ظهور غير متوقع

177 87 41
                                    

كانت خطواته المُهرولة تجذب أنظار الناس خاصةً مع ملابس النوم المُلطخة بِالدماء التي لم يخلعها مُنذ أن أدركته الفاجعة.

تكاد خطواته تَدُكُّ الأرض تحته، الحنق مهيمنٌ علىٰ أحاسيسه فَبِمُجرد رؤيته لِذاك المُحقق الّذي تباهىٰ بِقدراتِه ثُمَ أمضىٰ أسبوعًا دون التوصل لِشيء ممّا أدىٰ لِقتل ابنه امسكه مِن تلابيبِه وَ الغضب يعمي بصيرته يقول له في نبرة صارخة:

«أنتَ يا مَن سميت نفسك مُحققًا، أُنظر إلىٰ ما حدث لابني، أترىٰ هذهِ الدماء إنها خاصته !»

تجمع عليه كُل مَن بِداخل مركز الشرطة يُحاولون تهدئته لكن لا حياة لِمَن تُنادي.

وَ لم يملك المُحقق إلا أن يرثيه بِالكلمات المُعتادة ثُمَ قال له الحقيقة التي أزعجت "رشاد" أكثر:

«سيدي، لقد حاولت، لكن لم يقتصر الأمر علىٰ محاولة إختراق رغم أن هذهِ الحادثة وحدها تدل علىٰ أن مَن نواجهه هذهِ المرة مُختلف، أعني لقد حاول فريق أمني كامل إيقاف الإختراق وَ لكن لم يستطع أحد منهم ردعه»

لم يستطع أن تواجه عينه عين "رشاد" اللوامة علىٰ فشلِه وَ أنزلها إلىٰ الأرض يُتابع في نبرة خافتة:
«حاولنا تتبعه وَلكن فشلت مُحاولاتنا وَ... »

- لقد وعدتني، أخبرتني أنك بِالتأكيد ستنقذ ابني وَ لكن....

لم يستطع إكمال الجملة وَ انهار أرضًا لا يعلم ما الخطوة التالية، فَالفقيد ابنه وَ أغلىٰ ما عنده وَ الآن قد فقد آخر فرد مِن عائلته بعد وفاة زوجته قبل فترة.

استدار المُحقق ناحية الباب يُلقي تحية احترام علىٰ ذاك الّذي دلف المكان في هيبة وَ الّذي اتضح أنه رئيسه في العمل،

مدَّ الرئيس يده ناحية "رشاد" يُساعده علىٰ النهوض ثُمَ قال في أسف :
«بِالطبع أي اعتذارٍ مِنا في الوقت الحالي لَهُوَ غير مقبول؛ وَلكن نود أن نطمئنك أن مَن فعل هذا بِابنك لن يفلت مِن العقاب »

- هذا ما أرجوه، وَ لكن هذا المُحقق لن يعمل علىٰ قضية ابني بعد الآن فَالتختر واحدًا أكثر كفاءة.

أماء الرئيس في تفهمٍ ثم ردَّ بِنبرة هادئة يمتص غضبه وَيهدئه لِفترة كي تسير التحقيقات بِسلاسة:

«بِالتأكيد، لقد اخترت لك عقلًا شابًا وَ الّذي سيكون الأمثل لحل القضية»

- هذا ما قلتموه المرة الفائتة وَ النتيجة أنتَ على علمٍ بِها.

ارتسمت بسمة راقية علىٰ وجه الرئيس يقول بِثقة انتقلت مِن نبرتِه إلىٰ نفس "رشاد" :

«لا تقلق، إنه كَالورقة الرابحة التي لا تفشل في إبهارنا كُل مرة»

وَ مع إنهاء الرئيس لِجملته دخل هُوَ لِلمكان يحمل مُستندات عديدة رافعًا إياها حتىٰ أخفت رأسه فيما عدا شعره الأسود المُصفف جيدًا.

على اوتار العذابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن