6

53 8 18
                                    

منذ بداية اليوم و قد لاحظ زمردي الأعين نفور زوجته منه ، و لربما من كل شيئ حتى السكريات التي تحبها أكثر من نفسها

فراح باله ينشغل بما حدث لها و توالت الأفكار المختلفة ، فمرةً يشك أنها مشكلةٌ من مدرستها و مرةً يظن أن ذلك بسبب تعبها بذلك المنهج الذي تدرسه

مر اليوم كئيبًا عليه حيث تغيرت الغرفة المبهجة بضحكتها الدائمة إلى صمتٍ تام ، و الفترة التي كان يلاعبها بها اختفت فجأة

حسم أمره بالذهاب لها و سؤالها مباشرةً فهو ذو علمٍ بحساسيتها الشديدة تجاه أي شيئ ، و ليس بالسهل توقع فِكرها فقد تحزن من أمرٍ لشهور و لا توضحه إلا بعد دهرٍ طويل

دخل الغرفة خاصتهما محدقًا بها و كيف غطت نفسها بالبطانية تمامًا حتى وجهها ، و قاربها بعد إغلاق الباب جالسًا جانبها

همس باسمها مرةً و اثنان إلا أنها لم ترد ، فتعمد إظهار نوعٍ من الحزن المزيف بنبرة صوته أثناء مناداتها للمرة الثالثة حتى تنهض و تناظره

و بالفعل ، أزالت الغطاء بتوترٍ طفيفٍ و جلست أمامه ، تناظره بأعينٍ تشع فضولًا قلقًا

" مـ ماذا ؟.. "

لاحظ اللمعة بعينيها الدالة على أنها كانت تقارب البكاء ، فداعب خدها بيده اليمنى التي استقرت هناك

" ما الخطب ؟.. ما بال حلوتي حزينة ؟.. "

أمالت وجهها للمسته الرقيقة عليها ، و دمعت عيناها أكثر فنزلت قطراتٌ بسيطةٌ من الدموع على وجهها

" حسنًا.. أمرٌ تافه.. "

شدها برفقٍ شديدٍ كأنه عامل قطعةً من الفخار الذي قد يكسر إن قسى عليه حتى أجلسها بحضنه

" و ما هو ؟.. هل ضايقكِ أحدهم ؟.. "

نفت برأسها

" ليس تمامًا "

" إذًا ؟.. "

صمتت قليلًا منزلةً رأسها قبل أن تُردف

" بعض الأحاديث عني بين أقاربي.. و كانت فظيعة.. "

انفرجت شفاهه للتعليق إلا أنها قاطعته بنبرةٍ قاربت البكاء وسط دفنها وجهها بصدره

" أبذل جهدًا لنفسي ، أحاول مرةً خلف الأخرى ، و دائمًا ما تحدث ذات النتيجة! ذات الجمل تنعاد على سمعي مسممةً نفسي و جاعلةً إياي أشعر أن لا فائدة من كل ما أفعل! "

ضمها له أكثر مربتًا على ظهرها ، فله العلم بكيف تلك الحركات البسيطة تهدئها

" من ؟.. و ماذا قال أو قالت ؟.. "

دمعت عيناها أكثر صامتة ، تعض شفاهها السفلية بقوةٍ وسط شهقاتها

رفع ذقنها نحوه و بلطفٍ شديد مسح دموعها ، فهو تفهم من عدم ردها أنها لا تريد ذلك فقدر إرادتها

قبل خدها برقة ، و أرجع خصلةً متمردةً تسللت لوجهها لخلف أذنها

" لا تركزي على ما يقول الغير فمهما جد و اجتهد المرء لا ينتهي كلامهم ، فقد فعلتي ما قد قدرتي عليه "

" ما زال الأمر جارحًا.. "

" و هذا ما أرادوه ، لذا دعي من يتحدث يثرثر كما يريد و لا تفكري كثيرًا به فإن ذلك ضررٌ عليكِ ، كما أني موجود فكلما استمعتي لشيئٍ سيئٍ عنكِ قولي لي حتى أوضح لكِ كيف أنكِ العكس ، أتفقنا ؟.. "

هدأت عيناها من إنزال الدموع قليلًا فراحت تناظره بضعف ، و خبأت وجهها بصدره برفقٍ محبط

" فقط.. لمَّ ؟.. ألا يمكن فحسب أن أعامل الآخر بحسن فيرد ذلك لي ؟.. "

همس بينما داعب خصلاتها بلطف

" لا يجد الآخرون أهون من الحديث عن الغير روحي ، فإن رأى أحدهم شخصًا يحاول بينما هو لا يفعل فمن الطبيعي أن لا يريد له الخير ؟ كما أنكِ مثاليةٌ بنظري ، أولا يكفي ذلك أني أرى كيف زوجتي مثالية و إن اختلفت آراء الناس الأخرى ؟ "

اومأت برأسها ، و تنهدت بضيقٍ بينما تشبثت يداها بظهره برفق

قبل جبينها و فروة رأسها بحنان ، و صبر حتى وقعت بين يديه في نومٍ عميق

همس لها بأن تصبح على خير ، و استلقى بالسرير و هي بين يديه مصممًا على حمايتها من هذة الدنيا

فحتى و إن علم بإدراكها عن كيف تسير الأمور ، فهي لا تدرك نوايا الإنس لها

فإن كان يخاف عليها من نسمات الفجر ، فكيف يغفر لنفسه إن ترك قلبها يكسر بسبب الغير ؟..

About himحيث تعيش القصص. اكتشف الآن