أخذت تمشي ذهابًا وأيابًا وهي تغمغم بكلمات غير مفهومة، وأمامها علي ذلك الصالون كانت تجلس ضحى التي قالت بتوتر:
- أهدي بقى يا ماما هيكون راح فين يعني
تحدثت فردوس والقلق ينهش عقلها وقلبها:
- الساعة داخله علي ٨ وهو كبيره بيبقي ٦ في البيت ده لو أتأخر استر يارب طمني على أبني يارب
تنهدت ضحى وردت عليها مطمئنة:
- يا ماما أنس مش عيل صغير ولا بنت عشان تقلقي عليه كده، هتلاقيه طول في الشغل أو راح لعمرو
جلست جانبها وهي ترفع هاتفها في وجهها وتقول بحده:
- طب مبيردش على موبايله ليه ويعرفني، لا دي مش عوايد أنس انا عارفه أبني حصله حاجة
ثم نهضت فجأة وفتحت هاتفها لتقوم بالأتصال بشخص ما، وما أن اتاها الرد حتي قالت بلهفة:
- عمرو أزيك يا حبيبي، بقولك مشوفتش أنس مجاش عندك البيت ؟
رد عليها عمرو بنبرة متعجبة:
- لا يا خالتي فردوس أنا في الشغل أساسا وأنس عارف كده، قولته لما قابلته أنهاردة لما جه عشان يغير هدومه
هنا وقع قلب فردوس في أخمص قدميها وقالت بنبرة قلقة يشوبها بعض البكاء:
- أمال راح فين يا أبني ومبيردش علي تليفونه، طب الله يسترك متعرفش رقم حد في الشركة اللي شغال فيها يمكن يدلنا عليه
أنتقل قلق فردوس لعمرو فالوقت قد تأخر ولم يصل لمنزله بعد، وليس من عادته أن لا يخبر والدته عن مكانه فرد بنبرة حاول جعلها ثابتة:
- أهدي يا خالتي أنا هبعت رسالة لصاحبي اللي كان شغال في الشركة يمكن يعرف رقم حد هناك وهبلغك.
________________________________
ضرب أنس بيده على الباب الضربة التي يجهل عددها وهو يصرخ بصوتٍ عالٍ لعل أحدًا يسمعه ولكن لا جدوى، مرت ثلاث ساعات وهو على نفس الحال، أخذ يحدث نفسه بإرهاق قائلًا:
- اه لو أعرف مين الغبي اللي قفل عليا !
داهم ذلك الدوار رأسه مجددًا فترنح وهو يحاول إمساك أقرب كرسي له ليستعيد توازنه، فقد تذكر أنه لم يتناول شئ منذ الصباح؛ بسبب ما فعلته به تلك الحمقاء، فقد أستغل أستراحة الغداء ليعود لمنزله لتغيير ملابسه مقررًا أن يتناول غداءه في موقع العمل، ولكنه قد ترك كل أغراضه بالخارج حتى هاتفه فلن يستيطع الاتصال بأحد لينقذه، عرف في نفسه أن والدته حتمًا تموت قلقًا عليه الآن.
أكتسب أنس أتزانه وقرر عدم اليأس لعل أحدهم مارًا من أمام المبنى فيسمع صوته ويحرره، فأقترب من الباب يدقه مره أخرى بعد فقده الأمل في فتح النافذة أو كسرها بسبب أرهاقه، لكن ما إن رفع يده ليدق الباب و وجد الدنيا تظلم من حوله وترنح ليهوى بقوة علي الأرض حيث أرتطمت مقدمة رأسه بقدم الكرسي.
أنت تقرأ
لعلنا نلتقي
Romanceفي يومٍ ما ، في شهرٍ ما و في عامٍ ما، في مكان في ذلك العالم الواسع سنلتقي ! سأبث لك أشياقي طوال تلك السنوات التي ظللت بها علي قيد الحياة بالرغم من طعن الحياة لي بخنجر غيابك ! سأواسي نفسي بتلك الكلمات كي لا أستيقظ من ذلك الحُلم الجميل علي مرارة غياب...