وقفَ غريك بجانب صديقه -طريح الفراش- وظَلّ يُطالعه بِوجومٍ وفي قلبهِ لوعة؛ وبرغمِ ضيق صدره، كان يُهذِّب دموعه، مُتماسكًا إلى آخر رمق.بينما كانت فريدا مُحتارَة، أيَّا منهما عليها مواساته؟
الأخ المجروح على فقيدته، أم الصديق الذي يَرى صديقه منهارًا على إحدى أسرَّة المشفى؟لم يكُن يَخفَ عليها اعتصار غريك لقبضته، ورمشه بين الثانية والأخرى وكأنه يأبى البكاء الآن، لذلك مدَّت كفها وحطته فوق كتفِه قائلة: "سيكون بخير يا غريك، مجرد ارتفاع في ضغط الدم وقد تم حلّه".
هزَّ غريك رأسه بخفة مُلتزمًا صمته، لتزم شفتيها بعدم رضى؛ فشلت في تلطيف الوضع..
«هو لن يستيقظ إلا بعد ساعات، ما رأيكَ بكوبِ قهوة؟» كانت تنتظر الردّ الإيجابي على عرضها، فنظر غريك نحوها وملامحه لا تبشر إلا بالعكس، لذلك قالت برجاء: "لقد مررنا بيوم عصيب يا غريك، نحتاج بعض الطاقة لنستمر، صحيح؟"
فكر غريك في كلامها، ووجد أن كوب قهوة لن يضر.
«كما تريدين، تفضلي». قال غريك موافقته بنبرة مبحوحة وأسلوب مُتعَب، ليتحركا نحو منطقة الاستراحة -والتي كانت أشبه بمقهى تابع للمشفى- ثم طلبَ قهوة سوداء مُركزة، وهي طلبت قهوة عادية.
«لقد أحضرتُ ملف كلوي». جملتها كانت كالقنبلة فوق رأسه، ليضع قهوته جانبًا ونظر لها بجديَّة قائلًا: "أين هو!"
تنهدتْ فريدا، وقامت بإخراجه مِن حقيبتها ثم مدته له وهي تقول: "كنتُ أعرفُ أنكَ لن تعد إلى منزلك اليوم، وبصراحة أنا لن أستطع النوم دون أن أعرفُ حكاية كلوي، وما الرابط بينها وبين ضحايا هوديني!"
أخذت برهة مِن الصمت وعادت تقول بأسلوبٍ هادئ: "فَفكرتُ أن نتحقق مِنه معًا، حتى يتعافى فورد".
طوال حديث فريدا كان غريك يقرأ محتويات ذلك العَقد الذي أجبرت عزيزته أن تخطّ اسمها عليه. كان يحدق إلى اسمها، آخر ما كتبته بيدها الرقيقة؛ هو يشتاق لها أضعافًا الآن.
«إنه عقد تنازل عن براءة الاختراع والملكية الفكرية». تمتم غريك ولهيب الغضب يأكل قلبه وعقله، فتعجبتْ فريدا بدورها وقالت: "وماذا تملُك كلوي حتى تتنازل عنه!"
ابتسم غريك بسخرية، لكنه عذر جهل فريدا ووضح قائلًا: " عزيزتي كلوي كانت فائقة الذكاء، كانت ترتاد أشهر جامعة للعلوم والتكنولوجيا؛ المركز الأول كان باسمها دائمًا طوال فترة دراستها".
شرد بنظره وقال: "إنها كانت تعمل على "مشروعِ العصر" كما كانت تدعوه، ذلك ما ضرر عينيها الجميلة، وكلما كنتُ أحاول أخذها مِن بين كتبها وأبحاثها والخوارزمية، كانت تخبرني أنني أعيقُ تقدمها لتصبح وزيرة!"
أنت تقرأ
HUDINI| الظِـلُ المُنتقِم.
Боевикإن كُنتَ واحدًا مِن سُكَّانِ ولاية «نيويورك» الأمريكية، سيكون أمرًا عاديًا بالنسبةِ لكَ أن تُصادِف جرائم القتل، السرقة، وغيرها يوميًا؛ ستصادفها أكثر مِمَّا تصادِف انعكاس وجهكَ بالمرآةِ. ولكن ما يعيشهُ سُكَّان الولاية الآن -خاصة أصحاب النفوذ منهم- أ...