الفصل الثاني: بين الاضواء والظلال

16 8 1
                                    


تُدعى ليال، اسم يعكس الغموض والحنين الذي يسكنها تبلغ من العمر  ٢٣ عامًا، ذات طول متوسط، تُحيط بها هالة من الثقة التي تتناقض أحيانًا مع مشاعر العزلة والوحدة التي تختبئ داخلها، عينان بلون العسل الداكن، ذات شعر احمر لونها المفضل، تحمل في نظراتها مزيجًا من القوة والضعف، ابتسامتها نادرة، ولكن عندما تظهر، تكون حقيقية وصادقة من قلبها .

تعمل ليال كممثلة صاعدة، وتتنقل بين مواقع التصوير واستوديوهات الإنتاج في المدينة، يقف المبنى الذي تعمل فيه شامخًا بين مبانٍ حديثة، تحيط به أجواء من الفخامة والاحترافية، ولكنه في الوقت ذاته يحمل بين جدرانه تنافساً لا يرحم بين الفنانين، خلف الأضواء اللامعة والكاميرات، يوجد عالم آخر مليء بالتوتر وضغط العمل. زوايا الاستوديو مظلمة، وتنتشر فيها معدات التصوير والإضاءة، الأرضية مغطاة بسجاد قديم، وكل ركن فيه يحمل ذكرى لمشهد صُور أو لقاء حدث.

في هذا العالم، تتعامل ليال مع العديد من الأشخاص من المخرج الذي يحرص على تفاصيل كل مشهد، إلى المساعدين الذين يتنقلون بسرعة ليُلبوا احتياجات فريق العمل، ورغم ضغط العمل، تحاول ليال أن تحافظ على هدوئها وتوازنها تُظهر احترافية في التعامل، لكنها لا تزال تشعر بالوحدة عندما تُغلق الكاميرات وتختفي الأضواء.

عندما يقف المخرج بجانب الكاميرا، عاقدًا حاجبيه وهو يُلقي التعليمات بنبرة جادة تقترب ليال منه، محاولةً استيعاب ملاحظاته رغم الإرهاق الذي يظهر على وجهها يقول لها بنبرة حازمة:
"ليال، أريد منك أن تعبّري أكثر، أن تشعري حقًا بما تمر به الشخصية."
تهز رأسها بابتسامة متوترة، وتحاول التركيز في كل كلمة يقولها تعرف أن الأمر ليس سهلاً، ولكنها تشعر بحاجة مُلحّة لإثبات نفسها.

و خلال فترات الاستراحة، تجلس ليال في زاوية هادئة، تلتف حولها أوراق النصوص  تقترب منها زميلتها، ممثلة شابة، تتحدثان عن مشاهد اليوم، وعن الأدوار التي تلعبانها، تشعر ليال بشيء من الراحة في الحديث معها، لكنه ينتهي بسرعة عندما يناديهما المخرج للعودة إلى العمل.

في استراحة قصيرة بين مشاهد التصوير، كانت ليال تقف بجانب أحد الأضواء، تلتقط أنفاسها وتحاول التخلص من الضغط الذي تراكم عليها طوال اليوم، ترفع نظرها لترى رجل أربعيني قادم نحوها، يرتدي قميصًا بنيًا وربطة عنق سوداء، تعلو وجهه ملامح تعكس سنوات طويلة من الخبرة في هذا المجال، يمسك بين يديه دفترًا مليئًا بالملاحظات ورسومات المشاهد، وعينيه تتحركان بين الصفحات بدقة.

يتحدث الرجل معها بنبرة هادئة، وهو يقلب إحدى الصفحات:
"أرى أنكِ تبذلين جهدًا كبيرًا اليوم، ليال اسمي إيثان جراهام، وأنا منتج الفيلم عملي يتطلب أن أضمن أن كل شيء يسير بشكل سلس أمام وخلف الكاميرا."

تبتسم ليال، وهي تحاول أن تظهر اهتمامها، لكن احمرار خفيف يصعد إلى وجنتيها:
"سررت بمعرفتك، إيثان جراهام، دائمًا كنت أرى ملاحظاتك على اللوح، لكنني لم أكن أعرف من هو صاحبها "

سراديب الماضي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن