أنا محمود، شاب يعيش في بلدة صغيرة لا تعترف إلا بالهدوء والروتين، والذين يعرفونني جيدًا قد يقولون إنني شخص منغلق. لم أكن أعتد على الحشود أو التجمعات الكبيرة، وكان الهدوء هو رفيقي المفضل. لست من النوع الذي يستمتع بمؤتمرات الأصدقاء أو الحفلات الصاخبة، بل أجد نفسي أكثر ارتياحًا في العزلة أو في أوقات هادئة أقضيها وحدي.
منذ صغري، شعرت دائمًا بأنني لا أندمج بسهولة مع الآخرين. كنت أفضّل الانعزال عن الثرثرة والنقاشات غير المهمة، وأجد نفسي مرتاحًا أكثر عندما أكون وحدي مع أفكاري. في المدرسة، كنت دائمًا الجالس في الزاوية، أقرأ كتابًا أو أُحلل الأمور بنفسي بدلاً من المشاركة في الأحاديث الجماعية. كان ذلك يمنحني شعورًا بالراحة، وكأنني أعيش في عالم خاص بي، حيث يمكنني التفكير والتأمل دون تدخلات.
اللقاءات الاجتماعية كانت بمثابة عبء ثقيل بالنسبة لي. كنت ألتزم بأدب بالمناسبات التي يفرضها الواجب الاجتماعي، ولكنني دائمًا ما كنت أعد الدقائق حتى أتمكن من العودة إلى هدوء منزلي، حيث أشعر بالتحرر من القيود المفروضة عليّ في الأماكن العامة. لم يكن الأمر يتعلق بالضيق من الناس، بقدر ما كان يتعلق بالجهد الذي يتطلبه التفاعل معهم، وهو جهد أشعر أنه ينهكني ويستنزف طاقتي.
لطالما كنت أفضّل الجلوس في أركان الغرف، حيث أتمكن من الهروب إلى عالم الكتب أو الكتابة. قراءة الكتب كانت وسيلتي للهروب من متطلبات الحياة الاجتماعية، ولذا كانت المكتبة، وهي ملاذي المفضل، تعني لي أكثر من مجرد مكان. كلما قضيت وقتًا في عزلتي تلك، شعرت وكأنني أجد نفسي الحقيقي، بعيدًا عن ضغوط العالم الخارجي. الحياة الاجتماعية كانت غالبًا ما تبدو لي وكأنها صراع، بينما في هدوء مكتبة جدي، كنت أشعر بأنني أخيرًا أستطيع أن أكون نفسي تمامًا.
كانت بلدتنا الصغيرة تجسد كل ما هو رتيب ومكرر، وكأنها تجمدت في الزمن. كان كل شيء هنا يمضي بوتيرة ثابتة، وكأنما الزمن نفسه اختار أن يعلق هنا، غير مكترث لما يحدث في العالم الخارجي. الحياة كانت كدوامة لا تنتهي، تتكرر فيها نفس المشاهد والنشاطات اليومية: العمل في متجر والدي، لقاء الأصدقاء القليلين، العشاء العائلي. حتى أحداث الأعياد والمناسبات كانت تبدو مشابهة، وكأننا نعيد نفس الحفلات ونعيش نفس اللحظات دون أي تغيير. هذا الروتين جعلني أشعر وكأنني محاصر في قيدٍ من التكرار، لا أستطيع الخروج منه.
لكن كان هناك ملاذ واحد، كان يعتبره البعض مجرد غرفة مهجورة في الطابق العلوي، لكنه كان بالنسبة لي أكثر من ذلك بكثير. كانت مكتبة جدي الراحل، التي تقع في الطابق العلوي من منزلنا العتيق، هي المكان الذي أهرب إليه كلما شعرت بأنني أختنق تحت وطأة الروتين الممل. هذا الطابق، الذي نادرًا ما يُستخدم منذ وفاة جدي، كان يحتوي على عالم كامل من الأسرار والذكريات التي أفتقدها في حياتي اليومية.
أنت تقرأ
ظل رهّاب
Horrorفي بلدة هادئة، يكتشف محمود كتابًا مخفيًا في مكتبة جده الراحل، مما يطلق قوة مظلمة وشريرة. بينما ينغمس في أسرار الكتاب، يواجه قوى غامضة ويكتشف حقائق مزعجة عن ماضي عائلته. يتعين على محمود مواجهة تهديدات داخلية وخارجية، واتخاذ قرارات صعبة بين التضحية ال...