الفصل الأول: لقاء غير متوقع
كان ليام يجلس كعادته خلف البيانو في ركنه الخاص بالمقهى الصغير، يعزف بيديه مقطوعة هادئة تُغرق المكان بجو من السكينة. هو شخص لا يلفت النظر، هادئ لدرجة قد تجعله يبدو غير مرئي وسط الزبائن المترددين على المكان. كان يفضل العزف عن الحديث، يجد في الموسيقى ملاذًا من هموم الحياة. خلف هذا العزف الهادئ كانت هناك جروح قديمة يحملها ليام في قلبه، لم يتحدث عنها لأحد، فهو يعتقد أن العالم لا يهتم بما يختبئ وراء جدار خجله.
في إحدى ليالي الخريف، دخلت إميلي إلى المقهى لأول مرة. عيناها تبحثان عن طاولة في زاوية هادئة، فهي معتادة على البحث عن أماكن مميزة حيث يمكنها إيجاد إلهام لكتاباتها. كانت تملك شعرًا بنيًا طويلًا وتعلو وجهها ابتسامة مشرقة لا تنم عن حزن دفين. أخذت مقعدها وطلبت قهوتها، ثم بدأت تتجول بعينيها في أرجاء المكان حتى وقعت عيناها على ليام.
كان ليام غارقًا في عزفه، بدا وكأنه في عالم آخر، أصابعه تتحرك برقة على مفاتيح البيانو لتخرج منها نغمات تأسر القلوب. لاحظت إميلي كيف كانت ملامحه تتبدل بين هدوء عميق وشيء أشبه بالحزن، وهذا جذب انتباهها، شعرت وكأن هناك قصة لا تزال مخبأة وراء عزفه.
بعد مرور بعض الوقت، لم تستطع كبح نفسها عن الاقتراب منه. بعد انتهاء معزوفته، تحركت نحو البيانو بحذر وابتسامة خفيفة ترتسم على شفتيها. نظرت إليه وقالت بصوت واثق وهادئ، "عزفك رائع، لم أسمع شيئًا بهذه الروعة منذ فترة."
رفع ليام عينيه نحوها ببطء، بدا عليه بعض الارتباك، فهو لم يعتد على أن يأتيه أحد ليعبر عن إعجابه بموسيقاه. قال بخجل، "شكرًا… أنا فقط أعزف لأني أجد فيه سكوني."
ابتسمت إميلي وقالت: "أنا كاتبة، وأحيانًا أجد في الموسيقى الكلمات التي لا أستطيع كتابتها. عرفت أن هناك قصة في عزفك، لا بد أنك تعبر عن شيء ما."
كانت كلماتها جريئة نوعًا ما، لكنها لم تكن تقصد أن تتطفل على خصوصيته، وإنما رغبت في إظهار اهتمامها بما يقدمه. ليام شعر بشيء من الارتياح تجاه حديثها، لكنه كان يخشى الخوض في تفاصيل حياته الخاصة. قال بصوت منخفض، "ربما… كل شخص يجد طريقته للتعبير."
جلسا معًا وتبادلا حديثًا بسيطًا، لم يكن ليام معتادًا على التحدث عن نفسه، لكن شيئًا ما في إميلي جعله يشعر بالراحة. تحدثا عن الموسيقى والكتب، وعن الأحلام الصغيرة التي لا يفصح عنها عادة.
عندما حان وقت مغادرتها، نظرت إليه وقالت بابتسامة دافئة، "أتمنى أن أراك في المرة القادمة، ليام. لا تتوقف عن العزف."
لم يرد، فقط اكتفى بإيماءة خفيفة وابتسامة خجولة. وبينما كانت تغادر، شعر بشيء غريب في قلبه، وكأن حياتَه الهادئة على وشك أن تتغير.
هذا اللقاء، البسيط والعابر، ترك في قلبه أثرًا غير مفهوم، وترك له شعورًا بأنه قد يجد في إميلي ما لم يجده من قبل - شريكًا يمكنه أن يشاركه موسيقاه، وربما أيضًا أسراره.
أنت تقرأ
اغنية المساء
Romanceهي قصة رومانسية تدور حول ليام، شاب خجول وهادئ يعمل كعازف بيانو في مقهى صغير. خلف شخصيته الهادئة، يحمل قلبه مشاعر عميقة وجروح قديمة لم يتعافَ منها بعد. يدخل إلى حياته ضوء جديد عندما تتردد إميلي على المقهى بانتظام؛ هي كاتبة حيوية وجريئة، تُعرف بشخصيته...