حـقـيقـة صـادمـة

4 1 0
                                    


"الحب هو سر يتسرب بين الصمت والظلال، لا يُرى ولا يُمسك، لكنه يتغلغل في الروح مثل نغمة قديمة. هو لغز بلا بداية ولا نهاية، يخفي أكثر مما يكشف."

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في أحد أروقة الملجأ، كانت الأضواء خافتة، والهواء يزداد برودة مع كل خطوة. المكان نفسه كان يعكس شعورًا باليأس والعذاب، وكأن الجدران المتهالكة قد امتصت صرخات الأطفال الذين عانوا داخله لسنوات طويلة. صرخات تعود إلى أذهانهم كل ليلة، تتجدد في ذكرياتهم المكسورة.

في غرفة صغيرة بزاوية مهملة، كان مروان يقف بيده عصا حديدية سميكة، وعيناه المتوهجتان بالحقد ترقبان كل حركة من حوله. بجانبه كانت تقف مشيرة، أمه، بوجه جامد خالٍ من أي تعبير إنساني. كانا يجلسان هناك، يتبادلان النظرات بينما الأطفال كانوا مجتمعين في الزاوية المقابلة، خائفين، منتظرين عقابًا جديدًا.

دخلت فيروز، طفلة صغيرة بوجه شاحب وملامح خائفة، ولكنها تحمل في عينيها بريق مقاومة لم تستطع إخفاءه. كانت تعلم أن كل مرة تدخل فيها هذه الغرفة تخرج منها بألم أكبر، لكن هذه المرة كانت مختلفة، كانت تشعر بها في عظامها.

مشيرة (بلهجة ساخرة):
"آه، فيروز جات! كنت فاكرة إنك بتفكري تهربي، بس واضح إنك مش شاطرة في ده برضه."

فيروز لم ترد. كانت واقفة، تحاول أن تتماسك، رغم أن جسدها كان يرتجف خوفًا. تنهدت بصوت منخفض، ثم نظرت إلى مشيرة بعينين مليئتين بالخوف والرهبة، لكن دون كلمة.

مروان (بصوت قاسي):
"هتيجي هنا من غير كلام! فاكرة إنك لما تسكتي هنهون عليكي؟"

تحرك مروان نحوها بخطوات بطيئة، وكان صوت خطواته يرتجف في آذان الأطفال الآخرين الذين ينظرون إليه من بعيد. أما فيروز، فكانت تحاول أن تسيطر على جسدها، تحاول أن تُخفي خوفها الذي يكاد يفضحها.

كانت فيروز تعلم جيدًا ما الذي ينتظرها. في كل مرة يُستدعى أحد الأطفال إلى هذه الغرفة، يعود بجسد مليء بالكدمات وروح منهارة. لم يكن الألم هو الشيء الوحيد الذي تخافه، بل الذل والمهانة، ذلك الشعور بأنها عاجزة تمامًا عن الدفاع عن نفسها أو عن الآخرين.

في تلك اللحظات، كان شعور الخوف مختلطًا بشيء آخر، شعور عميق بالمقاومة. ربما كان الأمل الذي يرفض أن يموت بداخلها، حتى لو كان ضعيفًا. كانت تقاوم الانهيار، تقاوم البكاء أمامهم. كانت تعلم أن الدموع لن تزيدهم سوى متعة، ولن تزيدها سوى ضعفًا.

مشيرة (بصوت منخفض):
"إنتِ عارفة إن مفيش فايدة في مقاومتك، صح؟ كلكم حاولتوا، وكلكم فشلتوا. إحنا اللي بنحدد مصيرك هنا."

فيروز نظرت إليها بعيون مليئة بالخوف، لكن خلف هذا الخوف كان هناك غضب، غضب خافت لكنه حاضر. لم تتحدث، لأنها كانت تعلم أن أي كلمة ستزيد من وطأة العقاب.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 7 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أونومالياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن