لَيالِي سِيُولَ الحَارَّةُ تَنْقَضِي بُبْطُءٍ مَعَ حُلُولِ فَصْلِ الشِّتَاءِ، وَالأمْطَارِ الحُلْوَةِ الَّتِي تَتْرُكُ صَوْتًا عَذْبًا كَالنَّغَمِ عَلَى أَوْتَارِ قُلُوبِنَا.
كُوبُ قَهْوَةٍ وَجَرِيدَةُ الأَخْبَارِ الأُسْبُوعِيَّةِ، هَذَا هُوَ حَالُ جِيُون جُونغكُوك، الرَّجُلِ ذِي الثَّامِنِ وَالعِشْرِينَ رَبِيعًا.
قَامَ بِتَعْدِيلِ نَظَّارَاتِهِ الطِّبِّيَّةِ، يَقْرَأُ الأَخْبَارَ، إِذَا بِصَوْتِ رَنِينِ الجَرَسِ يَصِلُ إِلَى مَسْمَعِهِ.
اسْتَقَامَ لِيَفْتَحَ البَابَ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَيُّ أَحَدٍ سِوَى رِسَالَةٍ فِي الأَسْفَلِ، مَعَ نَوْعٍ مُحَدَّدٍ مِنَ الزُّهُورِ.
"زَهْرَةُ الفَاوَانْيَا؟!"
امْتَدَّتْ يَدُهُ لِلأَرْضِيَّةِ، رَافِعًا الزَّهْرَةَ، مُتَفَقِّدًا إِيَّاهَا، ثُمَّ تَبِعَهَا بِأَخْذِ الوَرَقَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى عَتَبَةِ البَابِ بِاسْتِعْجَالٍ.
فَتَحَ الرِّسَالَةَ المُعَطَّرَةَ بِعِطْرٍ أُنْثَوِيٍّ، تَفُوحُ رَائِحَتُهَا الزَّاهِيَةُ فِي المَنْزِلِ.
"بِاسْمِ زَهْرَةِ الفَاوَانْيَا سَوْفَ أُحَدِّثُكَ:
أُحَيِّيكَ جُونغكُوك، بِاسْمِكَ المَعْرُوفِ سَبْقًا، وَأُهْدِيكَ هَذِهِ الزَّهْرَةَ لِأُعَبِّرَ لَكَ عَنْ هَذِهِ البِدَايَةِ.
دَعْنَا نَبْدَأُ مِنْ هُنَا لأَنَّنِي لا أَعْرِفُ مَتَى نَنْتَهِي.
أَنَا زَهْرَةٌ أَشْرَقَتْ فِي هَذَا الشِّتَاءِ رَغْمَ الشُّحُوبِ الَّذِي يَمُرُّ فِي طَيَّاتِهَا. أَتَمَنَّى أَنْ أَكُونَ فَاوَانْيَا بَيْنَ يَدَيْكَ، زَهْرَةَ بَدَايَةٍ تَحْمِلُ وَعْدَ الحَيَاةِ فِي أَلْوَانِهَا، حَتَّى وَإِنْ كَانَتْ زَهْرَاتِي خَجُولَةً أَمَامَ الفِرَاقِ الَّذِي يَتَرَقَّبُنَا.
أُرِيدُ أَنْ أَتْرُكَ أَثَرًا صَغِيرًا، بَدَايَةً تُضِيءُ قُلُوبَنَا وَلَوْ لِوَهْلَةٍ، لِتَعْرِفَ أَنَّنِي مَعَكَ كَالفَاوَانْيَا، نَقِيَّةٌ وَقَوِيَّةٌ، مَهْمَا كَانَ العُمْرُ قَصِيرًا. دَعْنَا نَبْدَأُ، يَا عَزِيزِي، كَمَا تَتَفَتَّحُ الزَّهْرَةُ رَغْمَ عِلْمِهَا بِذُبُولِهَا، مُتَغَافِلِينَ عَنِ النِّهَايَةِ، عَابِرِينَ كَأَنَّنَا لا نَعْرِفُ سِوَى الحَيَاةِ."