الفصل السادس و الثلاثون _ العرين2 _ :

3K 367 33
                                    

كل الأقاويل و التعليقات التي توقعتها.. سمعتها كلها منذ بدء الأمسية في الهمهمات من حولها ..

سيدات الطبقة العليا ربما ظنن أنها لم تسمع.. لكنها سمعت و رأت كل شيء.. في غمزاتهن فور أن رأينها.. في لمزاتهن كلّما أدارت لهن ظهرها ..

"فريال هانم مش باين عليها التعب.. غريبة دي لسا خارجة من المستشفى!"

"طول عمرها قوية و مش بتكبر أبدًا!"

"الله يكون في عونها ازاي قدرت تتقبل بنت يحيى البحيري من ست تانية!؟"

"محدش تخيّل انها تستسلم للأمر الواقع لأ و ترضى تعيش مع دليل الخيانة في مكان واحد!"

"معقول قصة الحب الكبيرة اللي كانت بينها و بين يحيى تبقى اخرتها خيانة!"

سمعت "فريال" كل هذا.. لكنها بقيت مصرّة على التظاهر بأنها لم تسمع.. و تابعت السهرة محافظة على ابتسامتها الرقيقة.. مختالةً بأناقتها و جمالها الآخاذ الذي لا يعرف معنى الهرم ...

-مش معقول !!

أدارت "فريال" رأسها لتنظر إلى الصوت الرجولي الذي كان قريبًا منها للغاية ..

ابتسمت له تلقائيًا.. كان رجلًا من نظرة واحدة بوجهه قدّرت عمره.. ربما جاوز أواسط الستينات.. لكنه بدا وسيمًا.. إمارات الثراء واضحة عليه بشدة ...

-مساء الخير ! .. قالتها "فريال" بصوتها الرقيقة ملقية عليه التحيّة

ضمّ الرجل كفيّه معًا أمام وجهه معربًا عن تأثره و هو يقول :

-فريال هانم.. فريال هانم المهدي.. انا مش مصدق عنيا.. بعد كل السنين دي بشوفك تاني !

عبست "فريال" و لا زالت مبتسمة و قالت :

-كنا نعرف بعض !؟

هز الأخير رأسه.. إلتمعت عيناه و هو يجاوبها :

-أصغر بنت في الإسكندرية.. قصر المنتزه في حفلة ملكات الجمال سنة 86.. قدّمتك على المسرح و بعد الإعلان عن النتيجة لبّستك التاج بإيدي.. وقتها صورنا مع بعض غرّقت الجرايد.. معقول لسا مش فكراني ؟

أضاء الإدراك تعابير وجهها و هي تصيح بذهولٍ بغتةً :

-حسيـــــن !!!

تصافحا على الفور بحرارةٍ كبيرة.. كان المشهد كفيلًا بجذب أعين الحضور قاطبةً.. بينما تستطرد "فريال" بعدم تصديق :

-أما مفاجأة صحيح.. مش معقول.. حسين عزام.. ده انا انسى أي حد الا انت بجد.. مش الحفلة بس اللي ربطت بينا يا حسين ده انت كنت جارنا ..

أومأ "حسين" قائلًا بحنينٍ إلى زمنٍ خلى و لن يعود :

-و ياريت.. ياريتني فضلت جاركوا يا فريال هانم.. ياريتني ما سيبت الإسكندرية ابدًا.

كُرْسِيِّيٍّ لَا يَتَّسِعُ لِسُلْطَانكَ _ سلسلة "عزلاء أمام سطوة ماله"ج٤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن