الفصل|09

938 118 20
                                    

                  الفصل التاسع| عرض زواج

﴿نحن نعيش في عصر التفاهة حيث حفل الزفاف أهم من الحب ومراسم الدفن أهم من الميت والمعبد أهم من الله ﴾.

إدوارد غاليانوا

أقف في الخارج أمام تلك البوابة الكبيرة ، لازلت بثياب الحفلة ، التي حظرتها منذ ساعات ، خضت بهابعض اللحظات السعيدة مع ذلك الصغير والتي كنت قد إفتقدت إليها في حياتي سابقا ، لدرجة أنني إعتدت على غيابها وقد نسيت فعلا ذوقها و لذتها نسيت كيف يكون طعمها ، نسيت كيف يكون إحساس الإنسان عندما يشعر أنه في مكانه المناسب في عالمه الذي ينتمي إليه ، وسط أناسه ، تلك اللحظات التي يشعر فيها بالطمأنينة تغمر صدره وتغرقه بها والسعادة تغلفه ، تلك اللحظات التي يستنشق بها هواء يدخله لرأتيه من دون أن يشعر بثقل يكاد يهلكه ، كانت لحظات قصيرة ، جميلة أحيت جانبا من روحي الميتة .

أكاد أتجمد هنا بردا في هذا الوقت المتأخر من الليل ، فالجو بارد جدا كالصقيع ، ربما هو في منافسة بينه وبين روحي من منهم أكثر صقيعا ، مر الكثيرون ممن حظروا الحفلة من أمامي ، أولئك الذين لا طالما تمنيت أن أعيش حياتهم وأحضى بما حضوا منها ، لم يلقي لي أي منهم نظرة واحدة وكأنني غير مرئية ، رغم حالتي هذه المزرية والدموع التي يسبح وجهي بها ، تكاد الطيور في السماء تتوقف لتنزل لي وتواسيني والحجر الساكن في الأرض يتحرك ليحتضني ويخفف عني حزني, لكن أولئك البشر الذي من المفترض أنهم

من نفس جنسي لم يلقوا لي بالا وقد تأكدت الأن أنهم

لا ينظرون إلا للأشخاص من مستواهم أما من هم من  أمثالي فوجودهم وغيابهم واحد بالنسبة لهم . تعبت من الوقوف المستمر والإنتضار من دون جدوى فلا أخي قد ضهر ولا كالفن ، تعبت من التفكير منذ ساعات بأخي ، وتخيل السيناريوهات المتشائمة حوله والتي تكاد تفتك بي ، فعقلي وكأنه عدوي يواصل رسم مخاوفي واللقطات المرعبة لخافقي في خيالي وكأن واقعي المؤلم لا يكفي فإنظم له عقلي ووقعوا إتفاقية لجعل حياتي أكثر بؤس مما هي عليه و سبغ أيامي باللون الأسود لتصبح أحلك مما كانت عليه

هل ربما أذى شخصا ما ؟ هل قاموا بإيذائه ؟ هل استطاع كالفن أن ينزع من يده تلك السكين ؟ ولما لم أنتبه لها من قبل ! لقد قضيت عدة أيام في منزلهم ودخلت للمطبخ عدة مرات لما لم أنتبه لوجود سكين كبيرة كتلك ؟ كان واضحا أنها لا تخص المطبخ فقد قام بتخبئتها تحت الثلاجة ، يبدوا أن أخي القديم قد عاد أو ربما لم يتغير ليعود لنسخته القديمة ، بل أنا التي كنت غبية لأقوم بتصديقه كل هذه السنوات ، ماذا لو لم يستطع كالفن تهدئته وهذا أمر واضح ، فمن المستحيل أن يستطيع أحد إيقاف أخي عندما يكون في تلك الحالة إلا شيئ واحد فقط ، ماذا لو طعن شخصا ما ، شخص حي يتنفس ، يشعر بالألم مثل الجميع وماذا لو توفي ذلك الشخص ودخلأخي السجن ، ستتحطم حياته ، سيقضي سنين شبابه محبوسا في زنزانة مظلمة بعيدا عن الشمس عن الحياة عن الأمل والنجاح ، سيتحطم أخي ، سیتلاشی ، سيضيع مستقبله ، في الوقت الذي يجب فيه أن يفرح ويمرح أن يعمل بجد ويتزوج ، ينجب أطفال تشبهه وتقوم أمي بتدليلهم وإغراقهم بحبها ، هو حتى لم يلتقي بأمي ويحتضنها ويشتم رائحتها ويحضى بحنانها ويخفف عنهما القليل من الشوق لم يلتقي أبي بعد ويسمح له بالتأكد كم أن إبنه قد كبر وأصبح رجلا ، لم يعد لبلاده ووطنه ويشتم عبقها وينعم بجمالها ، وماذا لو أن ذلك الشخص كان له عائلة ماذا سيحدث لهم لو تأذى ، ستتحطم قلوبهم حزنا على فقيدهم و سيقضون حياتهم في شوق مستمر له ، سيتمنون رأيته وسماع صوته دون جدوى ، وماذا لو لم يمت وعاش حياته كلها متضررا سيعيش حياته كلها في عذاب وألم وماذا لو قرر الإنتقام من أخي هو أو عائلته ، حتما سيؤذون أخي ، لن تطفئ تلك الجمرة في صدورهم حتى يحطمون أخي ويدمرون حياته لن ترتاح نفوسهم حتى يأخذون أنفاس أخي ، ماذا لو مات أخي ؟؟

disorderOù les histoires vivent. Découvrez maintenant