مُنهَك.

8 0 0
                                    



الصباح المِليار وإشراقة الشمس المِليار ولا زال ذات الروتين يتكرر، غادرَ دونقمين البيت سُرعان ما أستيقَظ فقد مَل المكوث بين جُدران حجرته الصغيرة، ذهبَ يجري مع مِهَب الرِيح تارِكًا الطبيعة تحتضنه بينَ أضلُعِها، يجري دونَ وجهة أو دَليل، أطلق سراح جسده وروحه، لَم يتحكم بِهما فقد أطالَ المسير إلى اللامكان وكُل مكان من دونِ دِرايَةٍ مِنه، حتى أنهكه طول الطريق فأسندَ ظهره لِأقرب حائط يُجاوِره "أُريد الخُروج مُن هُنا بِأسرعِ وَقت." إلتقطَ أنفاسه بينما يُرخي جسده ويجلس على الأرض مُغمِضًا عينيه موجِهًا رأسه إلى السماء.

أخبَروه بِأن الأحلام لا قيودَ له، حُرَةً طليقة لا تَنتهي، لكنه تداعى أسفلَ سقف الواقِع، فكُل شيء كان له حدود رغم شغفه الذي يَستعر داخِل قضبان صدره، حَلِمَ بِأن يكونَ طليقًا يومًا، لكن اللحظة التي تتبع أُمنيتَه تصفعه وتعيده للواقع، تمنى بعد تلك الصفعة ألا يَكون الأخ الأكبر وألا يكون قَد وُلِدَ في هذه الجزيرة، تمنى لو كَان في بَرِ بِلاده، لو كان حاله أفضل مِما عليه الآن، تمنى لو كانت الحياة إلى جانبه في إحدى تلك الأمور على الأقل، لكنه يُسرها جميعًا في صَدرِه ما دامت تَبدو كـ الأماني الأنانية نسبةً لَه، فبالكاد يعيش لِيرى سعادة عائلته.

في كل مرة كان يتخلى عن أحلامه، ويخشى أن يَمُر كُلًّا مِن يوجين ويوبين بِما مَر به هو، فيتنازل عن كُل ما تمناه ويحاول بِما في مَقدورِ جَيبه، لكن جيبه كان شديد الضيق عليه والاسوأ أنه كانَ مُمزقًا فوق كل ذلك، لكنه لَم يُدرِك.

بعدَ أن غاص في عُمقِ تفكيره، إستفاق على صَوتٍ لا يألفه، ولا يَشعُر بِأنه يَود سماعه، كان صوت الطائرة وهي تُحَلِق مِن فَوقِه، نظرَ إليها بإزدراء، فقد بدت وكأنها تؤكِد على إستحاله تغير عالمه وكَونه إلى شَيءٍ أفضلَ أو جديد.

-أهذا هو سِن العشرون الذي نُحسَد عليه؟ ياله مِن شيءٍ فارِغ.

تزعزع مِن مكانه، وعادَ أدراجه إلى القرية، فَلديه ما يعمل به اليوم أيضًا، إستَعد لإرتداء قِناع السعادة من جديد ثم أقبَل على العمل كما العادة.

التظاهر كان كُل ما يُجيده، وأكثر ما يبرع بِه
فقد كان يرتدي تِلك التعابير المزيفة في كل مرة يُغادِر بِها غرفته، حتى بيته الصغير ذاك فقد كان يرتدي فيه جميع أنواع الأقنِعَة السعيدة.

لطالما تظاهر وأظهر مشاعِر لا يعنيها، كالضحك والإبتسام والرِضا فكل ما كان يشعر به هو البؤس وسوء الحَظ وعدم الرِضا، لكن كل ذلك لَا يهم فقد قرر أن يكون زاهِدًا قدرَما يستطيع ولعل صبره سينفد في إحدى الأيام فما أهوَل الحُزن العميق الصامت.


لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: a day ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

عندما لَم يَكُن للأمانيَ أبواب.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن