|𝕮𝖍𝖆𝖕𝖙𝖊𝖗 𝕍 : إحتجاز الملاك|

39 6 0
                                    




إمتلاك شيء بعد لهفة شديدة و خسارته في نفس اللحظة 
لكم هو شعور مقيت أليس كذلك؟
شعور يُشعل نيرانًا بداخلك او لربما يطفئها..
مشاعر اليأس تلك و الإحباط..لكم هي لذيذة على لسان الشيطان


 ☽ 𝔇𝔬𝔟𝔯𝔬 𝔭𝔬𝔷𝔥𝔞𝔩𝔬𝔳𝔞𝔱 ☾

.


.


.


.


في أحد الأمسيات الليلية الهادئة, غطت أجنحة الثلج القطني الخالص مدينة لندن الساكنة, حيث كانت حفلات رأس السنة قد ألقت بزينتها و فرحها على كل بيت لتمتلئ البيوت بالهدايا التي طال إنتظارها من قِبل الأطفال الذين لم تغادر الإبتسامات وجوههم البريئة, كما إنتشرت رائحة الكعك و الحلوى في كل حي و تحت كل سقف..
كانت ليلة جميلة هادئة و سعيدة في كل بيت و عائلة, إلا لذات الخمس أعوام, طفلة في ربيعها الخامس تجلس في أحد أركان المنزل البارد الخالي من الحلوى و الهدايا و زينة الكريسماس و محرومة من لذة روح الاحتفالات 
الصوت الوحيد المسموع لإذنيها الصغيرة هو صوت والدتها الثمل التي كانت تصرخ في زوجها بينما تترنح هنا و هناك حيث طفح بها الكيل و صاحت 

''تبًا لكَ و لإبنتك!''

هتفت و هي ترمي زجاجة النبيذ نحو زوجها الذي تفادى الرمية بسهولة وهدوء سامحََا للزجاجة بالاصطدام بالحائط حيث تحولت الزجاجة الى قطعِِ حادةِِ متناثرة و قد لطخ السائل الأحمر الذي كان بداخلها الجدران نزولًا لأرض المنزل الخشبية بجانب الطفلة التي حاولت حماية رأسها بيديها العارية الصغيرة بعد اصطدام الزجاجة بالحائط, ظنََا منها أنها لن تتعرض للأذى, لكن بعض الشظايا إستقرت في يدها حيث اختلطت دمائها مع النبيذ المنساب بين ألواح الخشب.

الصغيرة و برغم الألم لم تبكي أو تبدي أي رد فعل, فقد إستمرت بالتحديق بجروح يديها بإستغراب, و لكن سرعان ما توجه نظرها و تركيزها نحو والدها الذي جثا على ركبتيه أمامها آخذََا يديها الصغيرة برفق بين يديه و همس بهدوء قائلََا

''هل أنتِ بخير يا ايري؟''

بعد صمت طويل أومأت الفتاة و هي تنظر بعمق في عينيّ والدها البندقية, و ما إن رأت والدتها المشهد الذي أمامها صاحت كالمجنونة

''أنتَ..و هي..كلاكما لعينان و مجرد وحشين لا مشاعر لديكما! لا أصدق أنني تزوجتك..و قد ظننت أنني على الأقل سأحظى بأطفال طبيعيين من هذا الزواج اللعين..''

قالت الأم هذه الكلمات و أنهارت على الأريكة محتضنةََ نفسها بينما بدأت تبكي و تنوح بحسرة.

أما زوجها فقد نظر إلى ابنته التي التمست وميض حزن في عينيه رغم إختفاء لمعانها, فقامت الصغيرة لا شعوريًا بلف ذراعيها حول عنق والدها و احتضنته بقوة بينما ربتت على رأسه برفق

''بابا جيد..لا تحزن..''

قالت الفتاة محاولةََ مواسية والدها الذي بادل إبنته العناق , ناهضََا حاملََا إياها برفق بين ذراعيه..



...


في تلك الليلة, نامت الفتاة محتضنةً والدها في السرير الصغير, و رغم أنها كانت نائمة بعمق إلا أنها سرعان ما فتحت عينيها إثر شعورها بشيء يتسلل أسفل الغطاء, ترددت قليلََا و قلبها الصغير يخفق بقوة بين أضلاعها و ألتفتت ببطئ خلفها..

توسعت حدقتا عينيها الصغيرة قليلََا عندما رأت والدتها و قد إستلقت خلفها, و مررت يدها على شعر إبنتها الكستنائي برفق, حتى همست الأم بصوت مكسور مختلط بالندم

''أنا آسفة ايرلان..''




*  *  *  *



*  *  *  *


''أمي..؟''

همست ايرلان بينما تفتح عينيها ببطئ, جفونها المتعبة ما زالت تحارب لتبقى مفتوحة..
و أخيرََا عندما استعادت إحساسها بنفسها و ما حولها حتى بدأ الألم الحاد بالتسلل الى رأسها مما جعلها ترفع يدها مخللة أناملها بين خصلات شعرها الكستنائي المبعثر, و بيدها الأخرى رفعت جسدها المثقل بالدوار لتنهض جالسة, و استوعبت عندما نظرت حولها أنها في مكان جديد تمامََا..

.

.

.

نظرت ايرلان حولها و هي تحاول إبقاء التوتر و الجزع خلف عينان حادتان واثقة
الغرفة  التي تحتويها بالتأكيد غريبةٌ عنها, بجدرانها السوداء التي صبغتها بعض من النقوش الرمادية الباهتة, و التي أضفت على الغرفة جوََا غير مريح و كئيب في نفس الوقت
إستندت ايرلان في السرير الضخم ذو الأغطية السوداء و قد إستقرت عيناها نحو الأمام حيث كانت هنالك خزانة ملابس كبيرة الحجم و عريضة لونها مطابق للون كل شيءِِ بالمكان و قد كانت ملتصقة بالحائط آخذةََ حيزًا صغير من مساحة الغرفة الكبيرة لكنها لم تلقي لها بالًا بل
أكملت تفحص الغرفة بعينيها الحذرة, لتتوجه انظارها للسقف حيث تدلت منه ثرية ضخمة زجاجية بدت كأنها مصنوعةٌ من الجليد الشفاف

''وه..''

همست ايرلان و هي تتأمل الثرية, حتى عاد نظرها للمكان حولها و كانت قد رأت تلك الستائر المصبوغة باللون الأحمر الداكن تحجب ما خلفها 

''حسنًا..لست بالقصر طبعًا و بالتأكيد لست في المستشفى..ماذا حدث بعد إنفجار سيارة ميشيل..ميشيل..ميشيل ؟!!''

نهضت ايرلان بجزع كمن تلقى شحنةََ كهربائية, هذا صحيح فقد فقدت الوعي إثر الإنفجار..
سارت ايرلان حول الغرفة ممسكةََ بشعرها بكلتا يديها و هي تحاول إستذكار ما حدث, و قد قادتها خطواتها المضطربة للباب الخشبي, مخرج الغرفة.
حدقت في الباب مطولََا قبل أن تمد يدها بتردد لفتحه, و ما إن أدارت المقبض حتى علق بين راحة يدها لتكتشف أن الباب مغلق

''بحق السماء !؟''

صاحت و هي توجه ركلةً للباب الذي لم يتزعزع أو يخدش حتى
زَفرت بضجر و هي تدير وجهها و قد واجهتها من الجهة الأخرى تلك الستائر الكئيبة

''حسنََا..على الأقل علي أن أرى أين أنا بحق خالق الجحيم أو حتى ما الوقت الآن علي تفقد النوافذ''

أنهت ايرلان جملتها و سارت بخطوات سريعة نحو الستائر, و ما ان أزاحتها على عجلة نظرت بترقب أمامها, لكن..

''ما هذا..؟ جدار خلف الستائر ؟!''

قابلها جدار أمامها و لم يكن هنالك أثر لأي نافذة

''ما اللعنة..كيف يمكنني التنفس حتى في غرفةِِ لا يوجد داخلها نوافذ و الباب مغلق؟''

صفعت ايرلان جبينها براحة يدها و أعادت نظرها تتفحص الغرفة مجددََا, ثبتت بصرها نحو زوايا الغرفة و فكرت بينها و بين نفسها

''لا يوجد كاميرات..؟''

حدقت ايرلان بأحد الزوايا لفترة طويلة ثم قررت ان تتفقد ما داخل الخزانة السوداء
اقتربت من الخزانة بحذر و ما إن توقفت أخيرًا أمامها قالت مقطبةََ حاجبيها و بنبرة ساخرة

''و ما أفضل من خزانة ملابسَ سوداء في غرفة معزولة و مكان لا يعرف عنه أحدٌ شيء إلا الرب؟''

تنهدت و هي تتخلى عن سخريتها من قدرها المنكوب, التفت أناملها على مقبض الخزانة الفضي و سحبته ببطئ نحوها,أغمضت عينيها و هي تشعر بباب الخزانة يتحرك و صوت صريرها يكسر هدوء الغرفة

''حسنًا..لا يبدو أن بداخلها شيءٌ قاتل او جني ما..''

قالت و قد شعرت بالباب يفتح أخيرََا بشكل كامل و أخذت ترفع جفونها بحذر و هي تستعد نفسيََا لأي شيء سوف يظهر أمامها, لكنها لم تتوقع أبدََا أن ترى..

''فساتين؟''

قالت بإستغراب و هي تسحب أحد الفساتين حيث كانت هناك العديد منها معلقةٌ داخل الخزانة, و كلها حملت اللون ذاته
أبيض كلون الغيوم

''إن ملمسه ناعم..لكنه نوعََا ما خفيف و أنا  حتما لن أريد إرتداء مثل هذا الفستان في هذا الجو اللعين''

رمت ايرلان الفستان داخل الخزانة بغير إكتراث ثم عادت أدراجها نحو السرير غير مهتمة بباقي الفساتين الأخرى التي دُجِجَت بها تلك الخزانة الضخمة, حيث استلقت و قد تناثر شعرها المنكوش على جانبيها صانعًا من شكلها لوحة فنية تستعد ليرسمها أحد أكثر الرسامين شهرة..حسنًا لولا تلك النظرة على وجهها و التي كانت تدل بوضوح على سخطها و غضبها الجامحين, حيث بالكاد كانت تحبس كل تلك الكلمات البذيئة داخل رأسها و المحافظة على رباطة جأشها

Dirty Blood _ دماء فاسدةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن