كان مُنغمسًا في عمله، سعيدًا به، يشعر بقلبه يكاد يخرج مِن صدره مُحلقًا مِن فرط الرضا والسعادة، ولا ينفك يفكر في تلك الطفلة التي تناولت منه صحنها وتناولته في سعادة، وتلك العجوز التي مدحته ودثّرته بالدعاء، الكثير حقًا.. الكثير للمرة الأولى يشعرونه بأنه يطهو ترياقًا سحريًا يُسبب السعادة.. ويرسم الابتسامة على الوجوه.
وهكذا استمر في صنع الطعام صباح مساء، دون كللٍ أو ملل..وفي هدوء أقبل عليه إلياس مُلقيًا السلام، فردّه عليه مُبتسمًا:
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ابتسم إلياس وهو يسأله:
- أتُلقي السلام وترده؟
- أيوة، عرفت بوجود اللّٰه، ففهمت معنى السلام، والرحمة الإلهية.
- بارك اللّٰه فيكَ يا نور، وألقى عليكَ رحمته ومحبته.
أخبرني ما بالي لا أراكَ سوى في مطبخ القصر؟
ألا تُريد الخروج؟- معنديش حاجة أعملها، وأنا مُستمتع بالطبخ وتوزيع الأكل.
اقترب إلياس وشمر عَن ساعديه وأمسك بسكينٍ يُساعد في تقطيع الخضروات، ولكنه قال كذلك:
- سأعينكَ على إنهاء هذه الوجبة، ولكنها ستكونُ وجبتكَ الأخيرة في الوقت الحالي؛ فأنا أحتاج مُساعدتكَ يا نور.
- أقدر أساعدك في إيه؟
صمت إلياس قليلًا قبل أن يقول:
- أتدري لمَ صفوان دائم الصمت؟
هذا لكونه قد فقد والديه في سنٍ صغيرة إثر حادثٍ أليم شهد بأُم عينيه.
وهكذا كبر وحيدًا، في دار رعاية ثُم التحق بالمدرسة العسكرية وبسبب مهارته وقوته وذكائه، أصبح رفيقي ومعاوني.
ولكن يا نور في الآونة الأخيرة صار أكثر هدوءًا وغرابة، وعندما بحثتُ في الأمر اكتشفت أنه.. واقعٌ في حُب فتاة ما.انتفض نور إثر سماع ذلك وصاح في محاولة للدفاع عَن صفوان:
- كل الناس ممكن تحب عادي، هو معملش حاجة غلط، قلبه مش بإيده.
قاطعته قهقهات إلياس التي علت وبسمته التي توسعت:
- اهدأ يا نور؛ فأنا لا ألومه على ذلك، وليست هذه المشكلة.
أنت تقرأ
الأَرَاضِي المَنْسِيَّة.
Adventureبينَ طيَّات الزمان والمكان، بينَ الحقيقة والأسطورة، وبينَ أعماق المُحيطات وأعالي السماوات، تقع هي في ذلك المكان حيثُ لم يُخلق مَن هو قادر على إيجادها، هي فقط مَن تصنع الطريق نحوها، سامحة لقلة بالوصول إليها، فإن كُنت مِن «المنوَّرين» انتظر بصبر؛ فبال...