ذكرَيات

42 6 28
                                    


*جاءت الأحلام بالرفاق
ورَحلت مَعهم*

********

بعدما عادت من الخارج
بعدما تركت رفيقتها تحت التراب
توجهت لتلك الغرفة وجلست أرضا تنظر للسرير تماما مكان روز
كانت تمسح بيَدها على الفراش وتبكي بهدوء
حتى لاحظت ورقة صغيرة تلتقطها يَدها

'آسفة لَيان
لأني تركت لكِ بمنزلك
ذكرى لا تُنسى'

حينها تعالت شهقات النحيب
فهنا كانت تنام رفيقتها، هنا كان الوداع الأخير

سمع يَزن الجالس بالخارج أنينها
لم يسمع مجرد بكاء بل سمع يأس وحسرة
كانت كل الأيام الموحشة تهجم عليها من جديد
كل السنين التي حاولت بجد تركها خلفها
عادت مجددا وسخرت منها
سنوات وحدتها بينما تعاني من عائلتها
سنوات حزنها بعد رحيل آيلا
وأيام أخرى مظلمة نهشت سعادتها
والآن رحيل صديقتها الوحيدة، روز
يا تُري ألن تتركها الحياة وشأنها
ألن تدعها تحظى بلحظة سعيدة لا تنقطع بالمنتصف

هدأ صوت البكاء
انتفض يَزن من مكانه ودقّ الباب ثم دَخل
كَانت نائمة بينما تجلس أرضا وتضع رأسها على الفراش
كان على وشك إيقاظها لتنَم بشكل صحيح
ولكنه عاد أدراجه وتركها نائمة،
فما فائدة العودة للواقع
وإدراك أنه لم يعد وجود للرفاق!
تركها وأغلق الباب خلفه، لعلها الآن في لقاء مع رفاقها.

********

ظَلّت الأيام تذكرني كلما أمُر بشيء مماثل
في يوم حينما دمّر والدي الكرسيّ على كتفي بينما أحمى أخي الصغير
لا يهتم إن فقدنا الوعي أو حتى إن تلطخت الأرض بدمائنا
كان قاسيا لتلك الدرجة..
ماذا لو فعل شيء سيء بيَزن وأنا لستُ هنا لأحميه!
كان هذا خوفي الوحيد
لا أهتم إن فعل هذا تجاهي ولكنه شقيقي الذي لايزال طفلا!
لذا لم أعد احتمل المكوث في هذا المنزل
ولكن إلى أين المفر!
إلى أين الهروب بعمر التاسعة عشر ومعي طفل بعمر الثالثة عشر!

ولكن رغم ذلك فعلتها!
اصطحبتُ يَزن وفَررَت من هذا الجحيم
لا أعلم إلى أين وجهتي ولكن أخذتني قدماي إلى مخبأ رفاقي
كنت على وشك الالتفاف والرحيل
ولكن يزن الذي تشبت بيدي بكامل قوته أعادني
حينها هاتفتُ روز و لَيان
ورغم أننا كنا في منتصف الليل إلا أنهما هرْوَلا في القدوم

لا أعلم كيْف ولكني وجدت نفسي أبكي بينما أنظر لهما بكل امتنان
حينها خبآني بين عناقهما كأنهما يحمياني من العالم
في ذلك الوقت علمت لم اصطَحَبتي قدماي لهنا!
علمت أنه المكان الصحيح الذي عليّ الوجود به
وأنني بين أشخاص يحبونني بحق
أدركت أنهما ليسو مجرد رفاق
بل كانا الملجأ الوحيد لي في جميع أوقاتي
خاصة في تلك الأيام التي احتجت بها لأنيس يمسح بيده على رأسي
ويخبرني أنه لا بأس!

في أَبريل | In Aprilحيث تعيش القصص. اكتشف الآن