الفصل 06
ظننتُ دائمًا أن لقائي الأول مع جي يان شي كان عندما كنتُ في الثالثة عشرة من عمري، لكن في الحقيقة، كنَّا قد التقينا قبل ذلك بثلاث سنوات.
منذُ طفولتي، لم يكن لديّ أي أصدقاء، وكان جي يان شي أول صديق ليّ وأيضًا الوحيد.
على عكس الآخرين، لم يسخر مني لعدم وجود أم لديّ، ولم يصف أمي بالمجنونة.
كان هادئًا وجميلًا، وإن لم يكن كثير الكلام.
في أحد الأيام، عندما بدأت السماء تمطر، رأيته يقف تحت مبنى المدرسة وكأنهُ ينتظر توقف المطر.
أمسكتُ بالمظلة التي كانت في يديّ، واتجهت نحوه وقدمتُها له.
"سأعطيك مظلتي، هل يُمكنك أن تكون صديقي؟"
نظر إليّ جي يان شي لكنهُ لم يأخذ المظلة ولم ينطق بكلمة.
شعرتُ ببعض القلق، فدفعتُ المظلة إلى ذراعيه وهربتُ تحت المطر.
لم يكن لديّ سوى مظلة واحدة.
أردتُ أستخدامها كوسيلة للحصول على صديق.
بما أن جي يان شي قبل مظلتي، فلا يُمكنه رفضي بعد الآن، أليسَ كذلك؟
أزداد المطر غزارة، فلم يكن لديّ خيار سوى البحث عن ملجأ تحت أحد الأسطح.
لم أكن في عجلة من أمري، إذا تأخرتُ في العودة، سيخرج الخادم للبحث عني.
الأمر فقط أنني لن أتمكن من مقابلة أمي حتى وقت لاحق من اليوم.
عند قدميّ، كانت قطة صغيرة نائمة بسلام. جلستُ بجانبها وأخذتُ أداعبها لتمضية الوقت.
لم أكن أعلم كيفَ وجدني جي يان شي، لكن عندما وقف أمامي وأمام القطة، وهو يحمل مظلتي الصغيرة المزينة بالورود، بدأ طويلًا جدًا.
"تشاو يان يي، ألن تعودي إلى المنزل؟"
لم أجب.
أمال المظلة باتجاهي قليلًا وقال، "هيا، سأوصلكِ إلى المنزل."
كنَّا مجرد طفلين صغيرين، وبالكاد كانت المظلة تكفينا.
بحلول الوقت الذي وصلنا فيه إلى منزلي، كان المطر قد خفّ كثيرًا. سألته، "هل نحنُ أصدقاء الآن؟"
نظر إليّ بنفس الطريقة، لا ببرود ولا بلطف، وقال، "هل تحتاجين حقًا إلى صديق لهذه الدرجة؟"
خفضتُ رأسي وقلتُ، "ليسَ لديّ أي أصدقاء."
صمت جي يان شي لبرهة، وكأنهُ أطلق تنهيدة.
"حسنًا، هذا لأنهم بلا ذوق. لا تحزني."
"من الآن فصاعدًا، سنكون صديقين مقربين."
ابتسمتُ بسعادة، ركضتُ إلى الداخل، وأحضرتُ مجموعة من الوجبات الخفيفة المفضلة لديّ، لكن عندما عدتُ، كان جي يان شي قد رحل.
خططتُ لإعطائها له في اليوم التالي.
عدتُ إلى غرفتي، استحممتُ وغيرتُ ملابسي، وصعدتُ إلى الطابق العلوي إلى تلك الغرفة المقفلة.
هناك كانت أمي.
لم أكن طفلة بلا أم. كانت أمي جميلة، لطيفة، وتحبني كثيرًا.
كانت تجفف شعري وتضفره أيضًا.
لقد كانت أمي أفضل أم في العالم.
عندما فتحتُ الباب، كانت أمي جالسة بجوار النافذة، تحدق في مسافة. عندما رأتني، ابتسمت.
أمسكت بالمنشفة التي بجانبها، ثم نزلت من عند النافذة الكبيرة، وكانت السلاسل الحديدية المثبتة على كاحلها تهتز.
"لماذا لم تجففي شعركِ مرة أخرى؟ يا صغيرتي، ستصابين بالبرد إذا فعلتِ ذلك."
كانت السلسلة المثبتة على كاحل أمي قصيرة، لا تسمح لها بالتحرك إلا ضمن حدود الغرفة. أسرعتُ نحوها، وشعرتُ بالذنب قليلًا وقلتُ، "لستُ أشعر بالبرد."
"أردتُ فقط رؤيتكِ في أسرع وقت."
احتضنتني أمي برفق وجففت شعري بالمنشفة. أخبرتُها عن الصديق الجديد الذي تعرفتُ عليهِ اليوم.
عندما أكون مع أمي، كانت قليلة الكلام، وكنتُ أنا التي تثرثر.
كانت تقول إنها تحب الاستماع ليّ وأنا أتحدث عن يومي، رغم أنني دائمًا ما كان لديّ الكثير لأقوله، ولم أنتهِ في الوقت المحدد.
لم يكن اليوم مختلفًا. بالكاد وصلتُ إلى منتصف الحديث عندما طرق الخادم على الباب، كان قد حان وقت مغادرتي.
كان أبي قد وضع قاعدة بألا أقضي مع أمي أكثر من نصف ساعة يوميًا.
كنتُ مترددة في الرحيل، لكن أمي كانت تبتسم ليّ وهي تودعني.
"أراكِ غدًا، يا صغيرتي."
نزلت بصعوبة، لكني لمحتُ كاحلها، وكان هناك جرح جديد محيط به، وقد تلطخ طرف ثوبها الطويل بالدماء.
لا بدَّ أن أمي قد حاولت المقاومة مرة أخرى اليوم.
وضعتُ يديّ بلطف على كاحلها الشاحب النحيف.
"أمي، هل يؤلمكِ؟"
ربتت أمي على رأسي دون أن تقول شيئًا.
كان صوتي يرتعش بينما حاولتُ حبس دموعي.
"أمي، أرجوكِ لا تقاومي بعد الآن."
ابتسمت إبتسامة رقيقة وقالت، "حسنًا."
في ذلك الوقت، لم أكن أفهم شيئًا. كنتُ فقط أتمنى ألا تتألم، وألا تشعر بأي ألم.
لكنني لم أفكر أبدًا فيما قد يعنيه ذلك بالنسبة لها.
يُتبع....