《الفصل التاسع "سام أوريث"》

7 4 2
                                    

{9}



فنجان قهوة باردة متروك على المكتب وسط الأوراق المتناثرة التى تفرقت بين المكتب وأرض المعمل ، الكثير من الأجهزة المعملية التي تصدر أصوات الصفارات والإشعارات من وقت لأخر مشيرةً بأن العمليات الحيوية للتجربة تعمل بنجاح ، بين كل هذه الأجهزة المثيرة للضجة ، يوجد في منتصف الغرفة جهاز ضخم أشبه بالتابوت الفضي متصل بالكثير من الأجهزة المتفرعة التى تعتبر أجهزة طبية من المألوف وجودها في غرف العمليات الجراحية حيث تحافظ على حياة المريض حين إجراء تلك العمليات ،
تتوالى الأصوات في تلك الأجهزة منها الجهاز المخصص لقياسات القلب الذي يؤكد أن دقات قلب التجربة في حالة مستقرة وجهاز التنفس الذي يستمر بضخ الأكسجين إلى صدر التجربة في إنتظام ، بينما تُحمل ذراع التجربة التى كانت ناعمة المظهر بيضاء اللون كأنها ذراع أميرةٍ مرفهة وتُحقن هذه الذراع بحقن متوالية وصلت إلى خمس مرات هادئة دون رد فعل من جسد التجربة ، ثم أُلقيت أدوات الحقن في الصندوق الخاص بالنفايات ،

واتجه الرجل إلى الوقوف أمام التابوت وقف منتصبًا يحملق بعيون بنية حادة ووجه ملثم بكمامة بيضاء مع الملابس الطبية المعقمة والقفازات الزرقاء ، وقف عاقدًا يده وراء ظهره يترقب تجربته في هدوء ، تجربة ذات شعر بني ناعم وبشرة بيضاء صافية مصاحبة بملامح هادئة جميلة وجسد صغير يناسب طفلة في عمر الثالثة عشر مغمضة العيون موضوعة بالتابوت الفضي وقد اتصلت بها كافة تلك الأجهزة وهي نائمة في صمت لا تتحرك وكأنها ميتة بجسدٍ حي ،
وفي ظل ذلك الهدوء الذي احتل الغرفة طُرق بابها طرقات قوية هادئة فلتفتت عيون الرجل إلى الباب في صمت فإذا بالباب فُتح ببطئٍ وحذر كاشفًا عن صبي يافع بجسدٍ صلب داكن البشرة بشعرٍ غجري قصير مبعثر على وجهه وعيون ذهبية يغلب عليها البهوت والخضوع لم ترفع من على الأرض ،
احتفظ الفتى بسكوته حتى أشار إليه الرجل بالكلام ، حينها نطق الصبي بصوت خاضع
"لقد فشلت التجربة رقم خمسة وعشرون في عملية خطف التجربة الجديدة سيدي 'سام' لقد أمسكه أحد المحاربين وانقطع الإتصال به "

ظلت عيون "سام" ناظرةً إلى الصبي لثواني عاد فيها الصمت من جديد ثم عاد ليحملق في ما داخل التابوت مجددًا بهدوء محتفظًا بصمته بينما الصبي واقف ينظر الرد وصدره ينقبض من الخوف وصوت دقات قلبه مسموعة في أذنه كصوت الرصاص ،
ظل الهدوء سائدًا لدقائق مرت على الصبي كالساعات وهو ينتظر رد "سام" أو أمره بأن ينصرف ، ولكن "سام" ظل صامتًا ثابتًا وكأنه ينتظر حدث ما حتى أتى الحدث المنتظر وتحركت يد الفتاة في الصندوق حركة خافته فتحت معها عيونها بصدمة مشبعةٍ بالألم وكأنها هناك من طعن قلبها ،
مثبتة العيون ناظرةً لسقف الغرفة عيونها تنطق بالوجع الذي يعتصرها دون أن تصدر صوتًا واحدًا ، وظلت على هذا الحال حتى تلونت خصلة من شعرها البني باللون السماوي الأزرق ومع تحول لونه انطلق صوتها الصارخ متخرقًا قلب الصبي الذي كان يشاهد في صمتٍ ورعب ،
ظلت الفتاة تصرخ وتستغيث باكية بينما يستمر شعرها بالتلون وعيونها وانفها نازفتان بالدماء و جسدها يهتز ويتزلزل متخبطًا بحائل التابوت من جوانبه  ،

《مفاتيح العناصر  : {الفقدان} 》 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن