بارت 5

4 1 0
                                    


في زاوية هادية بمكتبة الجامعة، كانت أديم منشغلة بمراجعة دروسها، مغمورة بين الكتب والأوراق. فجأة، رن جوالها، نظرت للشاشة وطلع لها رقم غريب، اسم "سلطان" مكتوب قدامها. شعرت بقشعريرة في جسدها، وتردد خفيف. فتحت الرسالة رغم كل شيء."أديم، أنا سلطان. جبت رقمك من صديقتك هنوف. ودي أتعرف عليك أكثر."ارتبكت أديم، وكتبت بسرعة: "آسفة، مشغولة الحين."لكن سلطان ما كان ناوي يوقف. استمر يرسل لها رسائل وحدة ورا الثانية، يحاول يكسر الحاجز بينهما. "ليش ما تردين؟ أبغى أتكلم معك، ودي أعرفك أكثر."بمرور الأيام، سلطان صار يراقب حساباتها في السوشيال ميديا، ويحاول يعرف عنها كل صغيرة وكبيرة. كان يرسل لها صور من أماكن مختلفة، ويبين لها أنه يعرف كل تفاصيل حياتها. في البداية كانت خايفة وقلقة، لكن مع الوقت، رسائل سلطان صارت أرق وألطف."أديم، أنا ودي أسمع عن أحلامك. قولي لي أكثر عن طموحاتك."مع الوقت، بدأت أديم تتعود على رسائله، وصارت ترد عليه بشوية دفء. كانت رسائله مليانة حنية، يعبر فيها عن إعجابه بشخصيتها. "أديم، صراحة أنتِ مميزة، أحس بفرحة لما أكلمك."بدأت أديم تستسلم شوي شوي، وصارت تشعر أن فيه علاقة تتشكل بينهما. سلطان ما كان يوقف عند كلمات عادية، بل صار يرسل لها كلام رومانسي صريح. "أديم، معجب فيك مرة، ودي أكون جزء من حياتك."هذا الكلام لمس قلب أديم. بمرور الأيام، بدأ سلطان يسحبها لعالمه بالكلام الحلو والمشاعر اللي ما توقعت تحس فيها. "سلطان، بدأت أحس أن فيه شي بيننا، ما أقدر أنكر."استمرت علاقتهم تتطور، وأديم صارت تنجذب له أكثر، رغم خوفها وترددها في البداية.


-------------------------


في ليلة هادئة تملأها أصوات الضحك والحديث بين أفراد العائلة، جلست أديم في الزاوية تحاول الاندماج مع الجميع. لكنها كانت تشعر بالتوتر في أعماقها، حيث كان هاتفها يهتز كل بضع دقائق تحت الطاولة من رسائل سلطان المتكررة. قلبها كان يسابق الزمن في كل مرة تلمح فيها شاشة هاتفها تضيء، لكنها كانت تحاول أن تتظاهر بالهدوء.وضعت هاتفها على الصامت بخوف، حتى لا يلفت الانتباه. ولكن أصايل، التي لم يخفَ عليها شيء، لاحظت الأمر بسرعة. بعينيها الواسعتين نظرت إليها، ثم قالت بصوت هادئ ولكنه مليء بالاستفهام: "يا أديم، وش جوالك اللي ما سكت الليلة؟ من اللي كل شوي يرسل؟"أديم ابتلعت ريقها وقالت بسرعة، تحاول التصرف وكأن الأمر بسيط: "هنوف... سوالف عادية."لكن أصايل ما كانت غبية. عيونها كانت تراقب تصرفات أديم، وبقيت صامتة لبرهة وكأنها تقرأ أفكارها. شيء ما في تصرفات أديم أثار الشك بداخلها.بعد فترة قصيرة، وبعد أن هدأت الجلسة، قامت أديم ودخلت غرفتها بسرعة. كانت تشعر بأن قلبها ينبض بقوة، وكأنها مطاردة من شيء لا تستطيع الهروب منه. جلست على السرير، وأمسكت هاتفها بين يديها المرتعشتين، تتصفح رسائل سلطان المتتالية. كانت رسائله تجمع بين كلمات الغزل والتحدي، وكأنه يحاول كسر الحواجز التي وضعتها بينهما.فجأة، الباب يُفتح ببطء، ويدخل صوت أقدام خفيفة. كانت غزل تقف هناك في الظل، تنظر لأديم بنظرة مختلطة بين القلق والغضب. تقدمت غزل بخطوات ثابتة، وجلست بجوار أديم على السرير دون أن تنطق بكلمة واحدة. كانت عيونها تتحدث قبل لسانها.نظرت إلى أديم وقالت بنبرة هادئة لكنها مليئة بالتأنيب: "أديم، لا تكذبين علي. أنا مو غبية، عارفة أنك تكلمين شاب."تجمدت أنفاس أديم للحظة، قلبها كأنه توقف عن النبض. رفعت عينيها لتلتقي بنظرة غزل الحادة. حاولت أن تنكر، لكن الكلمات علقت في حلقها."وش قصدك؟" همست أديم بصوت مرتجف.غزل رفعت يدها بهدوء، ثم وضعتها على يد أديم وقالت بصوت مليء بالصدق: "أنا ما أفضحك، لكني أقول لك وقفي هذا الشيء قبل ما يتفاقم. لا تخيبين ظن عمي اللي تعب وقرر يخرجك تتعلمين ويا كم ذلو ناس وتعرفي انه اخوك حاول انه يشوه سمعتك بس عمي وقف بوجهه و قال ان تراك تربيته و تربيته ما تخيب. وش جزاته تكون أنك تتركين دربك وتتبعين هذا الطريق؟ يا حسافة عليك يا أديم، اللي تسوينه ما له أي مستقبل. إذا استمريتي كذا، بتضيعين كل شي حققته."تلك الكلمات كانت كالسياط على قلب أديم. شعرت بأن كل حلم رسمته لنفسها يمكن أن ينهار في لحظة واحدة. عيونها امتلأت بالدموع، ويدها بدأت ترتجف أكثر وهي تنظر إلى هاتفها، وكأنها ترى سلطان للمرة الأولى بوضوح. ماذا لو اكتشف ابي الأمر؟ كيف ستواجه العائلة؟ كيف ستبرر كل شيء؟بعد أن غزل تركت الغرفة، بقيت أديم وحيدة، غارقة في أفكارها. كل رسالة من سلطان، كل كلمة قالها، كانت تحفر في ذاكرتها وكأنها تدفنها تحت ثقل كبير من الذنب والخوف.بقيت ليلتها تتقلب في فراشها، وكلما تذكرت كلام غزل، كانت تشعر بشيء يكاد يخنقها. وفي الصباح التالي، اتخذت قرارها. قررت الابتعاد عن سلطان، مهما كان الأمر صعبًا، ومهما كانت مشاعرها تجاهه. بدأت بتجاهل رسائله، خطوة بخطوة، تحاول أن تستعيد نفسها قبل أن تفقد كل شيء.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Jan 28 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

أذاعه منتصف الليلWhere stories live. Discover now