"في عالم مليء بالألم والذكريات، قد يكون الحب وحده هو الحبل الذي يربطنا بالحياة، رغم كل ما فقدناه."
لم تكن لارا تدرك تمامًا ما الذي يجري حولها في تلك اللحظة. زوجها وقف على مسافة منها، يراقبها بصمت كظل ثقيل في غرفة اختنقت بمزيج من المشاعر المضطربة. منذ أن خطا إلى الداخل، لم يصدر عنه سوى تنهيدة طويلة، كأنها ترجمة لعجزه عن التعبير بالكلمات.
في الزاوية، كان صوت كاميل يملأ المكان، عبارات التوبيخ غطت على كل الأصوات في الغرفة.
وسط هذا الصخب، قُطع المشهد بدقات خافتة على الباب. كان الطبيب يقف هناك، هدوؤه الجليل يتناقض مع التوتر الذي يملأ الجو. تقدّم بخطوات ثابتة واستقام أمام سرير لارا، ناظرًا إليها بنبرة مطمئنة:
"سيدتي، بإمكانك المغادرة الآن. صحتك مستقرة."
تسللت ابتسامة واهنة إلى شفتيها، ممتزجة بالشكر والخلاص:
"شكرًا لك."
غادر الطبيب، تاركًا وراءه فراغًا عميقًا. ساد صمت ثقيل، وكأن الكلمات قد عجزت عن مواكبة اللحظة. الجميع كان على وشك المغادرة، لكن لارا، التي كانت تستند على ذراعي نور وكريس، قطعت الصمت بصوت ثابت:
"نور، ستأتين معي."
تجمد الجميع في أماكنهم. كلماتها اخترقت الهدوء مثل برق خاطف. لم يجرؤ أحد خارج دائرة المافيا على دخول قصرهم منذ سنوات، وها هي الآن تطلب نور، في تحدٍ واضح للتقاليد.
وقفت نور بجانبها بثبات، بينما حاول كريس قراءة ما يدور في عقلها. أخيرًا، ربّتت نور على كتف لارا بلطف، قائلة بإصرار:
"إذا كانت هذه رغبتك، فأنا معك."
شعرت لارا بمزيج متناقض من الارتياح والخوف. رغم كل شيء، كانت بحاجة إلى نور أكثر من أي وقت مضى.
غادروا المستشفى بخطوات ثقيلة، كأنهم يعبرون بوابة نحو عالم مختلف. كان الهواء يحمل نسمات الحرية، لكن طريقهم بدا محفوفًا بالتحديات. ومع كل خطوة، كانت لارا تستشعر بدايات جديدة، كأن الخروج من ذلك المكان لم يكن مجرد تحرر جسدي، بل بداية لرحلة اكتشاف ذاتها وقوتها الحقيقية.
*****
وصلت لارا ونور إلى قصر دي لوتشي، الذي كان مزيجًا من الفخامة والهالة المهيبة. ارتفعت جدرانه الشاهقة كحراس صامتين على أسرار مدفونة، بينما كانت البوابة العتيقة المصنوعة من الحديد الصلب تشهد على عظمة تاريخ مضى وانتهى. عندما خطتا أولى خطواتهما عبر العتبة، كان الجو مشحونًا بنظرات مترقبة؛ أكثر من تسعين عينًا تراقب دخولهما كأنهما نجمٌ عاد بعد غياب، أو لغزٌ يتجدد بعد النسيان.
أنت تقرأ
غموض الوريثة
Mystery / Thrillerلارا دي لوتشي كانت تعيش حياة هادئة ومستقرة مع عائلتها الأغنى في إيطاليا المتواجدة تحديدا في روما ، ولكن كل شيء تغير عندما وقع حادث مفجع تكتشف لاحقا انه مفتعل ، أودى بحياة والديها، وتركها مع اخيها فيليب واختها المراهقة كريستينا. بينما تحاول لارا التأ...