under the abyss 🕷(1)

47 15 27
                                    

ليلٌ ألقى ستاره كوشاحٍ مخمليٍّ مرصّعٍ بضياء القمر، تُقارع فيه النجومُ بعضها لمعانًا. كانت المدينة تنبضُ بحياةٍ صاخبة، غير أنّ على أطراف البراري الروسية، بعيدًا عن ضجيج الحضارة، استسلمت الأرض لظلمةٍ حالكةٍ تخفي في أعماقها مضمار سباقٍ سريٍّ، لا يقصده إلا أولئك الذين تعاهدوا على مجابهة الموت من أجل المجد.

في قلب هذا المسرح المترامي، تعالت أصوات المحركات، تدوي كأزيز العاصفة، بينما اصطفت السيارات كوحوش مفترسة، مستعدة للانطلاق. وقف المتسابقون، وكلٌّ منهم يختزن وراء قناعه حكاية من التحدي والمجازفة. وبين الحشود، برزت شابة، حديثة العهد بعالم السرعة والجنون. كانت أديلين، بتلك العيون العسلية التي تسلب الأبصار، تتأهب لتعلن عن نفسها في عالمٍ لا يرحم.

تقدمت بخطى واثقة، وشعرها البني الطويل ينساب كجدائل الليل، يتراقص مع نسمات الهواء البارد. بخفةٍ ونعومة، جلست خلف مقود سيارة BMW بلونٍ ذهبيٍّ قاتم، كان المحرك يزأر كما لو أنه يتحدث بلسانها، يشهر عنفوانها وتحديها.

عندما صدحت صافرة البداية، انفجرت السيارات كالسهم، مخلفةً وراءها سحبًا من الغبار. راوغت أديلين بإتقانٍ مذهل، متجاوزةً خصومها بمهارةٍ أثارت إعجاب الحاضرين ودهشتهم. لم تكن مجرد مبتدئة، بل شعلة من التصميم والجرأة، تتحدى القيود والتوقعات.

لكنّ الحشد سرعان ما ارتبك، حين دوّى صوت صاخب ينادي:
"الرئيس... لقد وصل."

عند مدخل المضمار، ظهرت سيارة Bugatti سوداء، أشبه بشبحٍ يعبر بوابة القدر، تلتف حولها دراجات نارية كحراسٍ لكائنٍ أسطوري. توقفت الأنفاس، وتوجهت الأنظار نحو الوافد.

ترجل رجلٌ طويل القامة، بهيّ الملامح، كأن الكبرياء قد نسج هيبته. كان يرتدي زيًا جلديًا أسود، وقميصًا أبيض ضيقًا، فيما انساب شعره الأسود الفوضوي على جبينه كحكايةٍ من التمرد. كان ذلك باڤيل، الرجل الذي ترتعد له الألسن قبل الأقدام.

من بين الحشد، اختبأت أديلين خلف شاب طويل، وهي تراقب المشهد بعينيها المتوقدتين. لم يطل خفاؤها كثيرًا، إذ سرعان ما لفتت انتباه دانيال، الرجل الأشقر الذي كان يرافق باڤيل. همس في أذنه بلغة روسية:
"هناك فتاة جديدة... جميلة وبارعة."

أومأ باڤيل برأسه بلا مبالاة ظاهرية، إلا أن عينيه الزرقاوين راحتا تمسحان الجموع كالباحث عن سرٍّ مكنون. وحين لمحها، ارتسمت على شفتيه ابتسامة واثقة، أشبه بتوقيع النصر قبل وقوعه.

تقدم بخطوات ثابتة نحوها، بينما الحشد يتنحّى جانبًا، كأن الريح قد شقت طريقًا له. توقف أمام أديلين، ورفع قناعها ببطء، ليكشف عن وجهٍ يفيض جمالًا ورقّة، لكنّه لا يخلو من شراسة التحدي.

قال باڤيل بابتسامة ساخرة:

"ما هذا؟ هل بدأ الأطفال باللعب هنا؟"

Bloody Vodka حيث تعيش القصص. اكتشف الآن