《الفصل الثالث "أمر واقع"》

20 4 6
                                    

{3}

انتهى اليوم الدراسي .. ، وعاد "أرتي" إلى معسكر المحاربين حيث يعيش ، دخل "أرتي" وبدى عليه الإرهاق وفور عودته بحث عن أبيه ليحكي له أحداث اليوم كما اعتاد ولكنه وجد والده يتلقى التوبيخ من أخيه الأكبر المعلم "فو" الذي يكبره بثلاثة عشر عاماً ،
نظر "أرتي" مبتسمًا بسخرية فقد اعتاد على رؤية أبيه على هذا الشكل مع المعلم "فو" و هو لا يعترض أو يدافع عن نفسه أبدًا ولكنه يسمع أوامر "فو" الساخطة وهو يحاول كتمان ضحكهِ مما يزيد غضب المعلم "فو" أكثر ،
"لا فائدة فيك أنت واستهتارك هذا يا "جاك"؟ لا يمكنك الإلتزام بأي نظام؟؟ هل تظن أنك قوي بما يكفي لدرجة إهمال تمارينك؟! دائما ما تتأخر في تمارينك مما يجعلني أُضطر لزيادة أوقات تمارينك وعندما أضيف وقت للتمارينك تتجاهل الوقت الإضافي وتذهب أنت وتأخذ إبنك و ترحل لا أدري إلى أين ، 
تلك التمارين وجدت كي نلتزم بها حتى لا نتسبب بموتنا أو موت أي أحد أثناء المعارك ،  بالطبع أنت مدرك لذلك يا محارب الرياح!"

ولايزال جاك لا يعلق أو يدافع فقط يكتفي بالصمت وخفض رأسه محاولًا إخفاء الضحكات المكتومة ،
فيزيد ذلك من غضب أخيه الأكبر أكثر فيوبخه أكثر ، حتى لاحظ "فو" تواجد "أرتي" أمام الغرفة فلتفت إليه صامتًا ينظر بعدم اكتراث ثم بادر بالقول مشيرًا على "أرتي"
"ها هو إبنك العزيز قد أتى ، هيا خذه واغربا عن وجهي لدي مواعيد والتزامات أهتم بها .. هل سمعت يا "جاك"؟!"
وقام بمغادرة الغرفة تاركاً كلا من "جاك "و "أرتي" خلفه ورحل إلى مكتبه متأفِفاً ، بينما انتظر "أرتي" و"جاك" دخوله إلى مكتبه لينفجرا بالضحك مقهقهين بصوتٍ عالي ، واستكمل "أرتي" بنظرات السخرية :
"دائما ما يغضب منك يا أبي أنت الوحيد الذي يقدر على إغضابه وكسر البرود الذي فيه حقاً!"
أمسك "جاك" برأس "أرتي" وقال بصوت جاد :
"تحدث بأدب عن عمك يا فتى ! ، أيَّا كان طبعه فهو يقوم بعمله دائما على أكمل وجه ، تذكر أنه يتحمل مسؤليات كبيره وثقيلة فهو قائد مدينتنا وكذلك هو الأمين على حفظ جواهر الطاقة وتدريبنا عليها لذلك
فهو حاد الطبع قليلاً ، كثرة أحمال البشر يا بني أحياناً تبرد فيهم بعض المشاعر الدافئة "
عقب "أرتي" بنظرات عدم الاكتراث : 
"أجل ولكنك أيضا لديك مسؤليات ومع ذلك تجيد الإستمتاع بوقتك ،  بعكس عمي "فو"  وكأنه يكره الابتسام"
ابتسم "جاك" ابتسامة حنونة ناظرًا إلى غرفة اخيه الكبير متأملًا :
" هو لا يكره الإبتسام يا بني ، هو ينسى أن يبتسم .."
كان يبدو على "أرتي" عدم استيعاب ما يقصده "جاك" ، ولكنه جعل يفكر لماذا قد ينسى أحد أن يبتسم؟ الإبتسام ليس بتلك الصعوبة لا يحتاج إلى مجهود كي يُنسى ما الذي قد يحتاجه الإبتسام أكثر من الأسنان المرتبة والمزحة اللطيفة وخفة الظل؟
لماذا دائما على الشخص الملتزم بمسؤليات أن يكون حاد الطباع ، لا يعرف كيف يبتسم ويمزح ويستمتع مع الآخرين؟
لماذا دائماً المسؤليه ترتبط عند الآخرين بالعبوس؟
قاطع "جاك" تفكير "أرتي" بالتربيت علي كتفيه بحماس
قائلاً :
"حسناً إذًا كيف كان يوم البطل؟!"
نسيَ "أرتي" ما كان يفكر فيه وبدأ يحكي يومه "لجاك" بحماس وذكر بفخر ما حدث بينه وبين زميله "ويليم" وكيف تصدى "أرتي" له بدون خوف وقد تلقى "أرتي" تحية من والده مشجعًا على ذلك!
"أحسنت يا 'أرتي' كان ذلك شجاعًا منك من الرائع أن تحمي غيرك دون الإكتراث لما قد يحدث هذا يسمى شجاعه!"
ابتسم "أرتي" ابتسامة فخر ثم أكمل لوالده أحداث اليوم وتَعرُفهِ على صديقته الجديدة و بينما كان يتحدث بحماس استوقفه ذكر "ليندا" لإسم أخيها ومهنته فصمت قليلا مفكرًا ، لفت ذلك من انتباه "جاك" فتسائل
" 'أرتي' ماذا حصل؟ لماذا سكت هل حدث ما يسوء بينك وبين تلك الفتاة؟"
رد "أرتي" وقد عاد انتباهه
" لا لا لم يحصل بيننا أي شيء ولكنها قد ذكرت لي أنها انتقلت حديثًا للمدينة وأن أخيها يعمل هنا من سنة وعندما سألتها عن إسم أخيها أجابت بأن اسمه 'نايجل' ويعمل مندوبًا للمبيعات"
تفاجأ "جاك" من الكلام فهذا يطابق إسم زميله محارب الأرض "نايجل" والذي انضم لفريق العناصر قبل عام ولكنه خشيَ أن ترفض عائلته خوفًا عليه فأخفى ذلك عن عائلته وأخبرهم بأنه ذهب إلى هناك للعمل مندوبًا لإحدى الشركات راغبًا في مساعدة أسرته لتخفيف العبئ المادي عليهم ،
وكانت عائلته تعيش في إحدى القرى الريفية المنعزلة في أحد المقاطعات الخارجية البعيدة عن
"مدينة الجواهر" ولأنهم كانوا بحاجه إلى توفير المال الكافي لكفاية احتياجاتهم وافقوا علي سفر إبنهم الكبير للعمل ، لم يكن يعلم أحدهم بأخبار تلك الحرب ما عدا الأب ، ولم يكن الاب يذكر لأسرته عن الحرب السائدة في المدينة التي كبر فيها في طفولته والتي غادر منها مجبرًا رغم حبه الشديد لها حتى يمكنه بدئ حياة مستقرة .

《مفاتيح العناصر  : {الفقدان} 》 حيث تعيش القصص. اكتشف الآن