الفصل التاسع و الثلاثون _ لم يُعد سرًّا _ :

1.7K 257 19
                                    


تتسلّل خيوط الشمس عبر الأشجار العتيقة.. و تغمر الحديقة بأشعتها الذهبية الناعمة.. الأجواء هادئة.. مُعبّقة برائحة الزهور و العشب الطازج.. حيث يجلس كلًا من "عثمان البحيري" و زوجته "سمر حفظي" إلى طاولة خشبية في زاوية الحديقة.. و كأنهما يُعيدان اكتشاف كل لحظة معًا ..

وسط صمتٍ يملؤه الفهم المشترك و المحبة العميقة.. ينظر "عثمان" إلى "سمر" بابتسامةٍ خفيفة.. بينما هي تجلس قبالته.. مستمتعة بوجبة الإفطار التي أعدّها الخدم بتنسيق ذوقي رفيع ..

يمد "عثمان" يده عبر الطاولة ملامسًا جانب وجهها و هو يقول بصوتٍ هادئ :

-انا حاسس اننا رجعنا بالزمن.. كأننا بنبدأ من اول و جديد يا سمر.. حتى البيبي الجديد بيفكرني بذكريات رغم قسوتها علينا احنا الاتنين.. لكن مشتاق لها جدًا.

تبتسم له "سمر" لكن عينيها تلمعان بمشاعر مختلطة.. فكرة أن تكون أمًا للمرة الثالثة تحملها بداخلها.. هي التي لا تتذكر المرتين السابقتين بالتفصيل.. و لكن في الوقت نفسه تشعر بالكثير من التفاؤل لما يحمله المستقبل ..

تخطف يد "عثمان" لتطبع قبلة رقيقة في باطن كفّه متمتمة :

-فاكر لما كنت بتقول و تحكي لي ان الحياة مع ولادنا يحيى و فريدة كانت مليانة تحدّيات ؟ المرة دي انا حاسة ان ده اكبر تحدّي لينا.

عثمان مبتسمًا : صدقيني كل مرة بيكون لها طعما الخاص.. هاتفتكري كل حاجة.. المهم دلوقتي.. الحظة اللي بنعيشها مع بعض هي الأهم.

يملؤها شعورٌ قوي بالحب تجاهه.. فتنتقل في كرسي بجواره.. تضع رأسها على كتفه لفترةٍ قصيرة.. قبل أن تتنهد براحةٍ.. يبدو عليها الارتياح مؤخرًا.. بعد أن ضمنت معه الأمان الذي لطالما نشدته ..

كيف لها أن تنسى رجلٌ مثله ؟

كيف لعقلها أن يقترف مثل هذا !؟
_____________

خرجا بعدأن فرغا من تناول الفطور مباشرةً ..

تنطلق سيارة "عثمان" الفـارهة في الطريق المجاور للبحر الفيروزي الثائر.. زوجته في الكرسي المجانب له.. و الأجواء الرومانسية ما زالت تحيط بهما ..

و بينما "عثمان" يقود بسلاسةٍ.. تصدح موسيقى هادئة عبر جنابات السيارة.. إل إن "سمر" شاردة في أفكارها و لا تستمع.. كما لو أن ذهنها يسبح بين ذكريات الأمومة المفقودة و القلق على الجنين الذي ينمو في أحشائها.. لكن برغم كل شيء نظراتها لا تترك يد "عثمان" التي تمسك بالمقود بسيطرةٍ محكمة ..

-كنت خايفة لما اكتشفت الحمل ! .. قالتها "سمر" بغتةً بصوتٍ خافت.. و أكملت :

-خصوصًا و انا لسا حاسة نفسي جوا دوّامة و مش قادرة افتكر تفاصيل حياتي اللي فاتت معاك و مع ولادنا... بس ده تالت طفل يا عثمان.. يعني مسؤولية أكبر. انت شايف ان انا قادرة ؟

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: a day ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

كُرْسِيِّيٍّ لَا يَتَّسِعُ لِسُلْطَانكَ _ سلسلة "عزلاء أمام سطوة ماله"ج٤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن