير إرادي لوَّح بخنجره و قام بقطع عنق المرأة أمام ناظريّ إبنها الذي توقف عن البكاء فجأة و نظر إلى كلاون بتعابير خالية تمامًا من أي مشاعر أو وهج

''هكذا لن تفقدي إبنك الوحيد..''

قالها كلاون و صوته ممزوج بغضب غير مبرر, ثم أعاد نظره للطفل و بدأ بالسير نحوه

''هل تريد أيضًا أن ترجوني العفو عن حياتك أيها الصغير؟''

قال كلاون و هو يشد قبضته على الخنجرمستقرًا أمام الصغير في إنتظار إجابة منه ليجهز عليه

''لا..بل أفضل لو تلحقني بهما..''

قال الفتى و أنامله الصغيرة تعبث في شعر والده المدمي

''إنه ليس بطلب صعب يا سيدي المهرج..''

قالها وهو يعيد نظره لكلاون سارحًا في قناعه الملطخ بدماء والدته ثم أكمل

''أنت لستَ شريرًا..بل القناع كذلك..''

لأول مرة أحس كلاون بشيئِِ ما يضربه في صدره, و توسعت عيناه كأنه رأى شبحًا أمامه, لم يستطع الرد على الصغير و أحس بغضبه فجأة ينسحب من جسده, لم تنقطع صدمته حتى عندما سمع جهاز الإنذار ينطلع و هذه كانت إشارة لوسيفر له ليقوم باللحاق به و يأخذا الأموال و يلوذا بالفرار, لكن عوضََا عن ذلك جلس كلاون على ركبتيه أمام الفتى و سأله بهدوء

''ما هو إسمك..؟''

نظر له الفتى مطولًا ثم قال بجفاء

''سيريل..سيريل بونفام هو إسمي..''

بعد صمت طويل خرج لوسيفر و نظر حوله و لم ير كلاون أو أحدًا من الرهائن إلا جثث القتلى و لكنه لم يلاحظ جثة الفتى 

''أين ذهب ذلك المهرج..''

قال لوسيفر بينما يسرع و في يده حقائب النقود للخارج, بدأ يسمع صفارات الشرطة, لعن حظه ثم خطى خارجًا ليرى سيارة أمام مبنى البنك و في داخلها يجلس كلاون خلف المقود, رمى لوسيفر حقائب النقود في المقعد الخلفي و صعد بجانب كلاون الذي أدار المحرك فورًا خارجًا من محيط البنك

''أين ذهبت بحق اللعنة؟''

قالت لوسيفر بسخط و هو ينزع الكمامة عن فمه

''حررت الرهائن فقط بما أنني سمعت الإنذار..كانت هذه أوامرك''

قال كلاون بهدوء, كان هادئََا جدًا بشكل غريب مما جعل لوسيفر يتسائل متناسيًا تمامًا خطاب العتاب الذي كان مجهزًا إياه لكلاون

''ما الذي أصابك فجأة؟ ما هذا الهدوء''

''إن كنت لا تريد أن تتلقى إجابة أسوأ من الإجابة التي اخبرتك بها عن شعري المستعار فالأفضل أن تتوقف أسألتك هنا''

صمت لوسيفر قليلًا و لكن الغضب بدأ يسيطر عليه

''اوي..لا تنسى من إنتشلك من أحضان الجثث المقززة و أعطاك فرصة لحياة جديدة..لا تجعلني أسحب منك هذه الحياة بيدي العاريتين هنا و الآن''

لم يتحدث كلاون لفترة لكنه أخيرًا عندما تحدث, لاحظ لوسيفر نبرة الخضوع في صوته

''إعذرني يا سيدي..لا شك أنني كنت متحمسًا زيادةََ عن اللزوم..لن أتخطى حدودي مجددًا''

''هذا أفضل''

''إعذرني عن تطفلي و لكن..لماذا قمنا بسرقة البنك؟''

''آه أجل..آن الأوان أن أخبرك عما سأقوم به''

''و ما الذي سوف تفعله؟''

''كل هذا القتل لم يكن عبثََا, لقد تعمدت إفتعال مجزرة صغيرة لجذب إنتباه شيئِِ أكبر''

''شيئِِ أكبر؟''

قال كلاون و هو يعدل قناعه الملتصق في وجهه

''أجل..لا شك أنك تذكر ذلك المحقق الذي قام أوزارس بإقتلاع عينه و ذبح عائلته لأنه تعمق كثيرًا في البحث في أمور عائلتنا''

''اوه أجل, إذا كانت ذاكرتي لا تزال تعمل فإسمه هو سيليبرو صحيح؟''

''أجل, و أعلم أن ذلك الفأر يبحث عني حاليََا و ها أنا قد أعطيته طرف الخيط للإمساك بي''

''و إذا مت أنت من سيدفع لي راتبي؟''

نظر لوسيفر لكلاون الذي صمت فورًا و لكنه قال بعدها

''إعذرني أيها المبجل النمرود العظييييم..أسمعني باقي خطتك''

تنهد لوسيفر و قال بيأس

''لن أموت, إني أعد له فخًا لأقوم بإلحاقه بأفراد عائلته الذين يعتز بهم كثيرََا''

''إن خططك هذه مملة حقًا أتعلم؟ كل شيئِِ أصبح مملًا''

''و ماذا تريد أن أفعل لك ها؟ نذهب لحديقةِِ حيوان و نطعم الأسود الفستق؟''

''لا أنا أفعل هذا كل يوم''

''...''

''...''

''هل تريد أن أحضر لك القهوة^^؟''

قال كلاون محاولََا تناسي ما قاله قبل لحظات قبل أن يتناثر مخه في أرجاء السيارة, لكن لوسيفر بقي صامتًا و نظره كله مركز على كلاون الذي بدأ العرق يتصبب من جبينه من تحت القناع

''^^..''

''على أي حال..''

زفر لوسيفر وهو ينظر من النافذة

''سأعود الى فرنسا..تأخرت عن ملاكي الجميلة لوقتِِ طويل بالفعل''

تنهد كلاون بيأس

''ألم تسأم من ملاحقتها بالفعل؟''

''أنت لا تفهم..لقد رأيتها عن قرب..ملامحها البريئة و الطاهرة..عيناها الواسعتان  اللتان تحملان كل شيء جميل في هذا العالم القذر..اوه ملمس جسدها الناعم لدرجه أنك قد تكسره بضغطه صغيره عليه..حتى رائحتها..''

بدأ لوسيفر يهلوس و لدرجة..أنه حصل على مشكلة في بنطاله مما جعل هذه المشكلة مرئية بشكل واضح لكلاون الذي صرخ موقفًا السيارة

''يا الهي إكبح نفسك!!''

نظر لوسيفر للأسفل و إبتسامته تصبح أكبر و أكبر, ثم قال و النيران تتصاعد من عينيه

''هذا بسبب تفكيري فيها..اوه ايرلان..''

وضع لوسيفر يده الذي أمسك فيها فك ايرلان على أنفه و بيده الأخرى قام بفتح سحاب بنطاله, مما جعل كلاون يصرخ مغادرََا السيارة

''هذه سيارتي أيها اللعين لا تجرؤ!''

أطلق لوسيفر تنهيده عميقة مما جعل كلاون يضع كلتا يديه على رأسه و يصرخ فيه 

''آستانوفيستا ! ستوي!! تو بلودك!!''
{توقف ! توقف!! أيها اللعين!!}


.


.


.


.


تتبعت ايرلان الرائحة المقززة إلى غرفتها, حيث عرفت أنها قادمة من هناك بالتحديد, كان باب غرفتها مفتوحًا و هنالك فجوةٌ صغيرة مكنتها من إدخال رأسها لكن الباب تحرك مصدرًا صريرًا مما جعل الدماء في عروقها تشتعل و أرجلها تهتز مهددةً بالسقوط
أخذت نفسًا عميقََا محاولةََ تهدئة نفسها و بحركةِِ سريعة فتحت باب غرفتها على مصرعيه و دخلت كالعاصفة للداخل
لكن..لم تجد أي شيئِِ في غرفتها

''حسنا..حسنا..ايرلان إهدئي..لم آخذ دوائي اليوم لربما هذا هو السبب..''

بينما مشت ايرلان قليلًا داخل غرفتها, تعثرت بشيئِِ ما و سقطت أرضًا و بقت على سقطتها تتحدث بينها و بين نفسها قائلة

''أريد الموت..أريد الموت..لما يجب على هذا كله أن يحصل لقد إنتقلت لتوي لهذا البلد اللعين..''

ضربت قبضتها بالأرض و رفعت رأسها أخيرًا لترى أنها تعرقلت برأس خادمتها الشخصية..

.




.




.




نظرت ايرلان مطولََا الى الرأس ذو العيون المغلقة, لتأخذه في حضنه ببطئ و تهمس

''هل أنتِ نائمة..؟ أين جسدكِ..''

قالت ايرلان و الدموع بدأت بالتساقط من عينيها

''أريد أخي..''

رمت الرأس جانبًا و جلست على زاوية في غرفتها بينما بدأت تبكي بحرقة مثل طفل صغير أضاع أمه..


.



.



.



في الصباح الباكر, بدأت ايرلان بفتح عينيها ببطئ شديد,أشعة الشمس تعكس اللون البندقي  في عينيها الذابلة 
سمعت صوتًا مألوفًا من خلف الباب الذي فتح ببطئ لتظهر خادمتها الشخصية 

''صباح الخير آنستي, لقد إستغرقتي في النوم''

توسعت عينا ايرلان عندما التقتا بعينا الخادمة, لقد أمسكت برأسها أمس..كان مفصولًا تمامًا عن جسدها!

''ميرليم..؟''

همست ايرلان مستدعيتًا إنتباه الخادمة لها, التي سرعان ما إبتسمت و أحنت رأسها بإحترام

''نعم آنستي؟''

قرصت ايرلان خدها مرات عديدة حتى تورد, و هتفت قافزةً من السرير

''أنتِ حية!''

نظرت لها الخادمة بإستغراب لتتابع ايرلان

''هذا يعني أن أخي هنا صحيح؟! أين هو أخبريني!''

تنحنحت الخادمه بينما تزيح خصلة من شعر ايرلان و تضعها خلف أذنها قائلة

''إن السيد ميشيل ينتظرك على مائدة الفطور يا آنستي''

لم تنتظر ايرلان أي كلام آخر من خادمتها بل أسرعت تركض في الممرات الفارغة لتنزل الدرج بسرعة أكبر, لم تنتظر لثانية واحدة أرادت أن تقابل شقيقها فورََا 

أخيرََا وصلت ايرلان الى غرفة الطعام, حيث كان ميشيل جالسًا يعبث في هاتفه

''ميشيل''

إعتدلت ايرلان في وقفتها و نظرت بتوتر الى شقيقها الذي بادلها النظر, والذي قال بنبرة مرحبة

''صباح الخير جميلتي''

''صباح النور..ميشيل, هل يمكنني التحدث إليك على عجلة؟''

''الآن؟ عليكِ تناول الفطور أولًا''

''لا..هذا أمر مستعجل..جدََا''

وضع ميشيل هاتفه جانبََا و قال مشيرََا للكرسي بقربه

''تفضلي إجلسي..أنا أستمع''

مشت ايرلان و لسبب ما أحست أن عليها أن تكون بكل كلمة و حرف تنتقيه, جلست على الكرسي و نظرت مطولََا لشقيقها الذي أعطاها كل إهتمامه الآن

''الأمر هو..بشأن الجامعة''

قالت ايرلان بتردد

''و؟ ماذا بشأنها؟ هل تشعرين بعدم إرتياح فيها؟ أو ربما يضايقك أحد؟''

قال ميشيل بنبرة ملؤها القلق, لا يريد لشقيقته الصغرى أن تعود و تنطوي على نفسها مجددًا..

''لقد..قابلت رجلََا غريبًا''

رفع ميشيل أحد حاجبيه و قال بتساؤل

''رجلٌ غريب؟ ألم يكن أحد العاملين في الجامعة؟''

''لا..''

قالت ايرلان سريعًا مما جعل القلق يتسلل إلى قلب ميشيل الذي قام بصرف الخدم بحركة من يده

''إذا..؟''

مرت لحظات من السكون الذي إخترق الأجواء قبل أن تكسره ايرلان بتنهيده مترجفة

''لقد..بدا غريبًا نوعًا ما من ناحية لباسه..يرتدي بدلة من ماركة عالمية...و خاتمين بفص ذهبي و أحمر في يده..لكن أكثر شيئ جذبني فيه من غير جسده الضخم هو لون عينيه المختلفة..عيناه مختلفتا اللون''

شعر ميشيل برعشة تجري في كل أنحاء جسده..لم يعجبه الشعور الذي إنتابه الآن, شعور أنه ربما يكون على معرفة بذلك الشخص الذي تقصده ايرلان..

''و ما هو لون عيناه..؟''

قال ميشيل بحذر, بينما ردت ايرلان و هي تنظر للأسفل محدقتًا بأناملها

''عينه اليسرى كانت بنية..بنية لدرجة أنك قد تعتقد أنها حمراء داكنة..و الأخرى بلون الجليد الشفاف..كأنها مفقوءة''

لم يتحدث ميشيل أو يعلق, إنما استمع لكلام ايرلان حتى نهايته

''كيف عرف انكِ هنا..''

همس ميشيل وهو ينهض سريعا من كرسيه ممسكًا بمعصم ايرلان

''علينا مغادرة المدينة قبل عودته!!''

توسعت عينا ايرلان و نظرت لشقيقها الذي بدأ بسحبها خارجًا بصدمة

''مهلًا إلى أين نحن ذاهبان هكذا؟!''

قالت و هي تحاول التملص من قبضته

''علينا مغادرة هذا المكان..''

قال ميشيل و هو يسير نحو سيارته, لكنه لم يلبث أن يقترب منها بضعة خطوات حتى تفجرت السيارة بأكملها..


.

.


.


{ 𝕿𝖔 𝖇𝖊 𝖈𝖔𝖓𝖙𝖎𝖓𝖚𝖊𝖉 }



Dirty Blood _ دماء فاسدةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن