الفصل الأول: "شفق الغموض"
في خيوط الفجر الأولى، عندما لم تكن الشمس قد استيقظت تمامًا من سباتها، كان أليكس يستيقظ في جناحه الهادئ داخل القصر الملكي في إيريسيا.
خيوط الضوء المتسللة من النوافذ الزجاجية الملونة ترسم أشكالاً سحرية على الأرض، وكأنها تدعو الأمير الشاب للانطلاق إلى يوم جديد. أليكس، ذو الشعر الداكن والعيون الرمادية، نهض ببطء، عابسًا كما لو كان يشعر بوجود شيء غير معتاد في الأجواء.خرج أليكس من سريره وارتدى ملابسه الخفيفة، ملابس التمرين التي أعدها خصيصًا لهذا اليوم، فقد كانت الغابة القريبة تستعد لاستقبال مجموعة من الحراس المخلصين. بينما كان يستعد، كان يتلقى من بعيد همسات الرياح التي حملت معها نذيرًا من الغموض.الغابة المحيطة بالقصر، والمعروفة باسم "غابة الظلال"، كانت دائمًا مكانًا يتسم بالهدوء والسحر. الأشجار الشاهقة التي تلتف حولها الأغصان الداكنة كانت تعكس الضوء بطريقة غامضة، وكأنها تحفظ أسرارًا لم تُكشف بعد. عميقة في قلب هذه الغابة، تسكن كائنات سحرية ومخلوقات غير مرئية تراقب كل حركة، لكن اليوم، كان هناك شيء مختلف في الأجواء.
أليكس خرج من القصر متوجهًا إلى الغابة، حيث كان في انتظاره نيكولاي، قائد الجيش وصديقه المقرب، إلى جانب مجموعة من الحراس المدربين. وصل أليكس إلى نقطة الالتقاء، حيث كان نيكولاي ينتظر بقلق واضح على وجهه، بينما كان الحراس يتجمعون بصمت، يراقبون أفق الغابة."صباح الخير، سيدي"، قال نيكولاي بصوت منخفض، وهو يلتقط نظرة سريعة إلى السماء.ألقى أليكس نظرة إلى الأفق، حيث كان الشفق الذي يغلف المملكة يظهر بوضوح. كان الضوء يتسلل من بين الأشجار، ليخلق تباينًا بين الظلال والنور، وكأن المملكة مغطاة بطبقة من السحر الغامض الذي لم يكتشف بعد. كانت الألوان تتغير بشكل مستمر، من البرتقالي الدافئ إلى الأزرق الداكن، مما منح الغابة مظهرًا غير طبيعي."لاحظت ذلك أيضًا"، أجاب أليكس، وهو يتفحص الأفق. "الشفق يبدو أكثر كثافة من المعتاد، وكأن المملكة تحجب شيئًا لا نفهمه."بدأت المجموعة في التحرك عبر الغابة، تتخللها أشعة الشمس المنكسرة والضباب الرقيق الذي ينساب بين الأشجار.
أضواء الشمس التي تخترق الغطاء الكثيف للأشجار كانت ترقص على الأرض، مشكّلةً ظلالًا متغيرة. كلما اقتربوا من قلب الغابة، زادت كثافة الشفق، وأصبح الهواء أكثر برودة.كان أليكس يتقدم بحذر، بينما الحراس ينشرون أنفسهم على الجوانب، مستعدين لأي تهديد قد يظهر. نيكولاي، الذي كان يتفقد المحيط، لم يفارق أليكس بعينيه."يجب أن نكون على يقظة"، قال نيكولاي بلهجة جادة. "هناك شيء غريب في هذا الشفق، شيء لا يمكننا تفسيره."بينما كانوا يتوغلون في الغابة، تزايدت كثافة الظلال، لتصبح وكأنها سحب متشابكة تلتف حول الأشجار. فجأة، توقف أليكس، وشعر بشيء غير عادي. كان هناك شعور بالألم الخفيف، كما لو كان هناك شيء في الهواء يستجلب القلق. تزايدت همسات الرياح، وكأنها تحمل نداءً لم يسمعه أحد.نظرت المجموعة إلى الأفق، حيث كان الشفق يتلون بألوان غير طبيعية، وتجمعت ألوان خافتة من الأحمر والأزرق، وكأنها رسمت لوحات غير متوقعة في السماء. أليكس شعر بشيء غريب، وكأن أضواء الشفق تتحدث إليه بلغة لا يفهمها."يبدو أن المملكة في حالة طوارئ"، قال أليكس بصوت منخفض، مشيرًا إلى التغيرات في الأفق.توقف الجميع للحظة، متأملين الشفق الذي يلتف حول المملكة، حيث بدأت الأرض تهتز بشكل غير مرئي، وكأنها تستجيب للظلال التي تتسلل عبرها. كانت الأجواء مشحونة بشعور من الخوف والترقب، وكأن المملكة نفسها كانت تراقب وتنتظر ما سيحدث بعد ذلك.
أخذ أليكس نفسًا عميقًا، مستشعرًا البرودة التي بدأت تغمر الغابة، وأشار إلى المجموعة للاستمرار في التقدم. كان الهواء مزيجًا من البرودة والضباب، يتخلله ضوء الشمس الذي يبدو وكأنه يبعث إضاءات غير مستقرة عبر الأشجار. في كل مرة كان يخطو فيها على الأرض، كان يسمع صريرًا خافتًا، كما لو أن الغابة نفسها كانت تهمس بأسرارها.مع مرور الوقت، بدأت الأصوات تتغير. همسات الرياح أصبحت أكثر وضوحًا، وكأنها تعزف لحنًا غير مألوف. كانت الأشجار تتمايل بلطف، وتبدو وكأنها تتحرك بنمط غير منتظم، مما جعل الأجواء تبدو مشحونة بشعور من القلق والغموض. كانت الغابة تتنفس، وكل زاوية من زواياها كانت مليئة بلمسات غير مرئية، تسحب أليكس والمجموعة إلى عمقها المظلم."سيدي، انتبه!" صرخ أحد الحراس، مشيرًا إلى شيء غير واضح بين الأشجار. تجمد الجميع في أماكنهم، عيونهم مفتوحة على مصراعيها، متابعين كل حركة في الأفق. بدا أن هناك تغييرات في الضوء والظل، كأن الألوان بدأت تتفاعل بشكل غريب.كان أليكس يركز على تلك النقطة، مستشعرًا توترًا يتسرب إلى كل جزء من جسده. أوقف المجموعة، ورفع يده لإشارة الصمت. أمسك بقوسه، استعدادًا لأي طارئ، ونظر إلى نيكولاي."نحن على وشك أن نكتشف شيئًا مهمًا"، قال أليكس بصوت منخفض، بينما كان الجميع ينتظر بصمت. "ابقوا على استعداد."تقدمت المجموعة بحذر، مع التركيز على كل حركة حولهم.
الألوان في الشفق أصبحت أكثر تألقًا وتغيرًا، والضوء الذي يتسرب من بين الأشجار تحول إلى ألوان متوهجة. ومع كل خطوة، كان هناك شعور متزايد بأنهم يقتربون من قلب الغموض الذي يغلف إيريسيا.فجأة، شعر أليكس بارتعاش على الأرض. كان الإحساس خفيفًا، ولكنه واضح بما يكفي ليشعر به. رفع رأسه نحو السماء، حيث بدأ الشفق يتحول إلى دوامات متلألئة، وكأنها نوافذ تفتح على عالم آخر. كان المنظر مدهشًا، ولكنه أثار شعورًا عميقًا بالقلق."هناك شيء غير طبيعي يحدث هنا"، قال أليكس، وعيناه تتابعان الحركات الغامضة للشفق. "لا بد أن نبحث عن مصدر هذا التغيير."أخذت المجموعة مسارًا جديدًا، يتبعون علامات غير واضحة تتركها الظلال على الأرض. كلما اقتربوا من النقطة التي يشعرون بها بالقوة الغامضة، زادت كثافة الضباب وتغيرت ألوان الشفق. كانت الغابة تتنفس بقوة، وكأنها تستجيب لحضورهم.وصلوا إلى clearing، حيث كان الشفق يبدو أكثر كثافة، وكأنها سحب من الألوان المتوهجة التي تملأ الأفق. في وسط clearing، كان هناك شكل غير واضح، كائن غامض يلوح في الأفق. كان يشبه هيكلًا شفافًا يتلألأ بألوان غير معروفة، تثير مشاعر من الخوف والدهشة.تقدم أليكس ببطء، عينيه مركزتين على الشكل.
كانت هناك هالة من الضوء حوله، تجعل من الصعب تحديد التفاصيل بدقة. اقترب حتى أصبح على بعد خطوات قليلة من الكائن، وشعر بضغط غير مرئي يحاصره. كانت هناك همسات غير مفهومة تأتي من الكائن، وكأنها تتحدث بلغة قديمة."ما هذا؟" سأل أليكس بصوت منخفض، أكثر لنفسه من الآخرين. كان يحاول فهم ما يراه، لكنه لم يكن قادرًا على تفسير الغموض المحيط به.فجأة، تحرك الكائن، وبدأ الضوء الذي ينبعث منه يتغير، مشكلاً رمزًا غير معروف، كأنه يشير إلى شيء عميق في تاريخ المملكة. كانت اللحظة مليئة بالترقب والخوف، وكأنها مقدمة لكشف يغير كل شيء."علينا العودة إلى القصر وإبلاغ الجميع بما اكتشفناه"، قال أليكس أخيرًا، وهو يوجه نيكولاي والحراس. "هذا الشفق ليس مجرد ظاهرة طبيعية.هناك شيء أعمق، وربما أكثر خطورة، يتكشف أمامنا."توجهت المجموعة نحو القصر، بينما كانت الغابة خلفهم تنغمس في الظلام، والشفق يتلاشى تدريجيًا. كان أليكس يعرف أن ما رأوه اليوم هو بداية شيء أكبر، ربما بداية لأسرار لم تُكشف بعد، وأحداث ستغير مصير إيريسيا للأبد.
![](https://img.wattpad.com/cover/375356711-288-k580710.jpg)
أنت تقرأ
حراس ظلال
Fantasia"في ظلال الليل، حيث تلتقي قلوبنا في رقصة محظورة، أُضحي بحياتي من أجل حبك، حتى لو كانت النتيجة أن أتحول إلى طيف عابر، مُبتلًى بشوقٍ قاتل ولذة سمية."