البارت السابع

610 41 12
                                    

بيني وبينَ الكونِ أمنيةٌ صغيرةْ
أن أعيشَ حياةً في حضنِ أسرةٍ حنونةْ
أن أجدَ الحبَّ بينَ أبي وأمي، كأنها أسطورةْ
وأن يكونَ لي إخوةٌ، فيهم دومًا السندُ والعزيمةْ

أرنو لبيتٍ يملأه الودُّ والسلامْ
حيثُ لا صراخَ، لا جفاءَ، ولا ملامْ
والديّ يتعاملان بلطفٍ واحترامْ
وأنا أراقبُ، قلبي مملوءٌ بالابتسامْ

لكنَّ الواقعَ كانَ مرًّا، لا يطاقْ
أحبسُ نفسي بغرفتي، أهربُ من النفاقْ
أضعُ السماعاتَ، أغني بأعلى الأصواتْ
لأخفي عن أذني شجارَهم، مثلَ الإعصارِ في الآفاقْ

أردتُ حياةً طبيعيةً، كأيِّ طفلْ
حياةً بسيطةً، دافئةً مثلَ الضياءِ في الليلْ
لكنَّ أمانيَّ بدتْ كأنها حلمٌ مستحيلْ
ربما كانَ عليَّ أن أجدَ القوةَ في نفسي، لا في الآخرينْ


مريم الشهاوي

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

مريم الشهاوي

__________________

في غرفة المستشفى البيضاء، حيث النوافذ مفتوحة على سماء متلبدة بالغيوم، دخلت الأم بخطوات مترددة، وقلبها يخفق بشدة، كأنما يحمل بين طياته أملًا لا يحتمل الفقدان. كانت تلك الأربع سنوات من الانتظار والترقب والتوسل تعصف بها، سنوات تآكلت فيها روحها، تبحث عن قطعة مفقودة منها، عن ابنها الذي غاب عنها وكأن جزءًا من كيانها قد انسلخ عنها.

لاحظها نوح حينما نطقت اسمه، فالتفت نحوها ونظره يكسوه فراغ الذكريات، ولكنه يتوهج بإحساس غريب. لم يعرف من تكون، ولكن دفء وجودها أنعش قلبه بنبض لم يشعر به منذ سنوات، كأنما أحيا فيه شعورًا دفينًا لم يدركه بعد.

لم تستطع الأم حبس دموعها، فقد سالت على وجنتيها كأنها سيل من مشاعر مكبوتة. قالت بصوت مكسور، لكنه يحمل فرحة مشبوبة برؤيته أمامها مجددًا: "ابني... أنتَ عايش؟"

رغم أنه لم يتذكرها، شعر بشيء عميق ينبض في أعماقه، كأنما هذه المرأة جزء من ذاكرتة الضائعة، وكأن صوتها وملامح وجهها محفورة في صميم قلبه. لم يكن قادرًا على النطق بكلمة، لكن شيئًا ما في أعماقه همس له أن هذه المرأة هي ملاذه، هي الأمان الذي طالما افتقده في زحمة الأيام.

موعدُنا في زمنٍ آخرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن