حياة.

12 1 0
                                    



"على قَيد الحياة فقط لا أكثَر
أنا وأزهار الخَشخاش."






فتحَ عَينَيه غارِقًا، غارِقًا في جوفِ المشاعِر وعرَق جسده الذي بِه يَسبح مِن فَرطِ التوتُر والتفكير، أنهكَ باله وسَرَح خياله يَجول هُنا وهُناك بِطريقَةٍ لا قيودَ لَها حتى أنهَكته.

إستفاقَ مِن كوابيسه ومخاوِفه مُتجِهًا إلى دورَةِ المياه، ترك الماء البارِد يُهدَر على جسده الساخِن، حتى أن وجهه كان شديد الإحمِرار والإرهاق، يتساءل ما بَال كونه عاطفيًا رُغَم صلابته؟ جلسَ أسفل الماء بينما يُغمِض عيناه، يأمَل لو كانَ مطرًا فيكون وقعه ألطَف وأخَف، لكنها مياه يعتقد بِأنها قد تغسِل جِراحه، رُبما.

إنتهى مِن أخذِ حمَّامِه البارِدِ ليتجه إلى المِرآه الموجودة في دورَةِ المياه، ينظر إلى ملامحه التي عافَ عليها الزمَن وكأنه ليسَ في العشرين من عُمرِه فيتملَّكه الصمت الشديد حتى يكسره بِبَعض الكلِمات "زهرَةُ شبابي غدَت بِرسيمًا." أحسَّ بشيءٍ مِن السخافة والقُبح، لكنه تجاهل ما تبقى من مشاعِره ثم ذهب يرتدي أخفَّ ثيابه، يشعر بالإختناق مِن الدَّاخِل، فيُحاول التخفيف عنه مِن الخارِج.

جلسَ على سريره ينظر إلى هاتفه ويبدو بِأنه تلقى بَعض الرسائل مِن أحَدِهم، بعد أن قرأ تلك الرسالة أغلق هاتفه من جَديد ثم ترَجَّل خارج غرفته كما يفعل كُلَّ يوم لِيواجه سُخرِيَة الحياة مِنه.

قابلته والدته حالما غادر غرفته فقد كان يرتدي حِذاءه مُباشرة أمامها لِتسأله " ماذا لديك اليوم؟"
نظر إليها ثم أعاد نَظره إلى أربِطَة حِذاءه "سأذهب لِمُساعدة السيد تشوي اليوم، طلب مني ذلك لتو"
تسألت والدته واسألته "أليسَ اليوم هو يوم إجازتك؟؟" اومأ لها ثم أجابها "أجَل، لكني سأقوم بِالعمل مِن أجلِه اليوم." تفهمت والدته رغبته لتتركه يفعل ما يشاء ثم غادَرت لِيُغادِر هوَ الآخَر مُتجِهًا إلى مِحَل السيد تشوي.

وضعَ غِطاء سُترَتِه على رأسه، ثم إتخَذ الركض وسيلَةً له هذه المرة لذهاب إلى العمَل، فلعلها تُنعِش يومه كما يعتَقِد.

وصَل إلى مِحَل السيد تشوي بعدما إلتقَط أنفاسه المقطوعة، إنتهى لِيعتَدِل وينظر إلى لافِته المِحَل مُباشَرة "سَيد المخبوزات" كما كان مَكتوب على اللافِته ذات الألوان العديدة، تساءل تِيسان كيف لِرَجُل في الخَمسين مِن عُمرِه أن يبقى شغوفًا بالعمل في مجالٍ كهذا مُنذ عُقود، لكن في ذات الحين كانَ مبهورًا لِكون السيد تشوي شغوفًا وبشوشًا رغم مُرور العُمر.

وبالفعل، حالما وطأت أقدام دونقمين للمحل فقد كان السيد تشوي مُبتسِمًا له ويُحييه بِحرارة فَيُخبِر دونقمين ذاته "إذًا هكذا يَكون الحال عِندما تَقوم بِعمَلٍ تُحِب القيام بِه." تذكر حُبه وشغفه للإنتاج والأداء، لكن قلبه كان يؤلِمه بعض الشيء، فهو لا يمتَلك ما يَرجوه لكنه يعلم بِأن عليه أن يبذل مافي مقدورِه إلى أن يَحين الوقت المُناسِب كما يَقول.

عندما لَم يَكُن للأمانيَ أبواب.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن