part 5

6 2 5
                                    

هناك حيث المطر الذي يتساقط بغزارة
كان مايسمع هو ارتطام قطرات الماء بالارض وضربات حذاءها المستعجلة
تركض في شوارع مدينتها التي عرفتها منذ صغرها
ترتدي معطف مطري اصفر اللون وتضع قبعته على رأسها واسفله يقبع بنطال طويل وواسع مع حذاء مطري كذلك
دموعها كانت تتساقط وانفاسها تتسارع وهي تركض وتركض نحو مكان ما
وصلت نحو المكان المنشود الذي كان مضاء بأضواء بيضاء
نظرت له ثم ركضت نحو الداخل
"مدخل مستشفى قطرة الندى"
التفتت حولها ثم صرخت للممرضة التي كانت تقبع خلف الحاسوب
"ارجوكِ اين غرفة اوركيدي مايا؟
انا ابنتها"
بعد ان سمعت تلك الممرضة انها ابنتها اتضح عليها ملامح الالم والحزن لتخبرها برقم الغرفة
"غرفة 6666"
ادركت ذلك وبدأت بالركض نحو الغرفة المطلوبة
لم يكن المصعد يعمل لذا صعدت على الدرج نحو الطابق السادس
تقطع نفسها كثيراً ووقعت كثيرا اثناء صعودها أكثر من مئتين درجة ولكن لا بأس
وهاهي الآن قد وصلت اخيرا لتذهب نحو وجهتها
وصلت الى الغرفة وفتحت بابها بعدما طرقت عليه بخفة
نظرت بحزن نحو القابعة على السرير وبيدها ابرة متصلة بأنبوب يمتد نحو كيس دوائي معلق بالاعلى
"امي"
بدأت تشهق وتبكي
والاخرى التي تتنفس بصعوبة من خلال جهاز التنفس بدأت تبكي ايضاً
اقتربت منها وامسكت يدها لتضمها لها
"لما لم تخبريني انكِ اتيتِ الى المستشفى؟"
كانت تشهق بينما تحكي وتعاتب امها
"ابنتي عزيزتي لم استطع ان اقول لكِ
لا بأس انتِ هنا الآن لا يوجد عندي قلق على شيء"
تكلمت بصعوبة اثر اختناقها الشديد الناتج عن بكاءها وضيق نفسها
نظرت لها الاخرى وهي تختنق فصمتت ومسحت على وجه امها
"حسناً حسناً لا تبكي فقط اخبريني عن نتائج التحليل وماذا اصابكِ"
نظرت امها لها بحزن وغصة ثم اخرجت شيء من اسفل وسادتها
كان ظرف ابيض مطبوع عليه اسم المستشفى بالازرق وفي الاسفل مكتوب
"قسم تحليل الخزع السرطانية"
امسكته ووضعته بحضنها قبل ان تعطيه لها وتكلمت بصوت يملؤه الحنو
"عزيزتي ابنتي الحبيبة قبل ان تريه اريد منكِ ان تعيشي حياة سعيدة والا تتخلي عن هدفك حتى وانتِ في غير عالم حسناً؟"
كانت ذات الشعر الخرنوبي قد اومأت ودموعها سالت كحبر سكب نفسه على قبر شاعره تتألم فقط لانها ترى امها بهذه الحالة
مسحت امها وجهها ثم امسكت بذلك الظرف واعطتها اياه
استقامت الاخرى وجلست على كرسي كان بجانب السرير ثم فتحته واخرجت ورقة منه وبدأت تقرأها
تلألأت عينيها لقسوة ما قرأت وشعرت بأن وجهها يتمزق وجعاً
"امي هل هذه مزحة ام ماذا؟"
صمتت ثم صرخت
"سرطان رئة من الدرجة الرابعة كيف؟ لم تشعري بشيء قبل يا امي"
انزلت الاخرى رأسها بتعب
"لم اشعر ولكن شاء القدر انني كنت مصابة به منذ فترة ولم اعلم لذا تطور"
امسكت الاخرى رأسها وهي تزيد ببكائها ثم اردفت بينما تستقيم
"لا بد انه له علاج سأرسلك للولايات المتحدة ان كلف الامر"
كما لو انها تستطيع تحدي القدر والمرض الذي يأتي دون اذن
كادت تخرج لتقابل الطبيب ولكن صوت امها الذي ارتفع اوقفها
"لم يتبقى لي سوى شهر كحد ادنى.....وثلاث اشهر كحد اقصى"
نظرت لها بصدمة ثم انهارت أرضاً وهي تبكي وتضرب الارض لشعورها بأن فؤادها يتصدع ألماً
فمن لن يشعر بشعور مؤلم عندما يبدأ بخسارة امه
"لا لا لا ليس امي"
ثم بدأ كل شيء من حولها يتلاشى كالرماد ويحترق كقلبها
و بدأ يظهر كل شيء اسود،حتى ان امها وسريرها قد اختفو وتبخرو كالرماد،وهاهي الآن في مكان مظلم اسود تتلفت حولها بصدمة
"استقيمي يا اوركيدي سوغارا"
كان صوت امها الصادر من اللامكان
فأستقامت انصياعاً لاوامرها وهي تبحث عن مصدر الصوت
"ابقي قوية يا ابنتي حتى وان غادرت اكملي دربكِ مع اصدقائكِ وحاربي لاجل من ذهبتِ لاجلهم
هو سيكفيكِ عني وعن كل من كان موجود بكِ لذا حاربي لاجله ولا تخيبي املي بكِ"
وكانت هذه آخر كلمات سمعتها من امها
ثم اصبح المكان يتلون باللوان مختلفة وفاقعة
حتى اختفى كل شيء ورأت فقط ظلام دامس تتخلله بقعة حمراء تبدو كرؤيتها عندما تستيقظ من النوم

نصل السيفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن