مرّت أسبوعان منذ أن انتقلت رانية إلى القرية، وبدأت تتأقلم مع أجوائها الهادئة، كل خميس كان موعدًا مريحًا في منزل أم ثامر، حيث تتبادلان الحديث وتشاركها آخر الأخبار،ومع مرور الوقت، بدأت رانية تعتاد على أجواء المدرسة والعمل، حيث أصبحت أكثر راحة في التفاعل مع زميلاتها الخالات و المعلماتتعرفت رانية على بعض المعلمات اللاتي رحبن بها بحفاوة، كانوا ينبهرون بجمالها الطبيعي وأناقة ملابسها، وكان هذا مصدر إعجاب واطراء مستمر لها،كانت رانية تلتزم بملابس أنيقة لكن بسيطة ومميزة مما جعلها تلفت الأنظار بشكل غير مقصود.
ذات صباح، وبينما كانت رانية ترتب بعض الملفات في غرفة المعلمات، دخلت بدرية، المعلمة التي لم تتقبل وجودها منذ اليوم الأول لشعورها بالغيرة تجاه رانية. بدرية كانت في منتصف الثلاثينات من عمرها، طويلة القامة، شعرها اسود وقصير، ترتدي تنورة سوداء وقميص رسمي وردي اللون
بدرية، بنبرة متصنعة من اللطف: "صباح الخير، رانية شايفة أنك كاشخة كالمعتاد "
رفعت رانية رأسها بابتسامة خفيفة،: "صباح النور، بدرية. شكراً، هذا لطفك"
بدرية لم تستطع إخفاء نظرتها الفاحصة التي مرّت على ملابس رانية، ثم أضافت وهي تتظاهر بالاهتمام: "ما شاء الله، من وين تجيبين ملابسك؟ نادرة أشوف أحد بهالأناقة في هالقرية "
رانية بنبرة هادئة، "أغلبها من المدينة اللي كنت أعيش فيها، وبعضها اشياء سويتها انا تعلمتها من امي الله يرحمها "
لم تستطع بدرية إخفاء لهيب الغيرة في عينيها، فتقدمت خطوة نحو رانية وقالت بلهجة أكثر جدية: "ما تظنين إن هالأناقة الزايدة ممكن تسبب لك مشاكل؟ يعني القرية صغيرة والناس على قد حالهم ليه كل هالزينة ؟ "
توترت رانية بخفة : "ما اعتقد ان ملابسي فيها شيء غلط ولا خالفت اللبس الرسمي للمدرسة "
بدرية ابتسمت بتكلف : "ماقلت ان فيك شيء غلط بس حاولي تخلين لبسك ابسط شوي،بس حبيت انصحك يعني "
اكملت وهي تلتقط احدى الكتب من الطاولة
بدرية :" ولا تنسين السمعة أهم شيء للبنت، خصوصًا إذا كانت غريبة عن المكان ولا تنتمي له "شعرت رانية كان كلماتها تحمل تهديدًا مبطنًا. كانت تعلم أن القرية الصغيرة لا تخلو من القيل والقال، وأن مثل هذه التعليقات قد تكون واردة ولكنها شعرت بالقلق مما جعلها تفكر بانها قد اخطات، صحيح انها شعرت بالارتياح وبدات تتاقلم بهذه القرية ولكن لاتزال تجهل الكثير عنهم وعن افكارهم وعاداتهم وتقاليدهم
في تلك اللحظة، دخلت نوف، إحدى المعلمات اللطيفات التي كانت قد كونت صداقة مع رانية، وأدركت بسرعة التوتر في الغرفة. "صباح الخير يا بنات! وش الأخبار؟"
أنت تقرأ
بين زهور الجهنمية
Teen Fictionفي عمق الصحراء السعودية، وبين الجبال، عادت رانية إلى بلاد والدها بعد رحيل والدتها، لتجد نفسها وحيدة في قرية صغيرة تتشبث بعاداتها وتقاليدها الصارمة. وسط مجتمع قاسٍ وقواعد تخنق أحلامها الوردية، تجد رانية نفسها محاصرة بالشائعات التي تُنسج حولها، بسبب ا...