|١- مكانٌ ما.|

57 8 23
                                    


ركضت بأسرع ما لديها وكأنها تُسابق الزمن، كانت على مشارف السقوط لعدة مرات لكن ذلك لم يمنعها مِن الاستمرار، وكل بضع ثوانٍ تلتفت برأسها إلى الخلف في قلقٍ جم؛ خشية الإمساك بها..
اتسعت مقلتاها وهي تراه يركض خلفها محاولًا تمالك أنفاسه غير قادرٍ على التنفس، توقفت أخيرًا واتجهت صوبه تسأل في فزع:

- بتعمل إيه هنا يا نور؟ بتجري ورايا ليه؟

- أنا لقيتِك بتجري جريت وراكِ، إيه اللي بيحصل يا لِيلي؟

تسارعت دقاتها برُعب وأسرعت نحو نور تمسكه مِن كتفيه دافعة إياه نحو الطريق الذي أتيا منه وهي تزجره:

- امشي يا نور، بسرعة يالا.. هيمسكوك معايا وإنتَ معملتش حاجة.

- لا مش هسيبك طبعًا! وبعدين إنتِ عملتِ إيه؟

تنهدت وأغلقت عينيها تحاول التفكير، ثُم فتحتهما تجيبه بصوت مرتجف:

- أنا لقيت حاجة مكانش المفروض ألاقيها.

- لِيلي متخافيش، محدش هيلاقينا هنا، قوليلي إيه اللي لقيتيه؟

أومأت ليلى برأسها وتأملت المكان حولهما، كانا في صحراء تخلو مِن مظاهر الحياة عدا بُحيرة صغيرة، اقتربت منها وجلست أمامها، ارتشفت قليلًا مِن الماء العذب ثُم سكبت منه على وجهها مُستشعرة ببرودته التي تحتاجها بشدة، اقترب نور وجلس جوارها وحاول طمأنتها حتى تُخبره بما تخفيه، وبعد دقائق كان قد نجح في ذلك، واستمع إليها تروي:

- أنا بعد الاجتماع وقفت أنظف المكان، وهناك لقيت ورقة، المكتوب مكانش واضح، بس قدرت أقرأ كلمة منه، هي غريبة وأول مرة أشوفها، حتى نطقها ثقيل على لساني.

- إيه هي؟ متخافيش أنا معاكِ.

كادت ليلى أن تنطق بالكلمة لكنها شعرت بالدوار وبثقل رأسها وشعرت بقوة غريبة تجذبها نحو البُحيرة وبالفعل سقطت فيها، صرخت بجزع وبدأ الماء يجذبها لأسفل نحو القاع، جزع نور وقفز في الماء سريعًا في محاولة لإنقاذها لكن البُحيرة كانت تفوقه قوة حيثُ نالت منه كذلك، وغرق الاثنان فيها فاقدين الوعي، ومُستسلمين للتيار..

***

فتح عينيه ببطئ شاعرًا بألمٍ حاد يسري في بدنه ودوار شديد يجتاحه، كانت الظُلمة تحيطه مِن كُل صوب؛ إثر عجزه عَن فتح عينيه بشكلٍ صحيح، ورغم ذلك شعر بشيء مُلقى جواره فامتدت يده مُتحسسة ما حوله بارتياب وحينها استشعر حرارة جسدٍ آخر، فضغط على رأسه متمتمًا بثقل:

الأَرَاضِي المَنْسِيَّة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن