البارت الاول

52 4 0
                                    



في قلب نجد، حيث تتمايل الرمال الذهبية مع الرياح وتحتضن الديرة بحب ودفء، يقع بيت كبير يعج بالحياة والحركة. في هذا البيت، يعيش أبو زيد، الرجل الطاعن في السن، والذي يرمز إلى الحكمة والوقار. وجهه المليء بالتجاعيد يحكي قصص الزمن، وعيناه المتقدتان تعكسان عمق حكمته. هو عمود العائلة، وسمعته تجعله محل احترام وتقدير بين أهل الديرة.

أم زيد، قلب البيت وروحه، تملأ المنزل حباً وحناناً. وجهها، الذي يعبر عن سنوات من العمل والتفاني، يضيء بحبها غير المشروط. هي التي تدير شؤون المنزل بمهارة وتوازن، وتبقى دومًا في حركة مستمرة، تنظم الأمور وتعتني بجميع أفراد أسرتها.

عيال أبو زيد الأربعة يعيشون معه تحت نفس السقف، وكل واحد منهم يجلب شيئاً خاصاً إلى الحياة العائلية. زيد، الأخ الأكبر، يتميز بملامح قوية وابتسامة دافئة. هو الشخص المتزن والموثوق الذي يقدم الدعم والنصائح بحكمة. هايف، الأخ الثاني، يتمتع بشخصية حيوية وجذابة، يملأ البيت بالمرح ويضفي الحياة إلى كل زاوية. طارق، الأخ الثالث، يتسم بالجدية والتنظيم، وهو شخص عملي يحافظ على النظام والترتيب في المنزل. أما رعد، الأخ الأصغر، فهو صعب التعامل ويتشبث بعاداته وتقاليده. رغم صغر سنه، فهو يظهر تفكيراً جدياً ومتمسكاً بعاداته القديمة.

أديم، الفتاة الوحيدة بين إخوتها، تعيش في هذا المنزل الكبير بكل ألوانه وأصواته. تجد في والدها دعماً هادئاً، وفي والدتها حناناً غير محدود. تعمل بجانب والدتها وتشارك في إدارة شؤون البيت، بينما تبحث عن لحظات من الهدوء والتأمل وسط حياة مليئة بالصخب.

مع حلول الغروب، بدأت السماء تتلون بالأحمر البرتقالي الداكن، وأشعة الشمس الأخيرة تحتضن الرمال المتوهجة. الجو كان باردًا، مشيراً إلى قرب حلول الشتاء، والعائلة جلست حول نار صغيرة في مجلسهم الخارجي. عاد أبو زيد مع زيد وهايف من السوق بعد يوم طويل في محلهم، بينما عاد طارق ورعد من عزبتهم. في الهواء تفوح رائحة القهوة والهيل، بينما تتجمع العائلة حول دفء النار.

كان أبو زيد جالسًا بهدوء يراقب النار المتقدة، يداه متشابكتان في عباءته، بينما كان زيد وهايف يتحدثان عن يومهم في السوق. طارق كان صامتًا، يغمس تمرة في القهوة ببطء، وعيناه تعكسان أفكارًا عميقة. أما رعد، فكان يجلس بجانب طارق، متكئًا على وسادة قديمة بنظرة صارمة.

وسط هذه اللحظة الهادئة، قررت أديم أن تتحدث. رفعت رأسها من بين الجميع وقالت بتردد:

"يابوي... عندي شي أبي أقوله."

التفت الجميع نحوها، شعرت بنظراتهم الثقيلة، لكنها تابعت بشجاعة:

"أبي أكمل دراستي، وأبغى أسجل بالجامعة اللي بالمدينة."

أذاعه منتصف الليلWhere stories live. Discover now