ch15, end

125 13 13
                                    

vote + comment please
comment between paragraphs.




اعتدتُ الحديثَ عن البشرِ..

عن حماقةِ البشرِ، عن غباءِ البشرِ، عن كذِب البشرِ، عن خيانةِ البشرِ، عن أنانيّة البشرِ، عن لؤمِ البشرِ، عن فظاظةِ البشرِ، عن شراسةِ البشرِ، عن قسوةِ البشرِ، عن غلظةِ البشرِ، عن سوء البشرِ، عن شرّ البشرِ، و عن قُبحِ البشرِ.

لٰكنّني لمْ أصرّح يومًا عن تايهيون و عيوبِه الّلا متناهيَة.

أدركتُ فيما بعد أنّني أسوءُ البشرِ و أقبحهم أفعالًا
و ما أستحقُّ أناْ سوىٰ وحدةً تتقشّرُ لها العظامُ تجمّدًا.

لربّما كنتُ علىٰ حقٍّ، قد طُعنت في أواسطي لمرّاتٍ لا تُحصىٰ، لربّما كنتُ بالغًا في البراءِة و المحبّةِ حتّىٰ بتُّ مدمنًا لاستغلالِ الآخرينَ، لٰكنّني و ما إنِ التقَيتُ ببومقيو حتّىٰ أيقنتُ أنّي لمْ أعُد كما السّابق..
متُّ، و وُلدتُ من جديد، في خلقٍ جديد.
رأيتُ نفسي فيهِ، و رأيتُهم في ذاتي.

أستمعُ إلىٰ أحاديثِ أمّي الّتي لا تُحصىٰ، تتحدّثُ فيها عن كمْ كنتُ عدوانيًّا في صغرِي، كم كنتُ أصرخُ فيها و كمْ كنتُ أوجّه بلكماتيَ الصّغيرةِ علىٰ فخذَيها، كم كنتُ رافضًا لفكرةِ وجودِها و كم كنتُ أمقتُ طَيفها.

كمْ كانتْ تحسّ بأنّ طفلها الوحيد باتَتْ مقلتَيه نحوها كارِهةُ المُنظرِ، و كمْ كانتْ تشعرُ بضميرِ صغيرِها يتمنّىٰ المَوتَ لما تحملُه هيَ مِن روحٍ في الجَوفِ.

لٰكنّها تؤكّدُ مرارًا أنّه قدْ هانَ علَيها وجعُها حينما علِمتْ بما اعتدتُ مواجهتهُ في مدرستِي الابتدائيَّةِ بعدَ حديثِها معَ معلّمتي، زاعمةً بأنّها تعاطفتْ معي و زالَ عنْ صدرِها ثقلي بأنْ علِمتْ بأنّي بوقتٍ عصيبٍ أخطو ولا يسعُني الحديثُ.

لٰكن أسَتخبرُ بكلّ كلمةٍ تغادرُ فاهها إنْ كانَ قد زالَ ألمُها كما تزعمُ؟

و حينها فحسب أدركتُ أنّ أوّل ضحايايَ كانتْ والدتي، في عمرٍ ما تعدّىٰ الخامسة هو الّذي كنتُ أحياهُ.

فتعودُ ثانيةً سهامُ أوهامِي بتسديدِ أنفسِها نحوَ ما يقبعُ بَين أوساطي، تعودُ دوّاماتِ بحارِي برسمِ ذاتِها مِن سطحِي امتدادًا حتّىٰ أعماقِ أعماقي، تُشرّفُ أعاصيرُ شتاء أجوائي بالحلولِ علىٰ جمالِ مدينتي و الأراضي، لأقفَ ضعيفًا أناْ أتأمّل بشاعةَ خارجي و داخلي مقيّدَ اليدينِ بلا معينٍ يحرّرِ ساعدي، بَينما قد اتّخذتْ خُطاها مودّعةً إيّاي وداعًا أبديًا لا ينكسرُ أبدًا هي آمالي.

إنّي ليرتابني الشّك حَول حقيقةِ ولائي، فلربّما كنتُ بالأصلِ بشعًا دونَ علمي مذ وُلادتِي و حتّىٰ يومَنا الّذي أترجّىٰ فيهِ نهايةً لإحياءي، بلْ يحسّ فؤادي بتأكّدِه مِن تلكَ أفكاري فيستحيلُ أنْ كنتُ قدِ اختتمتُ يومًا دونَ اندلاعِ خباثةِ نيراني.

دَيجور || tgWhere stories live. Discover now