|٦- فراشة بأجنحة وردية.|

49 4 43
                                    


يسير في رُدهات القصر، شابكًا يديه خلف ظهره، مُرتديًا نظارته الجديدة، ويرفع يده ليُعيد ترتيب خصلاته التي تُزعج عينيه، وإلى جواره يسير صفوان وهو يحمل بين يديه بعض الكتب.
كان إلياسُ شاردًا في قلبه الذي لم يعُد يفهمه، ودون أن يدري وجدت عيناه طريقها إلى تلك التي تسير أمامه تضحك في مرح وهي تُحادث نور، إنها سبب شقاء قلبه.. وحيرته المُلازمة له، تشتته الغريب.
تضحك ولا تدري بما فعلته بقلبه الرقيق!
ولكن ليسَ ذنبها أبدًا أن قلبه مالَ لها، أن عيناه زاغت نحوها، أن عقله انشغل بها، وأن أحلامه عجّت بضحكاتها، لم يكُن ذنبها قط أنه وقع في حُبّها..
بل كان كُلُّ ذلك مِن صُنع قلبه بعدما قرر التمرُّد عليه، فما كان له سوى أن يهمس لذاته: «ذُق يا قَلبُ ما صَنَعَت يَداك!»

لم يكُن مِن أهل الحُب يومًا، وظنّ أنه ليس أهلًا له أيضًا، فأتاه مِن حيثُ لا يدري! ولم يطرق الباب، بل اقتحم دون استئذان.

أفاق مِن شروده وقد وصل إلى وجهته، وتوقف يرمق باب العيادة الطبيبة الملكية بهدوء ثُم التفت إلى ليلى ونور يُشير قائلًا:

- لقد وصلنا.

- هشتغل هنا؟

سألت في حماس، فأومأ برأسه يؤكد:

- أچل، فلندخل.

دلف تتبعه ليلى، أمّا صفوان فقد قرر المكوث بالخارج حتى يعود إليه سيده وبقيَ نور إلى جواره..
وفي الداخل كانت العيادة فائقة النظافة والنظام ولكنها كذلك تفتقر للعمالة! اقترب إلياس مِن إحدى الغُرف التي كُتب عليها مِن الخارج «الطبيبة الملكية: رضوَى محمود»

طرق الباب ثلاث مرات ثُم دخل إليها، فوجدها تجلس خلف مكتبها تتفحص بعض الأوراق لكن سُرعان ما رفعت عينيها لترى مَن هو زائرها، وما إن رأته حتى استقامت واقفة تقول باحترام:

- مولاي!

- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أتيتُ ومعي ضيفة أيمكنها الدخول؟

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بالطبع يمكنها، ولتتفضل يا سيدي بالجلوس.

انسحبت مِن مكانها تُشير إلى مقعدها الوثير حتى يجلس عليه بدلًا مِن الكراسي الخشبية الصغيرة، لكنه رفض بشكلٍ قاطع وهو يقول:

- فلتجلسي في مقعدكِ أيتها الطبيبة..

جلس على الكرسي المقابل وهتف مُناديًا ليلى التي دلفت على استحياء لتتفاجئ بفتاة أُخرى تُسدل حجابها على وجهها فلم تقدر على رؤيتها، ورغم ذلك استشعرت لطافتها ورِقَّتها خصوصًا بعدما سمعتها لبعض الوقت..

الأَرَاضِي المَنْسِيَّة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن