الفصل الثامن و الثلاثون _ حياتي لكِ _ :

2.3K 280 25
                                    


يحمل "عثمان البحيري" أخته "شمس" بين ذراعيه شاكرًا طاقم الإسعاف الذين أقلّوها في السيارة المخصّصة لتعود معه إلى المنزل بناءً على رغبته.. كانت في دِثارٍ خفيف هو يخطو بها نحو القصر ..

وجهه يعكس القلق و العبء الذي يشعر به.. "شمس" فاقدة الوعي تمامًا بسبب جرعة المهدئ التي أعطاها لها الطبيب في المستشفى لتساعدها على الهدوء بعد محاولتها الانتحار.. عيون "عثمان" تلمع بالقلق الشديد على حال أخته.. و صوت تنفسه ثقيل مع كل خطوة يخطوها.. ترافقه "رحمة" ساعية خلفه.. و خطيبها "إبراهيم" الذي يظل صامتًا.. يتابع المشهد بهدوء.. لكنه يشعر بتوتر غير مُعلن.. يبدو أنه يفكر في شيء آخر.. يراقب الوضع عن كثب دون أن يتدخل ..

يخطو "عثمان" بخطوات سريعة داخل القصر.. عينيه تركزان على "شمس" بين ذراعيه.. و هو يحاول أن يحافظ على توازنها بينما يرتقي بها إلى المصعد الكهربائي برفقٍ.. "رحمة" تستقلّ معه تاركة "إبراهيم" ينتظرها بالأسفل.. على وجهها تعبيرٌ من القلق العميق ..

يرفع "عثمان" عينيه نحو "رحمة".. و لكن عينيه تعكسان مشاعر الإرهاق و التوتر.. يعترف في نفسه أنه ليس فقط قلقًا على "شمس" لكن أيضًا على كل ما يحدث من حوله.. شقيقته الأخرى.. و أمه.. لا يزال أمرها عالقًا و لم يبت فيه بعد ..

يتابع خطواته خروجًا من المصعد إلى الطابق الثاني حيث غرفة "شمس".. لحظة دخولهم إلى الغرفة.. يضعها على السرير برفقٍ ..

يهمس لأخته و هو يشدّ الغطاء على جسدها :

-انتي هاتكوني بخير يا شمس.. مافيش حاجة تانية تهم دلوقتي !

ثم يرفع رأسه و ينظر إلى "رحمة" التي تراقب الموقف بتأثر.. قبل أن يوجّه كلامه إليها بجدية :

-خلّي بالك منها يا رحمة.. لو احتاجت أي حاجة.. خليكي جنبها طول الوقت.. هاتحتاج راحة و مراقبة لحد ما ترجع لوعيها و نطمن عليها.

تدمع عينيّ "رحمة" و هي تقترب من السرير لتجلس بجوار ابنتها.. تمسح على شعرها متمتمة بهدوء :

-ماتقلقش يا عثمان.. دي كانت مسؤوليتي لوحدي سنين طويلة قبل ما تكون مسؤوليتك دلوقتي.. انا مش هاسيبها لحظة.. هكون هنا لحد ما تقوم.

يستمع "عثمان" إلى كلماتها.. بينما يطيل النظر في "شمس".. متأكدًا من أنها في أيدٍ أمينة هنا معه.. تحت سقف بيته.. لم يقلقه "رامز" الآن و لا من قبل.. فهو كان واثقًا من انه سيأتي الليلة و تركه يلج إلى قصره لينهي هذه القضيّة مرةً واحدة و إلى الأبد ..

و لكن كان لأخته رأيًا آخر.. أخته التي توّرطت بمشاعرها مع صديقه إلى أقصى الحدود فعلًا.. يشعر بحزنٍ عميق و هو يراها فاقدة الوعي.. و يدرك أنه رغم محاولاته لحمايتها.. فقد وصلت إلى هذه النقطة الصعبة من حياتها لأنها لا تساعده.. لا تقتنع بأنه لا يريد سوى مصلحتها.. لا تفهم بأنها الآن أولويته الأولى لأن أبيه تركها في رقبته ..

كُرْسِيِّيٍّ لَا يَتَّسِعُ لِسُلْطَانكَ _ سلسلة "عزلاء أمام سطوة ماله"ج٤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن