خطوات صغيرة نحو القلب

1 0 0
                                    

الفصل الثاني: خطوات صغيرة نحو القلب

مرت أيام بعد لقائهما الأول، لكن إميلي لم تتوقف عن التفكير في ليام والموسيقى التي كانت تعزف على يديه برقة، كأنها سر مشترك بينهما. في الليالي التالية، أصبحت تتردد على المقهى بانتظام، تختار الطاولة ذاتها في الزاوية، تطلب قهوتها، وتجلس بصمت تستمع إلى موسيقاه.

في إحدى الأمسيات، وبينما كان ليام يعزف مقطوعة هادئة، دخلت إميلي وجلست في مكانها المعتاد. بمجرد أن لاحظ وجودها، شعر بنبضة غير معتادة في قلبه. لم يكن اعتاد رؤية وجه مألوف بين الزبائن، بل لم يتوقع أن تعود مجددًا، ومع ذلك كان يجد في حضورها نوعًا من الراحة غير المألوفة.

بعد انتهاء معزوفته، وقفت إميلي وتوجهت نحوه بابتسامة واثقة، قائلة: "لقد حفظت مقطوعتك الأخيرة عن ظهر قلب… هل تعزف دائمًا الموسيقى التي تؤلفها بنفسك؟"

نظر إليها بارتباك واضح، لكنه أجاب بخجل، "أحيانًا... أعزف ما يخطر ببالي."

بفضول عميق، جلست إميلي بجانبه قائلة، "حسنًا، هل تسمح لي بأن أطلب شيئًا؟ أريد أن أسمع ما لا تقوله الموسيقى."

لم يفهم ليام مقصدها في البداية، لكنه كان يشعر أن هذا الحديث يتجاوز حدود الكلمات المعتادة، كأنها تحاول الوصول إلى عمق لم يصل إليه أحد من قبل. وفي لحظة شجاعة نادرة، قال بصوت منخفض، "ليس لدي الكثير لأقوله... الكلمات ليست قوتي."

ابتسمت إميلي بلطف وقالت، "ربما، ولكن أحيانًا، الصمت نفسه يكون حديثًا."

تبادلا حديثًا لطيفًا امتزجت فيه النكات الخفيفة مع لحظات الصمت المتبادلة، وكأن كليهما يحاول الاقتراب من الآخر بخطوات صغيرة لكنها واضحة. تحدثا عن الأشياء البسيطة، عن تفاصيل يومية وتطلعات مخفية، لكن شيئًا في عيني إميلي كان يكشف عن فضول أكبر ورغبة في معرفة ليام على نحو أعمق.

وبعد بضع لحظات من الحديث، قالت له، "أتعلم يا ليام؟ أعتقد أن هناك شيئًا في قلبك لم تعبر عنه بعد. أستطيع رؤيته في موسيقاك."

كانت كلماتها صريحة، لكنها لم تكن ثقيلة عليه، بل شعر وكأنها تشعر به بطريقة لم يعتد عليها. لم يكن متأكدًا كيف يرد، لكن تلك الكلمات نالت شيئًا عميقًا في داخله، فأومأ برأسه ببطء وقال، "ربما... ربما أنت محقة."

قبل أن تغادر إميلي تلك الليلة، نظرت إليه وقالت بابتسامة، "لا بأس، حين تكون جاهزًا، سأكون هنا لأسمعك."

بقي ليام وحيدًا بعد رحيلها، يفكر في كلماتها، وفي الوعد الذي تركته دون أن تطلب منه أي شيء. كان هذا اللقاء مختلفًا، شعر بأن حياته البسيطة قد بدأت تتلون بلون جديد. إميلي لم تكن فقط زائرة عابرة، بل بدأت تكوّن مكانًا في قلبه دون أن يشعر.

عاد إلى بيته تلك الليلة، وأخذ يفكر في كل شيء، كيف يمكن لشخصٍ جديد أن يحمل هذا التأثير عليه؟ هل كان فعلاً بحاجة إلى من يشاركه هذا الجزء المخفي من حياته؟

اغنية المساء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن