رنيم

98 8 2
                                    

في وهج الشمس الحارقة، حيث تنبض الصحراء بسكونٍ قاتل، كان عبدالإله يقود دبابته الحربية بقوة وعزيمة لا تعرف التراجع. الرمال تتطاير من تحت جنازير الدبابة الثقيلة، وتُحدث صوتًا أشبه بالزئير، كأن الصحراء نفسها تفتح الطريق أمامه. كانت عينيه تلمعان تحت خوذته العسكرية، نظراتٌ مشحونة بعزم لا ينكسر، لا يرى أمامه سوى الهدف، ولا يسمع سوى دقات قلبه ونبضات الصحراء.

على بعد أمتار قليلة، كان الإرهابي اللعين يحاول الفرار، يركض بشراسة ويختبئ بين التلال الرملية المتناثرة، وكأن الرمال نفسها تحاول أن تحجبه. عبدالإله لم يُظهر أي رحمة، رفع رشاشه بيد ثابتة، عازمة على إنهاء المهمة، وبدقةٍ عسكريةٍ باردة صوب نحو الهدف، أنفاسه تتناغم مع إيقاع إطلاق النار.

كان عبدالإله نموذجًا للجندي الذي لا يعرف الضعف ولا يرحم. صلابة ملامحه تحت خوذته كانت شاهدة على معارك خاضها بكل قوة، قلبه مدرب على الصمود، وعقله لا يفكر سوى في الفوز أو إنهاء المهمة. لم يكن هذا مجرد مطاردة، بل كان معركة شخصية، كان عبدالإله يرى في عيني ذلك الإرهابي تحديًا لن يقبل إلا بإزالته.

في لحظة حاسمة، ضغط على الزناد، وتردد صدى الرصاصات بين تلال الرمال، وكأن الصحراء نفسها تحتفي بانتصار آخر للضابط الصارم

تردد صدى صرخة الإرهابي بين كثبان الصحراء الممتدة، وهو يتلوى بألم، معانقًا ساقه التي اخترقتها رصاصة عبدالإله القاتلة. كان الألم مريرًا، يجعل أنفاسه تتقطع، بينما يقف عبدالإله على بُعد خطوات منه، ينزع خوذته الثقيلة، ويمسح العرق عن جبينه بنظرة حادة تتحدى لهيب الشمس الحارقة. أخذ شهيقًا عميقًا، وكأن الصحراء تستمد منه هيبتها، ثم بخطوات ثابتة ومهيبة، اقترب نحو الإرهابي الطريح أمامه.

انحنى فوقه، وملامحه تتجمد بجمودٍ لا يقبل التفاوض، بينما قبضته القاسية تستعد لتمطره بعنف. لكمه بقسوة، جعلته يشعر كأن عظام وجهه تهتز مع كل ضربة. بصوتٍ أجش لا يترك مجالاً للرحمة، سأل بلهجته التي تقطر صرامة:

"وين موقع عمليتكم الجاية يا خونة؟!"

لكن الإرهابي كان يحاول التماسك، يفتح فمه وكأنه يوشك على الإجابة، إلا أن عبدالإله لم يمنحه فرصة للهرب بالكلمات، بل عاجله بلكمة أخرى، تلاها أخرى، كأن قبضته تود انتزاع الحقيقة من أعمق أعماق روحه.

في كل لكمة، كان هناك درسٌ في الصرامة، رسالةٌ بأن لا تهاون أمام من يهدد أمن البلاد.

وسط الرمال الحارقة، كان الإرهابي يئن تحت وطأة الألم، عينيه تلمعان بمزيج من الرعب واليأس، وهو يحاول التمسك بآخر حيلة له: التفاوض والخداع. ارتجفت كلماته بالوعود الكاذبة، محاولاً بث التردد في قلب عبدالإله، لكن الضابط الصارم لم يبدِ أي إشارة ضعف. كان ينظر إليه بنظرات ثابتة كالصخر، وجهه خالٍ من أي رحمة، وكأن العواطف لم تجد سبيلاً إلى قلبه منذ زمن طويل.

ملاكي  | My angleWhere stories live. Discover now