الفصل السادس: لقاء المصير

3 2 1
                                    


دخلت ليال مركز الشرطة، الهواء البارد لفح وجهها وهي تتجه بخطوات سريعة نحو مكتب صديقتها لورا، كانت تشعر بقلق متزايد يدفعها للبحث عن أي خيط يقودها لفك لغز مقتل إيثان ووالدتها، نظرت حولها إلى الوجوه المرهقة خلف المكاتب، كلها منشغلة بأوراق التحقيقات، لكنها لم تهتم بشيء سوى الوصول إلى صديقتها، دخلت المكتب بخطوات واثقة وابتسامة خفيفة على وجهها.

نظرت لورا إليها، ثم وضعت الأوراق جانباً وقالت بلهجة هادئة "ليال، لا جديد في التحقيق، نحن نبحث، لكن لا شيء جديد يظهر، كل الأدلة التي لدينا تبدو كأنها لا تقودنا إلى أي مكان"

عقدت ليال حاجبيها، شعرت بخيبة الأمل تسرق منها شغفها للحظة، لكنها لم تستسلم وقالت "حسناً، دعي الأمور تسير كما هي، لكني أحتاج إلى مساعدتك في شيء آخر، أرغب بالحديث مع آرون، هل يمكنك أن تدليني على مكانه؟"

ترددت لورا قليلاً قبل أن تجيب، ثم نظرت إلى ليال بنظرة تحمل شيئاً من الحذر وقالت "لكن احذري، ربما لا تكون مهمتك سهلة، آرون... غريب الأطوار للغاية"

ارتسمت على وجه ليال تعابير الاستغراب، ثم سألتها بفضول "لماذا تقولين هذا؟ إنه مري..." لكنها قطعت كلمتها قبل أن تكمل، متذكرة أن مرض آرون ليس سراً يحق لها كشفه، تراجعت بسرعة عن قولها، كأنها تعتذر بعينيها، ثم أكملت بنبرة واثقة "لا تقلقي، لن أخسر شيئاً من المحاولة، أليس كذلك؟"

نظرت لورا إليها للحظة، ثم أشارت برأسها إلى غرفة في زاوية بعيدة في المركز حيث يعمل آرون، وقالت بصوت خافت "إنه هناك، لكن كوني حذرة، آرون ليس سهلاً في التعامل معه"

تقدمت ليال بخطوات هادئة نحو الغرفة حيث يجلس آرون، وبينما هي تقترب أكثر، شمت رائحة عطره تملأ المكان، توقفت للحظة، شعرت بشيء غريب يجتاح ذاكرتها، وكأن هذا العطر يحمل بين طياته ذكرى قريبة، تكلمت مع نفسها بصوت خافت "هذه الرائحة... إنه نفس الشخص من المتحف، لا أصدق... لم أتمكن من رؤية ملامحه بوضوح في ذلك الوقت، لهذا لم أعرفه، يالا هذه الصدفة"

زادت سرعة خطواتها وهي تقترب أكثر، ووجدته غارقاً في شاشته، وجهه مشدود بتركيز، وكأن العالم من حوله قد اختفى، أصابع يديه تنقر بسرعة على لوحة المفاتيح، نظراته ثابتة على تفاصيل الحاسوب أمامه، وكأنه يهرب من كل شيء إلا تلك الشاشة التي تأسره، وكأنه يبني حوله سوراً من الأرقام والرموز، يفصل به نفسه عن واقعه المتشابك.

في الجانب الآخر، كان آرون منهمكاً في عمله، يحاول أن ينجز ما يستطيع قبل أن ينهكه الإرهاق الذي يرافقه دائماً، كانت أصابعه تتحرك بسرعة على لوحة المفاتيح، وكأنها السبيل الوحيد للهروب من العالم المحيط به فجأة، لاحظ وجود فتاة تجلس على المكتب المقابل له، لم يتوقع هذا، توتر بشدة، وشعر بأن عقله تعطل للحظة، حاول أن يستفسر عن سبب هذه المباغتة، لكن عندما فتح فمه، خرجت منه كلماته بلغته الثانية، تلك اللغة التي لا يستخدمها الا عندما يسيطر عليه شعور عدم الامان.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 8 hours ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

سراديب الماضي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن