البارت 10

13 1 0
                                    


شعرت وكأن الأرض تدور من تحت قدميها، ولم يعد جسدها قادراً على حملها عندما رأت أحد رجال وليد جاثياً على ركبتيه، يضع يده على عينيه والدماء تتساقط منه، وهو يصرخ من شدة الألم. تحركت في الغرفة بشكل عشوائي بهلع، تبحث عن ابنتها بفزع، خائفة من أن يكون قد أصابها مكروه. خرجت من الغرفة وهي تركض في ذعر، وجسدها يرتجف وهي تتبع قطرات الدماء، بينما يتسارع تنفسها نتيجة لنبضات قلبها القوية، كادت أن تفقد وعيها من شدة الخوف. توقفت فجأة عندما سمعت شهقات خافتة تأتي من أحد الزوايا. اتجهت نحو مصدر الصوت بشغف، حتى عثرت على ابنتها، ملتفة حول نفسها في ركن ضيق. اندفعت نحوها بسرعة، واستقبلتها بذراعيها، محتضنة إياها بقوة. كانت ابنتها تصدر أنينًا وتتوتر جسديًا، بينما كانت تتحدث بصوت ضعيف مفعم بالذعر، قائلة:
-ماما دا كان بيخوفني وأنا مسكت سكينه وضربته في عينه كان في دم في دم ..

عندما لاحظت الحالة المزرية  التي بها ابنتها، انتابها القلق خشية أن يحدث لها شيء، فاحتضنت وجهها بين يديها بلطف، وصاحت بصوت مليء بالحنان قائلة:
-اهدي ماحصلش حاجة ياقلبي يلابينا نخرج من هنا خلينا نروح عند حنين هنشوف حنين مش عايزاكِ تخافي ..

تحدثت ايلول وصدرها يرتفع بشدة نوبات بكائها وكان صوتها مختنقاً بالدموع قائلة :-بجد ياماما هنروح عند حنين مس هنتعذب ثاني عند عمو الشرير ..

انتهت إيلول من كلماتها، وقبل أن تتمكن زينب من الرد، سمعت صوت خطوات قادمة. سحبت ابنتها إلى ركنٍ ضيق وعانقتها بشدة، مُكتمةً أنفاسها كي لا يلاحظوا وجودهما. مرت ثوانٍ قليلة حتى اختفى صوت الخطوات، ثم أخرجت زينب ابنتها من مخبئهما. أمسكت بيد ابنتها بقوة واندفعت نحو الدرجة السفلى بسرعة. وفجأةً، سمعت أصواتاً في الخارج، فتوقفت لتفكر في ما يجب عليها فعله، لكن شعرت فجأةً بيدٍ تُلقى على كتفها.
**********                    
قفز منتفضاً من مكانه حين لم يجدها بينهم، وشعر بقلق وخوف واضحين على معالم وجهه، نظرت إليه والدته باستغراب من حالته، فلم تكن قد لاحظت وجود "تقى" عند وصوله. انطلق مسرعاً يبحث عنها خارجاً، والقلق يعتري ملامحه. وقد تنفس الصعداء عندما رآها جالسة أمام الباب، تراقب المكان في صمت. جلس القرفصاء أمامها، ثم سألها بقلق قائلاُ:

-خضيتني عليكي يا تقى قاعدة هنا ليه تعالي ندخل ..

وضعت رأسها بين كفيها، ولم تظهر أي ردة فعل، بينما كانت شهقاتها تتصاعد. احتار يونس ولم يعرف ماذا يفعل، فحاول تهدئتها قائلاً:
-تقى مالك في حاجه زعلتك حد قالك حاجة اهدي طيب و تعالي ندخل عند ماما و اختي ونتكلم بعدين ..

جففت دموعها بطرف يدها، ورفعت رأسها بينما كانت تفكر، وهي لا تدري أين هي أو من تكون. لا تتذكر هويتها، شعرت بألم يكاد يحطمها. ذاكرتها فارغة، فلا تحمل أي شيء من ماضيها سوى ذكريات قصيرة مع يونس، واسمها الذي اختاره لها. كانت تقى غارقه في دوامة أفكارها، وكأن عاصفة تعصف بها من الداخل. اقتربت منها زينب وجلسة بجوارها، ثم أمسكت بيدها. انتفض جسد تقى بفزع عند شعورها بلمسة يد على يدها، لكن عندما نظرت إلى زينب، هدأت روعها وظهر على وجهها ملامح القلق والحيرة، وهي تحاول تذكر أي شيء ينقذها من تلك الدوامة. عندها، تفوهت زينب قائلة:
-أنا عارفه يابنتي أنك خايفه أنا مش عارفه إنتي مين بس مافيش مشكله تعالي معايا أعرفك على البنات ونتعرف عليكي  ..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: a day ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

من أنـــــــاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن