"ما رواه القلب" هو رحلة إلى أعماق مشاعرنا، حيث يعيد القلب رواية كل تجربة، حب، وفراق بشجاعة. انغمس في هذا الكتاب لتكتشف كيف يمكن للأحاسيس الصادقة أن تشكل قصصنا وتجعلنا نعيش الحياة بعمق أكبر.
أتذكر تلك النبضة جيداً؛ أول مره ينبض بها قلبي فرحاً عندما وافقت أمي على اقتنائي قطةً صغيرة. كانت حلمي منذ زمن بعيد وها هو قد تحقق. كان شعوراً غريباً مُشبَعاً بالأمان؛ كأول لمعة في عيني تبِعتها قطرات الدموع مُرحِبةً بها في منزلي. كضحكتي الأولى عندما سمعت موائها لاول مرة. كأول تجربة لي في اطعامها، أو عندما صنعت لها فراشاً مكون من أحضاني والحب؛ كل الحب الذي أمتكله كان لها فقط. كليلتي الأولى بجانبها، والتي كانت طويلةً حسب الساعات، وقليلة بالنسبة لي؛ لأني أمضيتها في مراقبة كل حركة تَصدر منها. تلك الصغيرة التي خطفت قلبي منذ أول لحظة. انبهارى بحركاتها اللطيفة، وتشبثها بي عند جوعها أو خوفها. كأول مرة اناديتها بإسمها الذي ظللت كثيراً أبحث عنه. عن اسم مميز يليق بها وبفرائها الأبيض الجميل وتلك العينان الزرقاوان الساحران؛ كأنما اجتمعت زرقه السماء، وزرقه الماء، وتمركزت في كروية عينيها الصغيرتين. وتلك الأسنان الحادة التي كانت مَرحاً لي برغم ألامها وخدوشها التي شوهت يدي بعبثها. اندفاعها إلي المدخل عندما أعود من الخارج لأستقبلها؛ متناسيةً كل الأعباء وما عانيته طوال وقتى بالخارج. تلك هي صغيرتي التى كانت تُمحىٰ معها كل علامات الحزن عن وجهي، والشقاء عن قلبي. تلك من كنت أتطٌلع لإنهاء ما بيديّ والعودة إليها؛ كي تُزال أثقال قلبي وتُرسم البسمة عند رؤيتها. أحبكِ برغم تشويهك لملابسي بأظفارك، وبرغم تدميرك لمفروشات وأثاث المنزل. برغم معاناتي لتناول طعامي في وجودك بقربي. وعطوري المسكوبة على الأرض عمداً أثناء مرحك. ورحلة البحث عنك عندما تُخططين لأخذ سُبات عميق في إحدى زوايا المنزل المَخفية. التصاقكِ بي مثل ظلي إن لمحتي دمعاً في عينيّ، ومحاولاتك الكثيرة للفت نظري نحوك حتى أنسى أحزاني. لكنك الآن بتّي واحدة منها! كل تلك هي ذكرياتك المحفورة في قلبي، والتي لن تنتهي ولن تغيب عن عقلي إلا بإنتهاء حياتي. كلما تطّلعتُ لصورك على هاتفي إزداد شوقي إليكِ برغم أنكِ لم تغيبي عن ذهني قَط. طيفكِ ما زال يلاحقني هنا وهناك، وصوت موائك ما زال ملتصقاً بأذنى كاللحن الجميل. تلك العينين الساحرتين التى يذكرني بهما كل شيء بلونهما. أدواتك المنثورة في بيتي وغرفتي وكل جزء من المنزل. تلك النظرة الأخيرة التى نظرتِها إلىَّ قبل أن تفيض روحك إلى عنان السماء. دمعتي التي خانت عيني وسقطت عندما أيقنتُ أن الروح لم تعد فيكِ وأنها فارقت جسدك الصغير. أخر مرة ضممتك فيها إلى صدري وأنا أعلم أنها الأخيرة. لحظات الوداع المؤلمة؛ تلك اللحظات الأكثر ألماً على قلبي. وهذا الجسد الذي صار ملكاً للأرض وليس لي، وهذه البرودة فيه؛ لن يتملك منه الدفء أبداً. لن تفيقي بعد الآن يا صغيرتي، ولن يزعجكِ إستيقاظي مبكراً بعد الأن! ارقضي بسلام تحت هذا التراب حيث لن يزعجكِ شئ ولن يأخذكِ أحد منه. لربما خشيت فراقكِ قبل هذه اللحظة ولكن بعد الآن لن يكون هناك فراق! انتهت روحي مع آخر نفس من روحك، وإنتهت كل ذرة من عقلي مع توقف عقلك. فارقنى قلبي وها هو يغادر جسدي ويسكن معكِ تحت هذا التراب. فقط تذكري دائماً أنكِ كنتِ كل شيء لشخص لم يشعر بالحب والدفء إلا معكِ، ومهما تغيبتِ وغابت عنه صورتكِ فلن تغيبي عن هنا؛ حيث يرقض قلبه وقلبكِ.
قطتي الراحلة؛ أحبكِ.
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
أعلم أن هذه الخاطرة قاسية جداً، أسفة لإحزانكم. لكنها عزيزة على قلبي جداً؛ لأنها تحمل كل ذكرياتي مع أول قطة حصلت عليها وأحببتها من صميم قلبي. قطعة السكر تلك التي أخذت جزءًا كبيرًا من قلبي مع رحيلها عن عالمي؛ صغيرتي "روزالين". 17/10/2024 💔