كيف لي أن أخبر مشاعري بأني لا أحبك، وهي تتلاشى في حضورك، تذوب كالشمع تحت دفء نظراتك؟ كيف أقنع كياني بأنه لا ينبغي لي حبك، وهو يتفتت ويهرب من بين أناملي كلما لامست عيناكِ عيني؟ وكيف أستطيع أن أقنع قلبي بأن يبقى وحيدًا بعد فراق حبيبتنا، وهو حين يراكِ يتسارع نبضه بجنون، معلنًا استسلامه التام لسلطان حبك المتغلغل في أعماقه؟
مريم الشهاوي
_____________________
- بابا!!
ارتجفت الكلمة وهي تنطلق من فم رهف، تحمل في طياتها دهشة وقلقًا عميقين، بينما تلتقي عيناها بتلك النظرات القاسية التي كانت تخترق زجاج النافذة. اعتدل نوح في جلسته، محاولًا السيطرة على توتره، ليرى العجوز خلف الزجاج، عينا الرجل كانتا كالنيران المستعرة. التفت إلى رهف، التي منحت نوح نظرة مليئة بالطمأنينة، ثم فتحت باب السيارة، هرعت منها بخطى سريعة، وأغلقت الباب خلفها، وكأنها تحاول أن تحميهما من أي صراع محتمل بين والدها ونوح.
صرخ والدها "معتز" بصوت مشبع بالغضب والقهر: "انتِ بتعملي إيه هنا؟ وايه المكان اللي قاعدة فيه دا؟ متعرفيش إن المكان دا بيجيه الناس اللي مش عاوزة حد يشوفهم وهما مع بعض؟ وطبعًا عارفة بيعملوا إيه! يعني إيه تنزلي من البيت من غير ما تعرفيني ومع مين؟!"
صدى كلماته كان كالسياط على جسدها، فارتعش قلبها وهي ترد بصوت مختنق: "أنا مع جوزي يا بابا، مش مع حد غريب."
تساءل معتز بسخرية لاذعة، نظراته كانت كالسهام تخترق قلبها: "جوزك؟ وهو كان فين جوزك دا بقى؟ فضل مختفي أربع سنين وموقف حالك، ولا منك متطلقة ولا منك على زمته."
كان نوح يستمع لكل كلمة منه، كأنها طعنات في قلبه. حاولت رهف الدفاع عنه، بنبرة تحمل مزيجًا من الحزن والإصرار: "احنا منعرفش هو حصله إيه... لأنه لو كان بإيده إنه يرجعلي مكانش ضيع ساعة واحدة من غيري، مش أربع سنين!"
نظر معتز للسيارة، فرأى نوح جالسًا بداخلها، عيناه مليئتان بالألم والغضب المكتوم. صاح به: "ما تنزل تكلم حماك... ولا بتتحامى في مراتك عشان هي الوحيدة اللي لسه لحد الآن متمسكة بيك رغم إن الكل قالها تطلق وتتجوز، عشان مكناش عارفين لك ملة بقى ميت ولا عايش ولا فين أصلاً؟!"
أنت تقرأ
موعدُنا في زمنٍ آخر
Romanceفي زمنٍ آخر بقلوبٍ صافية خاليةٍ، نكتبُ قدرَنا بأيدينا بلا ماضٍ، تتشابكُ اللحظات بدهشةٍ تُحكي، في شهرٍ ثالث عشر ودقيقة حادية وستين. في ذاك الزمن، لا ماضٍ ولا ضجر، نغرقُ في بحرِ الحياةِ الصافي، نحلمُ بعالمٍ من السلام، حيث الحبُ ينبضُ بلا ح...