الصفحة التاسعة.

95 9 2
                                    

انتابني شعور بالدفئ والرّاحة،
شعور أنني في البيت الصحيح والمكان الأصَح،
حين استيقظت على أثر النوتَات الهادئة والمُنبعثة من الصالة أمامي.

كان جونغكوك جالسًا بينما يعزف محركًا رأسه بخفة متزامنًا مع عزفه ،أصابعه تنساب بسلاسَة على آلة البيانو والرّياح المُنبعثة من النافذة تحرك خصيلاتِه الناعمة بقوة، شعرت بالانزعاج لذلك، ألا بأس بِلعن الهواء؟

أشحت بنظري عنه حين شعرت بانتهائه، ونظرت حيث الغطاء الثقيل المتواجِد فوقي لأبتسم.
لقد قَام بتغطيتي.

"استيقظت"
استقام ناطقًا ومشى نحو النافذة لأستقيم بدوري أُفرك عيناي

"أجل"
قلت أشتّت أنظاري حول الصالة وقمت بتمديد جسدي بكسل، لقد كان نومًا لذيذًا

"إنها تُمطر"
نظرتُ حيث ينظر إلى حبّات المطر التي بدأت بالتساقُط ببطء على زجاج النافذة.

لا بد أن الشتاء لم يُحب أن يغادرنا ببساطة هكذا رغم اقترابِ موعد رحيله ،كم أحبه أنا.

"ألا تعتقد.."
قلت بهمس ونظرت مطولاً في ظهره العريض ومنظرِه البديع المقابل للمطر الذي يتساقط بقسوة على زجاج النافذة،
ليلتفت و يُولي بكامل انتباهه نحوي

"ألا تعتقد أننا نستحِق الانتهاء والرّحيل مع الشتاء في يوم قارس وشتوي هكذا؟"
أعلم أنه حُمق ما أتفوه به الآن ولا بد أنه يصفني بالغرابة والجنون في ذهنه.
لكن أنا أعني كلاَمي ،أريد أن أنتهي وأرحل مع هذا الفصل شدِيد البرودة والبؤس.

"لا"
همس هو الآخر وتقدّم ناحيتي

"لا أعتقد"
جلس بجانِبي وجرّ الغطاء الثقيل قليلاً ليقوم بتغطية بدنه مثلي.

نحن نتشَارك نفس الغطاء الآن،
شعورٌ جديد آخر.

"ولما؟"
أسندت رأسي على الأريكة خلفي وقمت بحشْر أنفي المُحمر أثر البرد في الغطاء ،وابتسمت لرَائحة المسك المنبعثة منه.
ربما وجدت رائحتي المُفضلة!
وشخصي المُفضل أيضًا.

"سيكون من القُسوة الانتهاء في يوم شتَوي،
تُرعبني الفكرة بصراحة"

"يكفي أن الحيَاة كانت باردة ،تعيسة ومُؤلمة"
وختم حديثه بابتسامة خفيفة،
لوهلة ستظُنه يَروي قصة سعيدة لا قصة هذه الحياة المُرهقة.

لكن أعلم ،عيناه لم تكذب رأيت بهما حزن دفِين.
وأعلم أنه يعلم أنّني لم أكن أقصد الموت العادي.

"هل تخشى الموت؟"

رغِبت أن أعلم، هل يفعل؟ هل تُرعبه الفكرة كما تُرعبني أحيانًا رغم أنني أفكر به وأرغبه كثيرًا لكنني أخشاه أفعل! نعم.
أليس هذا طبع لعينٌ فينا نحن البشر؟

حِبر و حُب |TKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن