01

308 26 6
                                    

  الليل قد أسدل ستاره على ساحة المعركة، حيث انتشرت جثث الجنود على الأرض كالدمى المكسورة. الهواء كان ثقيلًا برائحة الدم والحديد، والصمت القاتل لم يكن يُقطعه إلا صوت الخطوات الثقيلة لجيون، الطاغية الذي فرض سلطته على هذه الأرض بقبضة من حديد. كان يمشي بين حطام الرجال، متفحصًا بعيون باردة كالجليد، كأنه يبحث عن شيء معين، أو بالأحرى، كأنه يتفقد ملكًا لا يقبل الخسارة فيه.

جيون لم يكن مجرد قائد؛ كان تجسيدًا حيًا للقوة، وكانت كل خطوة يخطوها تحكي عن سيطرة مطلقة لا تقبل التحدي. كان يرتدي درعه الأسود الذي يعكس ضوء القمر بشكل خافت، مضفيًا عليه هالة من الرهبة والغموض. من خلف قناعه الحديدي، لم يكن أحد قادرًا على قراءة مشاعره، إن كانت لديه مشاعر أصلًا. عيونه التي لم تُظهر يومًا الرحمة، كانت تنظر إلى رجاله كمجرد أدوات في يده، يتحكم في مصائرهم كما يشاء.

توقف جيون أمام جندي جريح، نصف ميت تقريبًا، كان يرتجف بين الحياة والموت. رفع الجندي عينيه إلى قائده، مرتعدًا من الخوف أكثر مما هو متألم من جراحه. كان يعلم أنه لا سبيل للشفقة هنا، فلا يعرف جيون سوى العقاب، حتى في لحظات الانكسار. لكنه حاول، بصوت متحشرج، أن يطلب الرحمة، علّه ينال شيئًا من الشفقة.

"قائدي... أرجوك..." كانت الكلمات بالكاد تخرج من فمه، لكن ما تبقى من الأمل في عينيه سرعان ما انطفأ عندما نظر إلى تعبير جيون.

انحنى جيون قليلاً، ليسمع آخر كلمات الجندي، لكن لم يكن في عينيه أي أثر للتعاطف. "أنتَ ضعيف... والضعف لا مكان له في جيشي." قالها جيون بصوت منخفض وبارد، قبل أن يقف مجددًا ويعطي أمرًا سريعًا لأحد جنوده القريبين بإنهاء حياة الجريح. لم يكن يهمه من يعيش ومن يموت، طالما بقي الجيش تحت سيطرته الكاملة، طالما بقي الخوف محفورًا في قلوبهم.

بعد ذلك، تحرك جيون نحو خيمته، متجاهلًا كل العيون التي تتبعه بخوف واحترام. داخل الخيمة، كان الجو مشحونًا بالتوتر، حيث كان ينتظره بعض من كبار قادته، جميعهم يقفون في حالة تأهب دائم، وكأنهم يخشون أن يتنفسوا أمامه بدون إذنه. دخل جيون الخيمة، وألقى نظرة عابرة عليهم، قبل أن يستقر خلف طاولة واسعة مليئة بالخرائط والوثائق. بإشارة واحدة من يده، أمر الجميع بالجلوس، لكن الصمت ظل ثقيلًا على المكان، إذ لم يجرؤ أحد على البدء بالكلام.

"لدينا مهمات قادمة، ولا مجال للفشل." قال جيون بصوت هادئ لكنه يحمل في طياته تهديدًا لا يمكن تجاهله. كان يتحدث وكأنه يصدر أحكامًا لا نقاش فيها، وكانت نبرته كافية لتجعل كل منهم يحبس أنفاسه، متجنبين النظر في عينيه مباشرة.

بينما كان جيون يشرح الخطط القادمة، دخل أحد الجنود فجأة، بانحناءة خفيفة وملامح مذعورة. "سيدي، الطبيبة فألفانيا هنا... تقول إنها بحاجة لرؤيتك."

Τнє Тyrannιcal мanحيث تعيش القصص. اكتشف الآن