الفصل الخامس..بقايا عطرُ عتيق

967 129 123
                                    

الفصل الخامس..بقايا عطرُ عتيق".

مع اقتراب آذان العشاء، نهض الجد عبد الرحيم من مكانه، فنهض حسين والجميع خلفه،مودعين جميع الحضور وذهبوا عائدين إلى البيت للاستعداد للنوم بعد يوم طويل.
و قبل أن يتوجه الجد عبد الرحيم والجدة نعيمة إلى غرفتيهما، اقترب الجميع منهما وقبّلوا أيديهما بتقدير واحترام. ثم توجه كل منهم إلى غرفته ليتبادلوا الحديث ويستعدوا للنوم.

عند حسين وسميره في غرفة نومهم، كان يجلس على اريكه خشبيه وسميره جالسه امامه أرضا و تغسل قدماه في صحن كبير يحتوي على الماء الدافئ ويشعر بالاسترخاء، وراءَها ما زالت صامته منذ أن رجعوا من الخارج فسألها مستفسرا:

ـ مالك يام صالح، ساكته ليه مش عوايدك يعني؟

ابتسمت له وقالت:

ـ ابدا ياخويا اني بس ساكته عشان موجعش راسك بالكلام هو إحنا الحريم ورانا إيه غير اللت والعجن و وجع النفوخ.

كشر عينيه وتعجب من ردها فهي دائما تكون في لهفة واشتياق للتحدث معه عن تفاصيل اليوم وتظل تتحدث إلى أن يغفو قبلها، فسألها مجددا:

ـ في حد من حريم الدار زعلتك ولا قالتلك كلمه ملهاش عازه في غيابي؟

حركت رأسها بنفي وقالت:

ـ ابدا يخويا، وهو حد يستجرا من حريم الدار ترفع عينها فيا، داني مرت الكبير والكل هنا بيعملي ألف حساب.

أبتسم وقال مؤكداً:

ـ اومال ايه دانتي من عيلة أبو قاسم يام صالح. بس برضو اني عارف ومتوكد إن عقلك شارد وبتفكري في حاجه.

ابتلعت ريقها واتت بمحرمه قماش وضعتها في حجرها لتجفف قدم زوجها وهي تقول بصوت خافت:

ايوه ياسي حسين في حاجه كده، عاوزه اطلبها منك، ونفسي ومنى عيني متكسرش بخاطري.

ـ قولي ياست الدار طلباتك، لا عاش ولا كان اللي يكسر بخاطر مرت حسين ابو قاسم.

ابتسمت بحنان، فقد كان رغم جموده الظاهر أمام الجميع، يبدو شخصًا مختلفًا تمامًا عندما يكون في غرفته. كان مزيجًا من الحنان ورجلًا يجبر خاطرها، ولهذا تحبه سميرة كثيرًا ولا تطيق فكرة خسارته يومًا. ورغم أن قلبها يتمنى أن يكمل أبنها صالح تعليمه، إلا أنها تدرك أن ذلك قد يعني فراقها عن الرجل الذي أحبته.
قامت لتجلس بجانبه وهى تقول:

ـ عاوزه منك تاخد الواد صالح معاك بعد كده من النجمه الأرض، وتعلمه شغل الفلاحة وعلى أصولها كمان.

رد حسين مبتسمًا:

ـ ياسلام! ومن إمتى بقى!  هو انتي مش  كل شويه تقولي لسه بدري عليه يابو صالح، متكسرش نفسه، وتشغله زي الفواعليه؟

أجابت سميرة بجدية:

ـ ايوه حُصل، معلش يخويا، محقوقالك، اني كنت مش فاهمه ايوتها حاجه ودمن دلوقتي اهه بقولك خده معاك.

بقايا عطرُ عتيق.    بقلم/ مريم نصار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن