تسللت أديلين بخفة كأنها ظل ينساب عبر العتمة، أنفاسها متقطعة كرجع صدى خطواتها الحذرة على الأرضية الباردة. في قبضتها، احتضنت مفاتيح مرسيديس والدها، وكأنها تمسك بشيء أثمن من كل ما تملك. كان الليل يعانقها بثوبه الكحلي، وشعرها الطويل ينحدر على جانبي وجهها كستار يحجب ملامحها عن القمر المتربص في السماء.
توقفت أمام السيارة، تلك التحفة السوداء التي بدت كأنها قطعة من الليل نفسه، عاكسة أضواء النجوم على سطحها الأملس. مدت يدها المرتجفة نحو المقبض، وصوت فتح الباب بدا كصرير يفضح سرها في هدوء الليل المطلق. جلست خلف المقود، وفي تلك اللحظة، كان كل شيء حولها ساكنًا إلا نبضاتها المتسارعة التي رقصت مع صوت المحرك الذي اشتعل كوحشٍ ينتظر الإطلاق.
همست أديلين في قلبها دعاءً خافتًا، أن يبقى هذا السر دفينًا، أن لا تستيقظ العائلة على وقع خطيئتها الصغيرة. انطلقت ببطء، كأنها تخشى أن تكسر الصمت الذي يحيط بها. لكن شيئًا ما في داخلها تغير، وكأن الطريق الذي امتد أمامها كان يناديها. زادت سرعتها تدريجيًا، ومع كل دفعة على دواسة البنزين، شعرت أن الهواء يخفف من وطأة أفكارها المثقلة.
الطريق السريع بدا كلوحة تمتد بلا نهاية، خطوطه البيضاء تذوب تحت عجلات السيارة، والأضواء البعيدة تلمع كنجوم هاربة من السماء. أديلين، التي كانت تبحث عن لحظة هدوء لتصفية ذهنها، وجدت نفسها تبتعد ليس فقط عن منزلها، بل عن قيود واقعها، وكأنها تخطو نحو عالم جديد، عالم لا قيد فيه سوى سرعتها ورغبتها في التحرر.
كلما اقتربت أديلين من الساحة، تصاعدت الأصوات في الهواء كأنها نبضات قلب لا تهدأ. ضحكات الفتيان وصيحات المراهقين كانت تعانق الليل، تخترق الهدوء برعونة شابة. ساحة الدوار غمرتها الأضواء المتوهجة، والعلم الألماني يرفرف بفخر بين الأيدي، معلنًا عن انطلاقة سباق غير رسمي محفوف بالمخاطر. السيارات كانت تدور كأنها مفترسة تطارد فرائسها، تلتهم المسار تحت عجلاتها المسرعة، وصدى المحركات يملأ المكان برهبة لا تخطئها الأذن.
أبطأت أديلين سرعتها، ودارت بعينيها حول الحشد قبل أن تركن السيارة بحذر. أطفأت المحرك، وتنهدت وكأنها تستعد للانغماس في هذا العالم الصاخب. فتحت الباب بخفة، وخرجت بخطوات واثقة رغم ارتعاشها الداخلي، وكأن الطريق الطويل قد زرع فيها شجاعة جديدة.
أنت تقرأ
Bloody Vodka
Actionيا نجمةً تتهادى في مدارات السحر تنسابُ خُصلاتها كأنهارِ مسكٍ عتيق، تُلامسُ أطرافَ الريحِ بحنوٍّ ثم تعودُ لتُخفي أسرارها في غلالةٍ من غموض. عيناكِ، عسليّتان كوميضِ الرُّبى حين تنظرُ الغزلانُ للسراب، فيهما اتساعُ الأفقِ ورقّةُ المدى، وفي تحدّيهما، صوت...