الفصل الرابع الهروب غير الممكن

296 7 1
                                    

بعد عودته إلى المنزل، استلقى سامي على سريره، محاولةً منه لتهدئة عقله بعد اليوم الطويل. لكنه لم يستطع التخلص من الأفكار التي راودته عن الرجل العجوز. "هل كان يعرف؟" تساءل بينه وبين نفسه. ربما كان يعلم، وربما لا. لكن في نهاية المطاف، ما أهمية ذلك؟ فهو مجرد رجل غريب لن يراه مرة أخرى. ومع ذلك، كانت هناك معضلة أكبر تسيطر على عقله.


سام.


كيف سيتجنبها؟ كيف يمكن أن يرفض دعوتها دون أن يبدو ضعيفًا أو غريبًا؟ سامي لم يحب السباحة، بل كرهها. كانت تشعره بالعري والضعف، كما أن الحفاضات التي يرتديها لا تتناسب مع هذه الأنشطة. لكن سام كانت صاخبة وعنيدة، ولم تكن من النوع الذي يتقبل الرفض بسهولة.


"لماذا تهتم بي؟" تساءل سامي. "لماذا تريد قضاء الوقت معي؟"


لم يستطع سامي رؤية نفسه كشخص مثير للاهتمام. في داخله، كان يرى نفسه مجرد فتى محاصر في جسد معيب، غير قادر على الانسجام مع الآخرين. كلما فكر في الأمر، كلما زاد شعوره بالعزلة والاختلاف عن بقية العالم. كانت الحياة بالنسبة له سلسلة من المحاولات اليائسة لتجنب الإحراج والألم.


بدأ الظلام يتسلل إلى غرفته، وكان الصمت يثقل على قلبه. حاول إغلاق عينيه، لكنه لم يستطع الهروب من هذه الأفكار المتشابكة التي تدور في عقله.

وصلت إلى الساعة الرابعة فجرا حتى جاءه النعاس فنام إلى إن وصلت الساعة التاسعة فسمع سامي صوت أمه تنادي من بعيد أعتقد من مطبخ يقول سامي استيقظ كفى نوما عندما لم تسمع الرد سمع سامي خطواتها عبر الدرجات عندها فتحت الباب لا خصوصية هنا لي نزعت أمه بطانية ونظر سامي لعينيها من وراء عدسات نظارتها ورأى فيها الغضب بدون مناقشة في الموضوع برغم النعاس نهض سامي من السرير بدأ مشي إلى الحمام لقد كان سامي يشعر بالثقل في كل خطوة يخطوها، ليس فقط بسبب الحفاضة الممتلئة التي جرتها ساقاه، بل بسبب كل ما يحمله في داخله. دخل إلى الحمام وأغلق الباب خلفه بعناية، كما لو كان يحاول حجب العالم بأسره. وقف أمام المرآة وألقى نظرة عابرة على انعكاسه، ذلك الطفل الذي ظل يطارده في كل لحظة من حياته.


رأى في المرآة وجهه الشاحب وعينيه المثقلتين بالتعب. "هل هذا أنا؟" سأل نفسه. لم يكن يرى أي نضج في نفسه، فقط صورة طفل محاصر في جسد لا ينمو ولا يتغير. كان الحفاض السميك بمثابة رمز لتلك القيود التي يعجز عن التخلص منها.


فكر في سام، تلك الفتاة الصاخبة التي لم يستطع فهم اهتمامها به. كان يشعر بأنها تنتمي إلى عالم مختلف، عالم من الضحكات والحرية، بينما هو محاصر في عالم من الصمت والعزلة. كيف يمكنه مواجهتها اليوم؟ كيف يمكنه أن يتظاهر بأن كل شيء على ما يرام؟


بدأ سامي يخلع الحفاض ببطء، يشعر بوزنه وهو يسقط إلى الأرض. غسّل وجهه بالماء البارد، محاولًا إيقاظ نفسه من ذلك الكابوس الذي أصبح حياته اليومية. لكن حتى الماء البارد لم يكن كافيًا لإزالة ذلك الثقل عن صدره.

بينما كان سامي يجلس لتناول الفطور، شعر بشيء من الهدوء المؤقت وهو يرى والده يبتسم له بحرارة ويقول: "صباح الخير يا نمر." كانت والدته منهمكة في تحضير الفطائر المحلاة، تلك الفطائر التي كانت دائمًا تصنعها بحب، وعيناها تشعان بالسعادة.


لكن سامي لم يكن سعيدًا بنفس القدر. تناول الفطائر ببطء، وبدأت الأسئلة تحوم في رأسه. لاحظت والدته هذا القلق الذي كان يسيطر عليه، فجلست بجانبه وسألته: "ما بك يا بني؟"


سامي لم يعرف كيف يجيب. كانت الأمور معقدة للغاية في رأسه. حاول أن يجد كلمات تصف شعوره، لكنه لم يستطع. قال بصوت خافت: "لا أعرف يا أمي... هناك تلك الفتاة... سام... لقد دعتني للخروج معها ومع بعض أصدقائها وأخيها. لا أعرف كيف أرفض الدعوة. إنها تريد مني السباحة، وأنا لا أطيق السباحة."


جلست أمه بجانبه، ووضعت يدها على كتفه برفق. "أعرف كم تجد صعوبة في التعامل مع مثل هذه المواقف، بني. لكن في بعض الأحيان يكون عليك فقط أن تقول لا."


نظر سامي في عينيها، وشعر بالعجز. "إنها فتاة لا تقبل بتلك الكلمة أبدًا، أمي. إنها عنيدة جدًا. حتى لو قلت لا، ستجد طريقة للضغط عليّ."


أمه تنهدت وقالت: "سامي، الحياة مليئة بالأشخاص الذين سيحاولون دفعنا لفعل أشياء لا نريدها. لكن يجب أن تتعلم كيف تحافظ على حدودك. ليس عليك أن ترضي الجميع دائمًا."


لكن سامي لم يكن متأكدًا من أنه قادر على ذلك. كان يشعر بأنه عالق بين رغبته في الحفاظ على صداقته مع سام، وبين الخوف من تعرضه للإحراج أمام الآخرين.

أخذ والده نفسًا عميقًا ثم قال بنبرة هادئة ولكن حازمة: "أسمع يا نمر، أنا أوافق أمك. عليك مواجهة الأمر، عاجلًا أو آجلًا."


ركز سامي عينيه على والده، متأملًا تلك النظرة التي كانت مزيجًا من الجدية والخيبة. كان يعلم أن والده لطالما أراد صبيًا اجتماعيًا، يلعب كرة القدم أو البيسبول، لكن ما حصل عليه هو صبي يخشى حتى مقابلة فتاة تدعوه للخروج. كان هذا الشعور بالخجل والعجز يثقل كاهله.


ثم قطع تفكيره صوت دقات الباب. نهض بسرعة وتوجه نحو الباب ليرى من خلال عدسته. كانت سام. تسارعت دقات قلبه. لم يكن مستعدًا لمواجهتها.


بدون تفكير، صعد بسرعة إلى غرفته محاولًا الهروب من اللحظة. من بعيد، سمع صوت أمه وهي تفتح الباب وتحيي سام. أدرك أنها قادمة نحوه، ولم يكن لديه مكان يهرب إليه هذه المرة.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 24 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الحياة مع إحتياجاتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن