انتفضوا من أماكنهم بقلق، بينما تحرك "يونس" لكي يستطلع مصدر تلك الرصاصة، محاولاً تحديد ما إذا كانت مقصودة أم طائشة أطلقها أحد الصيادين!
لكن يد "حسام" منعته من التقدم عندما أمسك بكتفه و هتف قائلاً:
-"يونس" أُقف مكانك؛ دول أكيد إللي بيدوروا عليك عرفوا مكانك، أو ممكن حد عايز ياخذ البنت! ..
توقف "يونس" واستدار نحو شقيقه بحثًا عن حلٍ لهذه المشكل، بينما كانوا يتناقشون في محاولة لإيجاد حلٍ ينقذهم من تعرض أحدهم للأذى، سمعوا أصوات طرقات غير عادية على الباب!
كانت كل ضربه تجعل الباب يهتز، مما جعل "حنين" تشعر بالخوف وتنتفض، إذ انكمشت جسدياً وراحت تبكي، وعندما رأت الباب يهتز، انتفضت من مكانها في ذعر أمسكت بذراع "يونس" بقوة، مشيرة بيدها نحو الباب بخوف، سحبها هو خلفه إلى المطبخ، قائلاً بسرعة:
-"حسام" إفتح الشباك بسرعة خلينا نهرب منه قبل ما يكسروا الباب ..
أسرع "حسام" بفتح النافذة، وقبل أن يتمكن من القفز إلى الخارج؛ انفجر الباب ودخل عدد من الرجال إلى المطبخ، متسلحين بأسلحة نارية يوجهونها نحوهم. في تلك اللحظة، أدرك "يونس" أنه لا مفر لهم من هؤلاء الشياطين، وشعور بالخوف انتابه تجاه شقيقه، حيث كان يعرف أنه هو الهدف المقصود!
أحد الرجال بادَرَ لكسر الصمت المشحون بالتوتر قائلاً:
-"يونس" سلم نفسك؛ وماتجبرناش ناخدك بالقوة، سلم نفسك وبلاش تعرض إللي معاك للخطر، والبنت دي تخص زعيمنا ..
عندما رأتهم "حنين"، اجتاحت مشاعر الحزن نفسها، واحتل الخوف قلبها، و ظلت ممسكة بذراع "يونس" بقوة؛ كأنها ترغب في إبلاغه بأنها بحاجة إلى حمايته منهم.
نظر" يونس" إليهم بتمعن عله يجد مخرجًا، لكنه أدرك أن عددهم كان كبيراً وأنهم بدأوا يتقدمون نحوه، في تلك اللحظة، استشعر أنه لن يتمكن من الخروج من هنا فهتف قائلاً:
-أنا هاجي معاكم لكن سيبوا البنت تمشي مع أخويا، إنتوا جايين هنا علشان تاخدوني أنا هي مالهاش علاقة بيا ..
لم يُعيروا اهتمامًا لكلماته، فتقدموا نحوه وأمسكوه بقوة ثم سحبوه إلى الخارج، بينما تولى الآخرون الإمساك "بحنين"، حاول "حسام" الدفاع عن شقيقه، لكن أحدهم أطلق رصاصة أصابت قدمه، مما أسقطه أرضًا!
تحت وطأة الألم والعجز، وهو يشاهد شقيقه يأخذونه إلى الموت. كان آخر ما سمعه هو صوت صراخ "يونس"، وبعدها فقد الوعي.
*********
شعرت "نورهان" بشعلة الغضب تتأجج بداخلها، واستدارت بغضب لتكتشف من يلوح بالسوط في الهواء ويمتلك الجرأة للقيام بذلك.
لكنها شعرت بالصدمة عندما رأت زوجها خلفها، ينظر إليها بنظرات ملتهبة، واستفاقت من دهشتها عندما تلقّت صفعته القوية أطاحت بها ارضاً ثم انحنى وصرخ قائلاً، وهو يُشدد على كل حرف من عبارته:
-جاتلك الجراءة دي منين يا "نورهان"؟ تلعبي من ورايا تخطفي "منه"؛ كنتي فاكره إني مكنتش هعرف إنتي ناوية على إيه؟ أنا عيني كانت عليكِ من زمان، وأحب أقولك إن الرجالة إللي معاكِ دول كلهم رجالتي! ..
كانت نظراته كفيلة بزرع الرعب في قلبها؛ فقد كانت تدرك تمامًا مدى جبروته وقسوته، وعدم رحمته تجاه من يحاول التلاعب معه.
وعلى الرغم من ارتعاش جسدها، حاولت الوقوف عندما ابتعد عنها وهو يستمتع بخوفها؛ لكن سرعان ما نهضت واقتربت منه، وجثت على ركبتيها أمامه، و هتفت بتوسل قائلة:
_ سامحني.. سامحني يا "وليد" أنا مكنش قصدي ألعب عليك؛ أنا اخذتها علشان أخوفها وأجبرها إنها تتكلم، وتقول على مكان (الأمانة) وهي إيه ؟..
ابتسم ساخراً من كلماتها، مدركاً أنها مجرد أكاذيب؛ تهدف إلى إنقاذ نفسها.
ولكن هيهات، فهو يراقبها منذ فترة طويلة ويعلم بكل تفاصيل تحركاتها، سحب سلاحه من خلف ظهره، ثم وجهه نحوها، ضاغطاً على الزناد و هتف قائلا ً:
-عايزه تقولي إيه قبل ما تموتي؛ شمي آخر نفس ليكي في الدنيا! ..
ارتجف قلبها من الخوف، و ذرفت الدموع من عينيها، مدركةً أنه لا يمزح؛ فهو يقتل بدم بارد دون رحمة أو شفقة.
هزت رأسها بشكل عشوائي وهي تتوسل إليه، لكنه لم يكترث، بل رفع قدمه ودفعها بقوة إلى الوراء حتى أطلقت صرخة مدوية في المكان!
وقبل أن تتفوه بأي كلمة، أطلق رصاصة استقرت في جانبها، لتسقط جثة هامدة بلا حراك!
ماتت وقلبها مليء بالحقد والكراهية، بينما كانت "إيلول" تصرخ بذعر وهلع من هول المشهد، استدار إليها "سعد" وقال:
_ اسكتي أحسن هيكون مصيرك نفس مصيرها، مش عايز أسمع صوتك إنتي فاهمه
اربطوها جنب أمها ومش عايز ولا غلطه ..
انهمرت دموع "منَّة" بحرقة وهي تستشعر عجزها أمام مصيرها المحتوم، بينما كانت ابنتها تعاني من الرعب، ولا تملك من القوة ما يمكنها من مواجهة قسوة "وليد".
-بالله عليك يا "وليد" سيبنا في حالنا؛ صدقني أنا معرفش حاجة عن (الأمانة) دي "عادل" مقاليش حاجة وقولي البنت فين؟! ..
تقدم نحوها بخطوات مدروسة حتى أصبح أمامها مباشرة، ثم رفع فوهة السلاح نحو رأسها وقال:
-إتكلمي يا "منه" أنا صبري بدأ ينفذ؛ عايز أعرف "عادل" كان مخبي إيه؟ وليه كلهم بيدوروا عليه؟! أنا عرفت مكان (الأمانة) ..
بدت على ملامح "منة" علامات الدهشة والاستغراب، حيث كانت لا تزال غير قادرة على فهم مفهوم (الأمانة) ولماذا يتم البحث عنها؟! ثم تحدثت قائلة:
-إيه إللي "عادل" مخبيه و إيه هي (الأمانة) ؟ أنا هتجنن ..
*************
اندفع الوالدان نحو غرفة ابنتهما بفزع وقلق حينما سمعوا صراخها، ثم فتحوا الباب ودخلوا مسرعين تجلى الغضب على وجوههم عندما رأوها واقفة على السرير، ممسكة بالهاتف بيدها، وتقفز فرحًا! فهتفت والدتها بغضب قائلة:
-"مريم" إيه التصرفات دي؟ إنتي شايفه خوفنا على اخواتك! انتي خضيتنا هو دا وقت هزار! ..
أخفضت رأسها خجلاً من تصرفها الطفولي، فهي عندما تشعر بالفرح تندفع للصراخ دون أن تدرك العواقب!
وعندما علمت بقدوم ابنة عمها، انطلقت تصرخ بفرح، عبرت عن أسفها بسبب القلق الذي تسببت به لأهلها قائلة:
-أنا آسفة مكنش قصدي؛ أنا أول ما شوفت رساله من "شهيرة" إنها جايه بكرة من فرنسا فرحت أوي ..
تنفس "أحمد" الصعداء عندما رأى أنها بخير، وكان ذلك كافياً، لكن قلقاً عميقاً كان ينهش داخله.
ثم وجه كلامه إلى زوجته قائلاً:
-"زينب" خلوا بالكم من نفسكم، أنا رايح عند "يونس" و"حسام" قلبي مش مطمن أدعوا إني ألاقيهم بخير !..
-ربنا معاك إن شاء الله تلاقيهم بخير و ترجعوا بالسلامة ..
غادر "أحمد" منزله تاركًا زوجته وابنته في حالة من التوتر والقلق من المجهول, فجأةً، سمعوا صوت سقوط شيء على الأرض، مما دفعهم للخروج بقلق للتحقق مما يحدث!
لكنهم لم يجدوا شيئًا مريبًا، غير أن القلق تملّكهم عندما لاحظوا الباب مفتوحًا على مصراعيه، وشاهدوا ظل شخصًا واقفًا في الخارج!
اقتربت "مريم" من الباب لتتحقق من هوية الشخص الموجود في الخارج، وعندما خرجت، صُدمت وبقيت تحدق في ذلك الشخص دون أن تتفوه بكلمة.
*********
فتح عينيه ببطء، شاعراً بألم يجتاح جسده، نظر حوله فوجد المكان مظلمًا، حيث تواجدت فيه آلات حادة. حاول أن يتذكر ما حدث عندما أخذوه، لكن آخر ما يتذكره هو سقوط شقيقه، ثم شعر بأحدهم يرش شيئًا على وجهه، ومنذ ذلك الحين لم يعد يتذكر شيء!
فجأة تذكَّر "تقى"، فانتفض من مكانه؛ لكنه اكتشف أنه مُقيَّد بسلاسل قوية تعوق حركته.
حرك رأسه بحثًا عنها حتى رآها ملقاة على الأرض، بلا حراك! انتابه القلق، فهتف قائلاً:
-"تقى"..." تقى".. إنتِ سمعاني
أنت تقرأ
من أنـــــــا
Mystery / Thrillerذكريان قد دفنت في عمق العقل و القلب تلك الذكريات التي تحدث ضجيج في العقل و تجتاح القلب و لكن الندوب لازالت حديثه و تلك العاصفه بت لتعود تلك الذكريات